عمان وروسيا بوابة الاقتصاد والتواصل بين الشرق والغرب

| د. احمد بن سالم باتميرا

كانت زيارة صاحب السمو السّيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد إلى جمهورية روسيا الاتحادية ولقاؤه الرئيس فلاديمير بوتين في ديسمبر الماضي بداية وإعلانا عن توجه سلطنة عمان لفتح أسواقها نحو العالمية بدءا من سوق يمثل بوابة استثمارية وتجارية وصناعية لأي بلد يملك مقومات تجعله بوابة رئيسية للسوق العالمي وحلقة تواصل بين الشرق والغرب. زيارة فتحت الكثير من الأبواب، خصوصا أن سموه أكد أهمية الاقتصاد الروسي وقوة الصناعة الروسية في إطار تعزيز المشاريع الثنائية بين الدولتين مستقبلا، واليوم تأتي مشاركة سلطنة عمان في منتدى بطرسبورج الاقتصادي الدولي (كضيف شرف) بداية لهذه الزيارة واللقاء المثمر الذي من المتوقع أن تتبعه مشاريع واستثمارات مشتركة. فالمنتدى السابع والعشرون، شاركت فيه بلادنا بوفد هو الأكبر عربيا، وبحضور فاق كل التوقعات، 18 ألف شخص و140 دولة وأكثر من 50 وزيرا للصناعة، وسيفتح آفاقا جديدة واسعة بين الدول المشاركة، خصوصا أن سلطنة عمان عرضت في المنتدى الفرص الاستثمارية في كل القطاعات، والتي ستسهم في تعزيز العلاقات الثنائية والترويج للمقومات الاقتصادية والتعريف بالحوافز والفرص الاستثمارية المتاحة، والمناخ الملائم لتأسيس المشاريع التجارية في القطاعات المستهدفة وفق “رؤية عُمان 2040”. فاليوم وضعت سلطنة عمان رجلا في روسيا والدول المجاورة لها من خلال ترويجها الاستثمار وبمشاركة القطاع الخاص لجلب الاستثمارات النوعية المباشرة، وزيادة نسبة الصادرات العُمانية لهذه الدول، بالإضافة لتعظيم الاستفادة من الموانئ العُمانية لإعادة التصدير منها للأسواق الأفريقية والأوروبية، خصوصا أن المنتدى الاقتصادي الروسي يعد أبرز المحافل العالمية الجامعة لممثلي قطاع الأعمال والاقتصاد في العالم. فقد كشف هذا المنتدى قوة سلطنة عمان ومكانتها وأهميتها كقلب للاقتصاد وواجهة للاستثمار الآمن لما تملكه من مقومات وتسهيلات وتشريعات وقوانين يبحث عنها المستثمر.  والذي نأمل أيضا أن تزداد وتطرح قوانين تجلب لسلطنة عمان رؤوس الأموال وكبار المستثمرين ورجال الأعمال للبلاد لتعزيز الاقتصاد والتجارة وإيجاد حراك في السوق المحلي يستفيد منه المواطن والمقيم. هذه الجهود المقدرة من وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار إذا ما نظر لها في سياق تكاملي، فإنها تسير وفق رؤية يمكن أن تستوعب دروس الأزمة العالمية التي واجهها العالم قبل عدة سنوات، واليوم فإن تنويع الاقتصاد الوطني وجلب الاستثمارات والاهتمام بالصناعات والإمدادات أصبح ضرورة ملحة، وعلى الحكومة إعادة النظر في بيع الطائرات وغلق بعض الوجهات الرئيسية التي يمكننا من خلالها استقطاب الشركات الكبرى ورجال الأعمال، لأن قطاع الطيران المحرك الأساسي الواعد لإنجاح السياحة وتنمية البلاد اقتصاديا وتجاريا. فنحن اليوم بحاجة ماسة لكل نافذة عالمية يصل إليها الطيران العماني، وفتح أسواق جديدة للصادرات العُمانية من أجل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين عُمان ومختلف دول العالم، كما أكد معالي قيس بن محمد اليوسف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار من خلال التركيز على ما تنفرد به سلطنة عُمان من مزايا تنافسيّة تجعلها وجهة متفرّدة للتجارة والاستثمار. وكانت فكرة رائعة على هامش المنتدى العالمي في سياق مبادرة (قاعة عُمان) التعريف بما تمتلكه بلادنا الغالية من تاريخ عريق وروابط مشتركة مع جمهورية روسيا الاتحادية لما لها من مدلولات كثيرة، وأبعاد كبيرة، وما ذلك إلا دليل على ما تمتلكه سلطنة عمان من خصوصية وما تكنه الدول الصديقة من احترام ومن بقية دول العالم أجمع. وبعد مبادرة روسيا الاتحادية ودعوتها لسلطنة عمان ـ كضيف شرف ـ وللدبلوماسية الهادئة المتزنة ونجاح المشاركة فإن العلاقات بين البلدين ستشهد تطورا وسيرتفع سقف التعاون التجاري والاستثماري بين مسقط وموسكو، وهذا ما يسعى له البلدان والقيادتان والنظرة الثاقبة لهما بأن سلطنة عمان يمكن أن تكون البوابة الرئيسية للاقتصاد الروسي بشكل عام.. والله من وراء القصد.

كاتب ومحلل سياسي عماني