الفنون كرافعة للدبلوماسية والتواصل بين الشعوب

| حسن المصطفى

عندما كان وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد في العاصمة النمساوية فيينا، زار “متحف ألبرتينا” التاريخي، خلال يونيو الجاري، معتبرًا أن ما يحتويه “يجسد قيم التسامح والتعايش الراسخة في المجتمع النمساوي”. وفي مارس الماضي، زار عبدالله بن زايد “المتحف الوطني التشيكي”، والذي يعد أقدم وأكبر متحف في جمهورية التشيك، وواحدًا من أعرق المتاحف على مستوى العالم. لم تكن هذه الزيارات الوحيدة التي قام بها وزير الخارجية الإماراتي لمتاحف في البلدان التي تكون له فيها مهمات رسمية، بل من يراجع الأرشيف سيجد تاريخًا حافلًا من تدشين المشاريع الثقافية والزيارات في دول مثل: فرنسا، بريطانيا، النرويج، كازاخستان، تشيلي، السنيغال.. وسواها. صحيح أن هذه الجولات الثقافية تعكس جزءا من شخصية عبدالله بن زايد، واهتمامه الذاتي بالثقافة والأدب والفنون، لكنها في ذات الوقت تشير إلى رؤية تنظر لـ “الفنون” بوصفها أحد الروافد الأساسية للدبلوماسية، وجسرًا للتواصل بين الشعوب، لما لها من دور في ردم الفجوة الثقافية، وتقريب الهويات وتعارفها، عِوضَ تصادمها أو تناقضها! يعتقد الشيخ عبدالله بن زايد أن “الثقافة والفنون مرآة الشعوب، وتعكس تطور الدول وتقدمها في المجالات كافة، كما أنها تؤدي دورًا مهمًا في نشر قيم التعايش والتسامح والأخوة الإنسانية التي تشكل ركائز أساسية لتحقيق التنمية الشاملة”. ومن هنا، يمكن اعتبار “دبلوماسية الفنون” إحدى الأدوات بعيدة المدى التي من خلالها يتم خلق رأي عام واسع مؤيد للسلم والتعاون بين الشعوب، كما أن “الثقافة بمنتجاتها المختلفة كالرواية والشعر والمسرح والموسيقى والسينما والفلسفة والتراث وغيرها، هي الرابط الإنساني الأقدر على البقاء والاستمرار عبر التاريخ”، وفق الشيخ عبدالله بن زايد، والذي يراها أيضًا “القماشة التي ترقع ثوب الإنسانية، كلما مزقته الحروب والتطرف والإرهاب”. هذا الدور المهم للثقافة في مواجهة “الحرب والتطرف” قد لا يلمس المتابعُ أثره مباشرة، خصوصًا مع اتساع رقعة النزاعات السياسية؛ إلا أن أثر الثقافة تراكمي، يحفر عميقًا في الفكر الإنساني، ويجعل الضمير البشري أكثر دعمًا للسلم ونفرة من الحرب، وهنا مكمن قوة “دبلوماسية الفنون” التي تحتاج صبرًا وبناء صلبًا واستراتيجية تحسنُ استثمارها فيما يحقق الخير.     *كاتب وإعلامي سعودي