انتحار سمكة!

| د. سمر الأبيوكي

يحكى أن سمكة بحرية كانت تعيش بانسجام بين أبناء جلدتها قررت أن تهاجر لتجربة الحياة في النهر، عارضها الكثيرون في بداية الأمر لكنها صممت على خوض التجربة، معللة ذلك بأن الحياة تجارب، وأن عليها أن تخوض غمار التجربة دون اكتراث لما قد تحمله من عقبات محتملة، ودون إصغاء لتجارب الآخرين في الهجرة من بيئة إلى أخرى.

وقد أيدها في قرارها عدد ممن كانوا يودون الخلاص منها بأية طريقة، خصوصا أنها كانت تعيش حياة صاخبة جدا تسببت في (أكل الجو) من الكثير ممن حولها، وأنها “تتنقز” كثيرا في محاولات منها للفت الانتباه واصطياد لقمة العيش، فتدلي بدلوها دون تأن أو دراسة أو حتى قليل من البحث، فهي ممن يركبون الموجة جيدا وفي أي مجال وأي وقت وأي زمان، ولن يوقفها عن ذلك لا قانون البحار ولا حتى قانون الغاب! وهاجرت السمكة من بيئتها المالحة إلى بيئة عذبة، وبدأ التعب يظهر على ملامحها لكنها كانت تقاوم فقد كانت ترغب أن تعيش حياة مختلفة تضمن لها مظهرا طيبا كما ظنت، لكنها لم تحسب حساب التجربة والخبرة والهدوء الذي يعم النهر، فحياة النهر الهادئة لا تتماشى مع صخب البحر العميق، وبات واضحا أن لا عودة من ذلك الطريق الذي خارت فيه قواها إلى أن ماتت!

ومضة لا تكن مثل تلك السمكة! فبعض الطرق براقة لكنها تحمل الكثير من الهموم والتعب والوهن مما لا يخطر لا على بال ولا خاطر، فالكل مقدر له أن يسلك طريقه وأن يدور في فلكه، وإن كانت الطرق صعبة، لكن المثابرة والعزيمة والصبر دليل حقيقي على النجاح، التخلي عن جلدتك وحقيقتك والسباحة عكس التيار لن تؤتي ثمارها مهما كانت المحاولة غالية كحياة تلك السمكة.

- كاتبة وأكاديمية بحرينية