المعايير الحديثة لمسؤوليات مجلس الإدارة

| د. عبدالقادر ورسمه

إن ممارسة حوكمة الشركات يجب أن تتيح الخطوط الإرشادية الاستراتيجية لتوجيه الشركات، ويجب أن تكفل المتابعة للإدارة التنفيذية من قبل مجلس الإدارة، وكذلك، في نفس الوقت مساءلة مجلس الإدارة من قبل الشركة والمساهمين. ومن الملاحظ أن هياكل وإجراءات مجالس الإدارة بها تفاوت واسع بين الدول وداخل الدول ذاتها. ففي بعض الدول يسري نظام المجالس “ذات المسؤولية”، وهو النظام الذي يفصل بين الوظيفتين الإشرافية والإدارية. وهنا، يوجد مجلس إشرافي يتكون من أعضاء غير تنفيذيين ومجلس إدارة كله من تنفيذيين. وفى بعض الدول يوجد المجلس “الموحد” الذي يجمع بين أعضاء المجلس التنفيذيين وغير التنفيذيين. ويتولى مجلس الإدارة إلى جانب دوره في توجيه استراتيجية الشركة، المسؤولية الرئيسية في متابعة أداء المديرين وتحقيق عائد مناسب للمساهمين، مع منع تعارض المصالح والموازنة بين المتطلبات التنافسية التي تجابهها الشركة. وليتسنى لمجلس الإدارة الاضطلاع بمسؤولياته بصورة فعالة، يتعين أن تتوفر له درجة من الاستقلال عن الإدارة التنفيذية.  كذلك من بين المسؤوليات المهمة لمجلس الإدارة نجد مسؤولية تنفيذ النظم لضمان التزام الشركة بالقوانين السارية، بما في ذلك قوانين المنافسة، العمل، البيئة، تكافؤ الفرص، الصحة، السلامة المهنية. إضافة لهذا، وعلى مجالس الإدارة الاهتمام بمصالح كافة الأطراف المعنية والتعامل معها بالعدالة ومن أهم الأطراف العاملون، المقرضون، والعملاء. ومن المعايير الحديثة، أن يتخذ أعضاء مجلس الإدارة قراراتهم بناء على المعلومات الكاملة، وبالأمانة والمسؤولية والعناية الواجبة، وأن يتم ذلك تحقيقًا لصالح الشركة والمساهمين. ونظرا لأن قرارات مجلس الإدارة تؤثر على المساهمين وبصور متفاوتة، فيجب على مجلس الإدارة معاملة جميع المساهمين بصورة عادلة.  ولتطبيق هذه المعايير، يحب على مجلس الإدارة القيام بعدد من الوظائف الأساسية، منها مراجعة استراتيجية الشركة، خطط العمل، سياسة المخاطر، الموازنات السنوية، وضع أهداف الأداء ومتابعة التنفيذيين وهذا يشمل اختيار المديرين التنفيذيين، وتحديد مرتباتهم وحوافزهم ومتابعتهم والقيام عند الضرورة بإحلالهم، والإشراف على تخطيط المسار المهني للعاملين، بما في ذلك مراجعة مرتبات وحوافز المديرين، وضمان وجود عملية تتسم بالشفافية فيما يتعلق بترشيح أعضاء المجلس. ومن الأهمية، متابعة وإدارة صور تعارض المصالح المحتملة لدى المديرين وأعضاء المجلس والمساهمين، وهذا يتضمن إساءة استخدام أصول الشركة وإساءة استخدام التعاملات التي يقوم بها أطراف من ذوى العلاقة بالشركة. وكذلك، ضمان عنصر الأمانة في التقارير المالية والمحاسبية التي تصدرها الشركة، بما فى ذلك استقلالية عمليات المراجعة، ووجود نظم ملائمة للرقابة، وخاصة نظم المخاطر، والرقابة المالية، والالتزام بالقوانين. ومن المعايير الحديثة، الإشراف العام على عملية الإفصاح عن البيانات وقنوات الاتصال وقد تختلف وظائف أعضاء مجلس الإدارة تبعًا لاختلاف مواد الشركات فى التشريعات المختلفة، وأيضًا تبعًا للنظام الأساسي للشركة. إلا أن العناصر المشار إليها أعلاه ضرورية لأغراض نجاح أسلوب حوكمة الشركات. ويجب أن تتوافر لدى مجلس الإدارة القدرة على ممارسة الأحكام الموضوعة على شؤون الشركة استقلالا عن الإدارة التنفيذية. واستقلال المجلس عادة ما يتطلب وجود عدد كاف من أعضاء المجلس من غير التنفيذيين، وأيضًا ممن لا يرتبط بشكل وثيق بالشركة أو بإدارتها سواء من الناحية الاقتصادية أو العائلية أو غيره. وبوسع أعضاء المجلس المستقلين الإسهام بدرجة كبيرة فى عملية صنع القرار. إذ تتوافر لديهم القدرة على تقديم وجهات نظر موضوعية فيما يتعلق بأداء المجلس والإدارة التنفيذية. وعلاوة على هذا فإن بوسعهم لعب دور فى المجالات التي قد تتباين بشأنها مصالح الإدارة والشركة والمساهمين. وبإمكان رئيس المجلس أن يلعب دورا فى ضمان فعالية ممارسات حوكمة الشركات وهو مسؤول عن هذا. وفى نظم المجلس الموحد، يتم الفصل بين وظيفتي رئيس مجلس الإدارة والمسؤول التنفيذي الرئيس، والهدف من ذلك إيجاد وسيلة لضمان التوازن المناسب في السلطة، وزيادة درجة المساءلة، بالإضافة إلى زيادة قدرة المجلس على إصدار القرارات المتصفة بالاستقلالية. وهذه المعايير الحديثة ستلعب دورا كبيرا في تطوير العمل المؤسسي ويجب الحرص على تطبيقها في جميع شركاتنا، وذلك حتى نصل للقمة المؤسسية مع ضمان تحقيق الربحية والاستمرارية.