رفح... لك الله

| سليم مصطفى بودبوس

تحوّلت مدينة رفح في "قطاع العزة" إلى محطّ أنظار العالم بعد ما صار يعرف بمجزرة الخيام أو محرقة رفح؛ فقد أمطرت آلة المحتل الحربية الهمجية خيام النازحين الآمنين فجرا بوابل من الصواريخ، وقد تسبب القصف في حريق ضخم في منطقة الخيام أدى إلى استشهاد 45 شخصا، وتداولت وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي صور الأطفال المتفحمين والمقطعين أشلاء. وقد أثارت هذه العملية صدمة وغضبا عالميّا تجاه قوات الاحتلال التي استهدفت المدنيّين بعد يومين من أمر محكمة العدل الدولية بوقف العمليات العسكرية في رفح فورا. لقد تحولت رفح منذ شهور قليلة إلى مخيم كبير للاجئين الذين نزحوا إليها من شمال قطاع غزة، إما فراراً من المجازر والقصف أو مُرَحّلين قسرياً من بيوتهم، وصارت شوارع رفح مليئة بمخيمات أقمشة وبلاستيك على أعمدة معدنية، وأنشئت آلاف الخيام في الجزء الشمال الشرقي للمدينة الذي كان خالياً قبل ديسمبر 2023. وبذلك فإنّ أيّ قصف على الخيام مقصود أو بالخطأ - كما تبرر ذلك رواية الاحتلال - سيكون سببا في اشتعال هذه الخيام واحتراق الأطفال والنساء.. وهل من الصدفة أو الخطأ الحربي أن تأتي مثل هذه العمليات في رفح عشية احتفال اليهود بذكرى الهولوكوست؟ أَلَمْ يقل قائد لواء كفير (اللواء رقم 900) قبل الهجوم على رفح: "في مثل هذا اليوم قبل 80 عاما، ساق النازيون اليهود إلى الأفران عقابا على كونهم يهودا. واليوم، وفي نهاية يوم ذكرى الهولوكوست، نحن في الجيش الإسرائيلي، ذاهبون في الحرب لكي نهاجم وننتصر". هكذا وإلى عهد قريب، وقبل مجزرة الخيام تحديدا، كانت تستمدّ مدينة رفح شهرتها العالمية من معبر رفح الحدودي، كونه المكان الوحيد الذي تدخل منه المساعدات ويخرج منه المصابون لتلقي العلاج في القاهرة، لكن مع أيام الحرب هذه ومع محرقة رفح الأخيرة وما تلاها، تخطّ رفح شهرتها من بطولات رجالها وصمود نسائها. "المقال كاملا في الموقع الإلكتروني". نعم، رفح كما كل مدن القطاع تسطّر ملحمة صمود جديدة وتكتب تاريخا حافلا بالبطولات لأولئك النازحين المنكوبين الذين فرّوا من جحيم القصف وهربوا من ويلات الحرب في مخيمات غزة ومدنها الأخرى أو أجبروا على الخروج نحو مناطق "إنسانية آمنة" كما يدعي الاحتلال. رفح التي يعود تاريخ تأسيسها إلى نحو خمسة آلاف سنة، والتي يعود معظم سكانها في أصولهم إلى مدينة خان يونس، وإلى بدو صحراء النقب، وصحراء سيناء، ثم أضيف إليهم اللاجئون الفلسطينيون الذين قدموا من مختلف القرى والمدن إلى رفح بعد "النكبة" عام 1948.. مدينة بهذا الشموخ وهذا التاريخ العريق لا يمكن أن تركع إلى كيان محتل تاريخه كله محلّ نظر.