قسوة بني البشر على الحيوانات البريئة

| أسامة الماجد

شخص الكاتب الروسي يوري رايتخيو حقيقة عالمنا في مقدمة روايته الجميلة “عندما تغادر الحيتان”.. يقول: “إن الجنس البشري كله يشعر الآن بالقلق تجاه البيئة، تجاه الحفاظ على نقاء مصادر الماء العذب، أردية أرضنا الخضراء، الأحراش والغابات، المروج والسهوب، وهناك اتفاقيات دولية صارمة لحماية المحيطات والبحار، والفضاء أيضا، كما تجري حماية الطيور والحيوانات النادرة.. وهذا كله صائب وفي وقته المناسب. لكن للإنسان أيضا حياته الداخلية، وهي حياة روحية وفكرية وفنية، هذه الحياة التي أصبحت، في العالم الحديث، عرضة للتلويث، التعرية والتشويه المتعمد الذي لا يسع المرء إلا أن يرتعد له”. في بعض الأحيان أشعر أن موجة واحدة نفسها في كل مكان من العالم، موجة واحدة نفسها تدركنا جميعا في المسافة العظيمة للعالم، إنها موجة قساوة القلب وانعدام الرحمة من قلوب البشر، وكأننا نمر في أحلك عهود الإنسانية، نعيش في منجم من حديد وتيارات جارفة نحو المجهول. يفترض أن يكون الإنسان كعمود مرتفع من الجمال والرقة والوداعة والطمأنينة والجلال، لا وحشا كاسرا يتخلى عن القمة ويغوص إلى الهاوية. لماذا يتصرف الإنسان بعيدا عن المنطق والعقل، يعذب قطا أو كلبا في الشارع، ورأيت بعضهم يدهس قطة بسيارته ويخرج رأسه من النافذة ليراها وهي تتعذب وتتألم، ثم يمشي بهدوء وفي تناسق وانسجام ورأس مرفوع غير مهتم بحمل الأوزار. اقتربت من القطة وهي تتلوى من شدة الألم وتحدق في وكأنها “تسبح” يا سبحان الله، فالقطة كغيرها من المخلوقات تسبح باسم الله تعالى “يسبح لله ما في السموات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم”. حملتها وداويتها وأطعمتها وتركتها في مكان آمن، لكن تنكمش النفس وتتحجر الملامح عندما نشاهد مثل هذه القسوة من بني البشر على الحيوانات البريئة. * كاتب بحريني