“كرش” المدير

| عطا السيد الشعراوي

في واقعة تعكس مدى السيطرة الطاغية لمواقع التواصل الاجتماعي على الكثيرين وعدم اهتمامهم أو إدراكهم أهمية الفصل بين ما هو صالح للنشر وما لا يصلح، نشرت فتاة تعمل في إحدى الشركات الخاصة خطاب خصم من راتبها، مدعية أن الخصم لم يتعلق بتأخير أو تقصير في العمل، إنما لأنها قامت بتصوير فيديو ونشره يظهر فيه بطن رئيس مجلس إدارة الشركة، بصورة مُمتلئة أو مُنتفخة. ربما هذه الفتاة بهذه الطريقة تحاول كسب تعاطف الجمهور معها، أو أنها تنفس عما بداخلها من اعتراض واستياء على قرار الخصم، أو تحاول الضغط على الشركة للتراجع عن قرارها، إلا أن ما قامت به يعطي الانطباع بعدم أمانتها على أسرار وعمل المؤسسة التي تعمل بها، وعدم احترامها لها بإبعادها عن مواقع العبث الإلكتروني، وأدانت نفسها بنفسها، حيث كان واضحًا الأسلوب المحترم والصياغة الراقية لخطاب الخصم، وكيف أنه حمل تقديرا للفتاة وجهودها ومراعاته أنه أول خطأ لها، كما أظهر أن قرار الخصم من راتبها كان نتيجة تقصير من الفتاة في مجال عملها وفشلها في إظهار صورة رئيس مجلس إدارة الشركة بصورة لائقة وهو من صميم عمل الفتاة، ومخالفة للسياسات الإعلامية المتبعة بالشركة. وكما يحدث في كل واقعة غريبة وخارجة عن المألوف، انتشر الحديث عن “كرش” المدير، وباتت هذه الفتاة مثار جدل ومحل استضافة من قبل المواقع الإخبارية وربما القنوات الفضائية في سياق متابعة هذه القضية “الظريفة”، لتعبر الفتاة عن قلقها من إمكانية فصلها من الشركة بعد تصرفها الذي لم تقصد منه إلا المزاح مع بعض أصدقائها “المحدودين” على مواقع التواصل الاجتماعي، وأنها لم تتوقع هذا الانتشار الكبير لقصتها. قد تكون القصة برمتها تمت بالاتفاق بين الفتاة والشركة في سياق عمل دعاية للشركة بطريقة جديدة، لاسيما في ضوء الأريحية التي تحدثت بها الفتاة وجرأتها في نشر اسم المسؤول وحرصها على إبراز اسم الشركة أيضًا لنكون إزاء حالة أخرى من حالات استغلال مواقع التواصل الاجتماعي في الترويج لمؤسسات تجارية وتحقيق مكاسب حتى لو من خلال الكذب والضحك على المتابعين واختلاق قصص غير حقيقية.

كاتب بحريني