السياسة الجديدة بشأن الخدمات المصرفية المفتوحة

| د. عبدالقادر ورسمه

في‭ ‬خطوة‭ ‬جديدة‭ ‬ولفتة‭ ‬محمودة‭ ‬أصدر‭ ‬مصرف‭ ‬البحرين‭ ‬المركزي،‭ ‬قبل‭ ‬أيام،‭ ‬توجيهات‭ ‬وسياسات‭ ‬مصرفية‭ ‬جديدة‭ ‬تتبني‭ ‬تفعيل‭ ‬وتقنين‭ ‬الخدمات‭ ‬المصرفية‭ ‬المفتوحة‭ (‬أوبن‭ ‬سيرفسس‭)‬،‭ ‬وهذا‭ ‬سينعكس‭ ‬بالفوائد‭ ‬العديدة‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬المصرفي‭ ‬والعملاء‭ ‬والجهات‭ ‬العديدة‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالعمل‭ ‬المصرفي‭ ‬في‭ ‬البحرين‭. ‬وهذه‭ ‬السياسات‭ ‬الجديدة‭ ‬سيبدأ‭ ‬تطبيقها‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬القادمة‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬التعليمات‭ ‬والأنظمة‭ ‬الصادرة‭ ‬من‭ ‬مصرف‭ ‬البحرين‭ ‬المركزي‭ ‬بصفته‭ ‬الجهة‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬تنظيم‭ ‬وترخيص‭ ‬العمليات‭ ‬المصرفية‭ ‬والمشرف‭ ‬عليها‭ ‬وفق‭ ‬أفضل‭ ‬الممارسات‭.‬

إن‭ ‬سياسة‭ ‬الخدمات‭ ‬المصرفية‭ ‬المفتوحة‭ (‬أي‭ ‬خدمة‭ ‬الباب‭ ‬المفتوح‭)‬،‭ ‬ستفتح‭ ‬المجال‭ ‬على‭ ‬مصراعيه‭ ‬للعمليات‭ ‬المالية‭ ‬التقنية‭ (‬فنتك‭). ‬نقول‭ ‬هذا،‭ ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬الخدمات‭ ‬المفتوحة‭ ‬ستتم‭ ‬تماما‭ ‬عبر‭ ‬التقنية‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬وهذا‭ ‬بدوره‭ ‬سيفتح‭ ‬المجال‭ ‬للتحديث‭ ‬والابتكار‭ ‬في‭ ‬ريادة‭ ‬العمل‭ ‬المصرفي‭ ‬عبر‭ ‬تطوير‭ ‬العلاقة‭ ‬المباشرة‭ ‬مع‭ ‬العملاء‭ ‬والمستهلكين‭ ‬وفق‭ ‬أعلى‭ ‬معايير‭ ‬الأمن‭ ‬التقني‭ ‬والسلامة‭ ‬التقنية‭. ‬

مع‭ ‬الأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار،‭ ‬بالطبع،‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬سيتم‭ ‬بعد‭ ‬أخذ‭ ‬موافقة‭ ‬العملاء‭ ‬الصريحة‭ ‬للبدء‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬سياسة‭ ‬الخدمات‭ ‬المصرفية‭ ‬المفتوحة‭. ‬

وهذا‭ ‬العمل‭ ‬المصرفي‭ ‬التقني‭ ‬سبقت‭ ‬في‭ ‬تنفيذه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬ولكن‭ ‬كما‭ ‬يقولون،‭ ‬أن‭ ‬تأتي‭ ‬متأخرا‭ ‬خير‭ ‬من‭ ‬ألا‭ ‬تأتي،‭ ‬وعلينا‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬تجارب‭ ‬الآخرين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬الحيوي‭.‬

ومن‭ ‬الناحية‭ ‬العملية،‭ ‬سيتم‭ ‬التنسيق‭ ‬بين‭ ‬المصارف‭ ‬و‭ ‬“شركة‭ ‬بنفت”‭ ‬العملاقة‭ ‬لتجهيز‭ ‬عملية‭ ‬“التدفق‭ ‬المدمج”‭ ‬للمعلومات‭ ‬والبيانات‭ ‬شريطة‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬موافقة‭ ‬العملاء‭ ‬الأولية،‭ ‬ثم‭ ‬التطبيق‭ ‬لاحقا‭ ‬عبر‭ ‬تطبيق‭ ‬“أبلكيشن”‭ ‬خاص‭ ‬يتم‭ ‬اتباعه‭.‬

وبموافقة‭ ‬العملاء‭ ‬ستستطيع‭ ‬الكيانات‭ ‬القانونية‭ ‬مثل‭ ‬الشركات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬من‭ ‬مقدمي‭ ‬خدمات‭ ‬المعلومات‭ ‬ومقدمي‭ ‬خدمات‭ ‬الدفع‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬التقني‭ ‬لتنفيذ‭ ‬المهمات‭. ‬وهذا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬شك،‭ ‬سيسهل‭ ‬العمليات‭ ‬المصرفية‭ ‬ويعمل‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬على‭ ‬سرعتها‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬السرعة‭ ‬التقنية‭ ‬التي‭ ‬تتم‭ ‬كالبرق‭ ‬وفقط‭ ‬عبر‭ ‬كبس‭ ‬الزر‭ ‬في‭ ‬التطبيق‭ ‬المبرمج‭. ‬وبموجب‭ ‬هذا‭ ‬التطبيق‭ ‬سيتم‭ ‬الدخول‭ ‬لحسابات‭ ‬العملاء‭ ‬لتنفيذ‭ ‬وتقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬المصرفية‭ ‬المطلوبة‭ ‬مثل‭ ‬تحويل‭ ‬الأموال‭ ‬ودفع‭ ‬المستحقات‭ ‬وتقديم‭ ‬المعلومات‭ ‬عن‭ ‬الحساب‭ ‬وما‭ ‬شابه،‭ ‬حسب‭ ‬رغبة‭ ‬العميل‭ ‬وبدون‭ ‬حضوره‭ ‬أو‭ ‬حضور‭ ‬غيره‭ ‬للبنك‭ ‬أو‭ ‬الانتظار‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬الخدمات‭ ‬المصرفية‭ ‬اليومية‭.‬

نقول‭ ‬هذه‭ ‬قفزة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬العمليات‭ ‬المصرفية‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬لأن‭ ‬عدم‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬حسابات‭ ‬العملاء‭ ‬والحفاظ‭ ‬عليها‭ ‬داخل‭ ‬أسياج‭ ‬المصارف‭ ‬في‭ ‬سرية‭ ‬مطلقة،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أساسيات‭ ‬العمل‭ ‬المصرفي‭ ‬والتفاخر‭ ‬به‭ ‬لكسب‭ ‬قلوب‭ ‬العملاء‭ ‬والأنظمة‭ ‬القانونية‭. ‬

والآن‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬التقنية‭ ‬الحديثة‭ ‬تم‭ ‬إزالة‭ ‬السدود‭ ‬والأسوار‭ ‬الكبيرة‭ ‬وفتح‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الحسابات‭ ‬مباشرة‭ ‬شريطة‭ ‬موافقة‭ ‬العميل‭ ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬وفق‭ ‬أسس‭ ‬تقنية‭ ‬معروفة‭ ‬ومبرمجة‭ ‬ومحمية‭ ‬ومتفق‭ ‬عليها‭. ‬

وفي‭ ‬نظري‭ ‬أن‭ ‬القطاع‭ ‬المصرفي‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬وغيرها،‭ ‬سيتجاوب‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬التطورات‭ ‬التقنية‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬العمل‭ ‬المصرفي‭ ‬بطبيعته‭ ‬يتميز‭ ‬بالريادة‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬التطور‭ ‬والإبداع‭ ‬مع‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬ضمان‭ ‬الإجراءات‭ ‬والسلامة‭ ‬التقنية‭ ‬السليمة‭. ‬وكلما‭ ‬تم‭ ‬تسهيل‭ ‬الإجراءات‭ ‬وضبطها‭ ‬ومراقبتها،‭ ‬كلما‭ ‬كانت‭ ‬النتائج‭ ‬أفضل‭ ‬وأريح‭ ‬وتعم‭ ‬الفائدة‭ ‬وتعود‭ ‬على‭ ‬الجميع‭. ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬المطلوب‭ ‬من‭ ‬المصارف‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬السرعة‭ ‬والحداثة‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الخصوص،‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬الإشادة‭ ‬بدور‭ ‬مصرف‭ ‬البحرين‭ ‬المركزي‭ ‬الذي‭ ‬ظل‭ ‬سباقا‭ ‬في‭ ‬انتهاج‭ ‬واتباع‭ ‬كل‭ ‬الخطوات‭ ‬التي‭ ‬تمكن‭ ‬المصارف‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬من‭ ‬مواكبة‭ ‬التطورات‭ ‬المهنية‭ ‬والعالمية‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬المصرفي‭ ‬الحديث‭.‬