من الإنكار إلى القبول

| ندى نسيم

تتفاوت أوجه اللحظات الصعبة، ولعل أقساها ذاك الذي يتمثل في الفقد المفاجئ ليشكل صدمة نفسية قد تحتاج إلى وقت طويل للعلاج، ويختلف الأشخاص في تحملهم المواقف الصادمة بحسب شخصيتهم وتحملهم الضغوط التي يمرون بها خلال مسيرة حياتهم. ومع كل حالة حزن نعيشها تتشكل مشاعر مختلفة من الأسى، والتي قد تكون ظاهرة تعكس الحالة التي يعيشها المحزون، فقد تظهر في حديثه ومن خلال مظهره وملامحه أو قد تكون حالة الحزن غير ظاهرة مكبوتة لا يتم الإفصاح عنها، وهذه الحالة أشد خطورة لما يعيشه المحزون من ضغط فكري وشعوري لا يتم التنفيس عنه. لا يرحل الحزن بسرعة وذلك لارتباطه بالجانب الشعوري الحيوي، لذلك فإن من الطرق الصحية والتي تعزز الصحة النفسية أثناء الفقد السماح لهذا الحزن بأن يأخذ وقته في الفكر والشعور حتى يخف تأثيره تدريجياً، فلا يمكن تجاهل الذكريات فجأة ولا يمكن مقاومة الألم بسهولة، لذلك فإنه ينصح دائماً في تقنيات العلاج النفسي للفقد بتعزيز القدرة على التعبير عن المشاعر للانتقال من حالة الإنكار إلى الواقع مع محاولة لتخفيف الإرهاق النفسي من خلال مشاركة المشاعر الحزينة والتحدث عنها بحسب رؤية المحزون للموقف، وفي ذلك محاولة للتواصل وتجنب العزلة والانسحاب من المحيطين، الأمر الذي قد يفاقم من الأعراض ويؤدي للإصابة باضطراب الاكتئاب، إن في التعبير عن المشاعر فرصة للحديث عن الشخص المفقود من خلال ذكر سيرته الطيبة أو التصدق له، خصوصا أن هناك شعورا لدى الفاقد أن الأرواح تتواصل وتستقبل مشاعر الخير.  هناك وقت للفرح كما هناك وقت للحزن، وتكمن صلابتنا النفسية في قدرتنا على مساعدة أنفسنا لكي نشعر بتحسن أو نطلب المساعدة عند الحاجة.

كاتبة وأخصائية نفسية بحرينية