ما فرقته الحروب.. توحده كرة القدم!

| حسين شبكشي

تقام هذه الأيام بطولتان مهمتان في رياضة كرة القدم معشوقة الملايين حول العالم، الأولى بطولة كأس أوروبا، وتجمع دول القارة العجوز، والثانية بطولة كأس أميركا وتجمع دول أميركا الشمالية والوسطى والجنوبية.

وتاريخ الدول المشاركة مليء بالحروب بينها وبين بعضها، قتلى ودماء ومصابون وجروح واختلاف وحدود واحتلال.. صراع طويل أهلك أجيالا متتالية دفعت الثمن بشكل باهظ ومكلف.

ومن خلال المشهد الذي يتناقله الناس في البطولتين وغيرهما وخصوصا مشاهد الجماهير الكبرى في الملاعب والطرقات وهي ترقص وتهتف وتغني وتفرح وتبكي وتضحك وتحزن بشكل فردي وجماعي، نجد أن الشعوب جعلت من كرة القدم ساحة الحرب الجديدة، فهي رياضة تستخدم مصطلحات حربية وعسكرية، عبارات وكلمات مثل خطة الهجوم وخطة الدفاع وحائط الصد والقذائف والخداع وغيرها، وأن المدرب ما هو إلا جنرال في ساحة معركة يقود جنده للانتصار.

لكن الأهم حقيقة هو أن مشاعر الحقد والكراهية والعداء التي كانت موجودة بين الشعوب أصبحت مع الوقت مشاعر تنافسية مبهجة لا تخرج في معظم الأحوال عن التسعين دقيقة التي تحكم وقت المباراة وبالتالي على جو التنافس الشريف بروح رياضية عالية. الرياضة عموما وكرة القدم تحديدا أعادت رسم العلاقات بين الشعوب وساهمت في تعزيز التنافسية وإبراز أسماء الدول للعالم، وبينت أن التفوق بين الدول لا يكون حصريا بالاحتلال والاقتتال والاقتصاد، لكن من الممكن أن تكون ساحة التنافس الأهم الأستاد المليء بالجماهير الغفيرة المدججة بالأعلام واليافطات والشعارات التي تصدح بحب بلادها. علاقات الشعوب تمر بمراحل مختلفة ومتنوعة وتتأرجح ما بين المحبة والبغضاء، فهناك مراحل من التنافس والعداء والتناحر والاقتتال والتكافل والتكامل والتواصل، وهي مراحل فيها الكثير من التأرجح مما يوتر الأجواء ويثير القلاقل ويزيل الطمأنينة.

لذلك من المهم جدا التفكير بتمعن في الدور المؤثر الذي تلعبه كرة القدم في رسم حدود جديدة للعلاقات بين الشعوب لا تتخطى أرضية الملعب مهما بلغت حدة التنافس.

- كاتب وإعلامي سعودي