بنوك مركزية مؤثرة تخفض أسعار الفائدة.. أي انعكاس على الخليج؟

| ياسر سليم

شهدت الأيام القليلة الماضية اتجاهًا ملحوظًا من قبل العديد من البنوك المركزية حول العالم نحو خفض أسعار الفائدة، في خطوة توازن بين تحفيز النمو الاقتصادي وبين مكافحة التضخم المتزايد. وتأتي هذه الخطوة في ظل ظروف اقتصادية عالمية معقدة، تتسم بارتفاع معدلات التضخم وتباطؤ النمو في بعض الدول. وخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة على الودائع لليلة واحدة بمقدار 0.25 نقطة مئوية، ليصل إلى 0.75 %، للمرة الأولى منذ العام 2019. وأعلن البنك المركزي الكندي، خفض سعر الفائدة 25 نقطة أساس إلى 4.75 % بما يتماشى مع التوقعات. ومن المتوقع أن تنعكس تلك القرارات بتأثيرات على دول الخليج، التي يمكن أن يتبع بعضها مسار تلك الدول في خفض الفائدة، لتنخفض بالتبعية تكلفة الاقتراض للشركات والأفراد، ما قد يُحفز النشاط الاقتصادي والاستثماري. ومن المنتظر حينئذ، أن تُصبح دول الخليج وجهة أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية، بالمقابل قد تُواجه العملات الخليجية بعض الضغوط على المدى القصير، خصوصا مع تزايد جاذبية الاستثمار في الدولار الأميركي، حال اتخاذ الفيدرالي الأميركي قرارا مماثلا. ورأى الخبير الاقتصادي مدحت نافع أن قرار خفض الفائدة الأخير، الذي اتخذته بعض البنوك المركزية في أوروبا وكندا، غير مؤثر، ولكن أهم بنك مركزي، وهو الفيدرالي الأمريكي، ما يزال محتفظا بأسعار مرتفعة من الفوائد، ومن غير المتوقع في ظل بيانات التوظيف الأخيرة أن يقدم على أي خطوة للتخفيض، خصوصا أنه لم يصل بعد لمستويات التضخم المستهدفة. وأوضح نافع في حديثه لـ “البلاد” أن التأثير السلبي كبير بارتفاع أسعار الفائدة، سواء على تكلفة الديون أو تكلفة رؤوس الأموال بشكل عام، ومن ثمة على الاستثمار. وتابع: “الاتجاه الى التخفيض التدريجي للفائدة في دول الخليج لا يجب أن يكون تبعا لما يجري في بعض البنوك العالمية، بل يجب أن يكون مرتبطا الفيدرالي الأميركي، نظرا لعمليات الربط الكبير بين عملاتها وبين الدولار، حتى الكويت التي لا ترتبط بالدولار بشكل مباشر ولكن بسلة من العملات، ورغم أنه من الواضح أن النسبة غير المفصح عنها في هذه السلة هي الأكبر، فالخفض إذا حدث من الأميركي بنصف نقطة مئوية على أفضل تقدير، وهو تقدير متفائل فيما بقي من العام، فإنه من شأنه أن يحسن من فرص الاستثمار بالمنطقة، خصوصا إذا استتبعته عمليات تخفيض في البنوك المركزية الأخرى بالمنطقة العربية”. ومن المتوقع، حسب محللين، أن تلقي هذه القرارات بتأثيرات على مختلف المناحي الاستثمارية والاقتصادية. ويُتوقع أن يؤدي خفض أسعار الفائدة إلى زيادة جاذبية الاستثمارات في الأصول ذات المخاطر العالية، مثل الأسهم والعقارات، بسبب انخفاض تكلفة الاقتراض. ومن المفترض أن يُساهم خفض أسعار الفائدة في تحفيز النمو الاقتصادي من خلال زيادة الإنفاق والاستثمار. وقد يؤدي خفض أسعار الفائدة إلى زيادة الضغوط التضخمية على المدى القصير، خصوصا مع تزايد الطلب الكلي. بالمقابل، قد تستفيد الأسواق الناشئة من خفض أسعار الفائدة في الدول المتقدمة، وذلك من خلال تدفق الاستثمارات الأجنبية إليها.