ما أشبه اليوم بالبارحة.. حرب عالمية سيبرانية بسبب قرصان واحد!

| ياسر سليم

يشهد العالم اليوم حرباً عالمية جديدة صامتة، لكن بدلاً من جيوش تقليدية وأسلحة فتاكة، تدور رحاها في الفضاء الافتراضي، حربٌ أشعلها تصرف فردي لأحد الصينيين قبل شهور، وتردد صداها متصاعداً ومهدداً بحرب سيبرانية عالمية، تماماً كما أشعل مقتل ولي عهد النمسا الحرب العالمية الأولى.

ففي مارس الماضي، اتهمت الولايات المتحدة وبريطانيا الصين بشن هجمات سيبرانية واسعة النطاق، مستهدفةً اللجنة الانتخابية البريطانية ومؤسسات حكومية أخرى.

ردّاً على ذلك، فرضت الدولتان عقوبات على شركة صينية وشخصين مرتبطين بها، يُعتقد أنهما مسؤولان عن تلك الهجمات.

وتُشير التطورات الأخيرة إلى اتساع رقعة الصراع، حيث اتهمت نيوزيلندا الصين أيضاً بشن هجمات سيبرانية على برلمانها.

 بدورها نفت الصين جميع الاتهامات، مُعتبرةً العقوبات “لا أساس لها” و”أحادية الجانب”.

فهل نحن على أعتاب حرب عالمية سيبرانية؟

يُمكننا القول بأننا نشهد تصعيداً خطيراً في التوترات بين الدول الكبرى على خلفية الأمن السيبراني.

فالهجمات الإلكترونية تُشكل تهديداً متزايداً للبنية التحتية الحيوية للدول، وتُمكنها من اختراق أنظمتها الحساسة والتجسس على مواطنيها وسرقة معلوماتها.

وتُشير إدانة كل من الولايات المتحدة وبريطانيا والصين لتصرفات بعضها البعض إلى خطورة الموقف.

ففي حال استمرت هذه الاتهامات والعقوبات المتبادلة، قد تُفضي إلى حرب سيبرانية واسعة النطاق ذات عواقب وخيمة على جميع الأطراف.

فما تداعيات مثل هذه الحرب؟ قد تُؤدي حرب سيبرانية عالمية إلى شلل البنية التحتية الحيوية للدول، مثل شبكات الكهرباء والاتصالات والمواصلات، كما قد تُؤدي إلى سرقة بيانات حساسة، مثل المعلومات المالية والطبية والعسكرية.

وإلى جانب الخسائر المادية، قد تُلحق هذه الحرب ضرراً بالغاً بالثقة بين الدول، وتُعيق التعاون الدولي في مجالات حيوية مثل مكافحة الإرهاب وتغير المناخ.

فما العمل لمنع اندلاع حرب كهذه؟ يتطلب منع اندلاع حرب سيبرانية عالمية جهداً دبلوماسياً مكثفاً من قبل جميع الدول، إضافة إلى الحوار والتعاون، ويجب على الدول تعزيز الحوار والتعاون في مجال الأمن السيبراني، وتبادل المعلومات حول التهديدات الإلكترونية، وتطوير آليات مشتركة للتصدي لها.

كما يجب العمل على وضع قوانين دولية تُنظم الفضاء الافتراضي وتُحدد المسؤوليات في حال وقوع هجمات سيبرانية.

ومن الواجب على الدول بناء الثقة المتبادلة من خلال الشفافية في أنشطتها الإلكترونية، وعدم استخدام الفضاء الافتراضي كأداة للهجوم أو التجسس.

إنّ حرباً عالمية سيبرانية هي سيناريو كارثي يجب علينا جميعاً العمل على منعه، فالأمن السيبراني مسؤولية دولية مشتركة، ويجب علينا التعاون لضمان سلامة الفضاء الافتراضي وحماية مصالحنا جميعاً.