هل وقع “الأحمر” في المجموعة الحديدية؟!!

| أحمد كريم

عادت‭ ‬بي‭ ‬الذاكرة‭ ‬إلى‭ ‬“سنوات‭ ‬العز‭ ‬الكروي”‭ ‬في‭ ‬التصفيات‭ ‬المؤهلة‭ ‬لكأس‭ ‬العالم‭ ‬وكأس‭ ‬آسيا‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2004‭ ‬أثناء‭ ‬متابعتي‭ ‬مجريات‭ ‬قرعة‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬تصفيات‭ ‬قارة‭ ‬آسيا‭ ‬المؤهلة‭ ‬لمونديال‭ ‬2026‭ ‬وبالتحديد‭ ‬عندما‭ ‬شاهدت‭ ‬اليابان‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬قائمة‭ ‬المجموعة‭ ‬الثالثة‭ ‬التي‭ ‬تضم‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬منتخبنا‭ ‬كلاً‭ ‬من‭ ‬اليابان‭ ‬وأستراليا‭ ‬والسعودية‭ ‬والصين‭ ‬واندونيسيا‭!!‬

‭ ‬ربما‭ ‬يقول‭ ‬البعض‭ ‬إن‭ ‬“التاجر‭ ‬المفلس‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬دفاتره‭ ‬القديمة”،‭ ‬ولكنني‭ ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬موازين‭ ‬التنافس‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬بأي‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الأحوال‭ ‬قياسها‭ ‬بمنظور‭ ‬مادي‭ ‬بحت‭ ‬كمدرب‭ ‬أو‭ ‬لاعب،‭ ‬دون‭ ‬التعرض‭ ‬إلى‭ ‬عوامل‭ ‬ومؤثرات‭ ‬معنوية‭ ‬تلعب‭ ‬دورًا‭ ‬حاسمًا‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬كالجدية‭ ‬والثقة،‭ ‬وهناك‭ ‬قصص‭ ‬لا‭ ‬حصر‭ ‬لها‭ ‬شهدت‭ ‬انهيار‭ ‬إمبراطوريات‭ ‬كروية‭ ‬أمام‭ ‬قوى‭ ‬صاعدة‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬في‭ ‬جعبتها‭ ‬سوى‭ ‬الطموح‭ ‬وكسر‭ ‬المعتقدات‭ ‬البالية،‭ ‬أو‭ ‬الصورة‭ ‬النمطية‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬اليونان‭ ‬في‭ ‬يوريو‭ ‬2004‭!‬

‭ ‬وقد‭ ‬يقول‭ ‬آخرون‭ ‬عن‭ ‬ذلك،‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬خير‭ ‬في‭ ‬طموح‭ ‬واهم‭ ‬على‭ ‬أطلال‭ ‬ملاحم‭ ‬أسطورية‭ ‬حصلت‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬ولن‭ ‬تتكرّر‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬ولا‭ ‬شيء‭ ‬يعيد‭ ‬الزمن،‭ ‬وكأن‭ ‬الذاهبين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭ ‬انطبعت‭ ‬في‭ ‬رأسهم‭ ‬فكرة‭ ‬أن‭ ‬عودة‭ ‬منتخبنا‭ ‬إلى‭ ‬المنافسة‭ ‬في‭ ‬التصفيات‭ ‬المؤهلة‭ ‬لكأس‭ ‬العالم‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬بذات‭ ‬الكيفية‭ ‬السابقة،‭ ‬وإلا‭ ‬فإن‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬تذكرة‭ ‬المونديال‭ ‬مستحيلة‭!‬

بينما‭ ‬يقول‭ ‬من‭ ‬يعرف‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬جيدًا،‭ ‬إنها‭ ‬لعبة‭ ‬تحركها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدوافع،‭ ‬وإنه‭ ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬في‭ ‬المحاولة،‭ ‬والتشجيع‭ ‬على‭ ‬المحاولة‭ ‬مرة‭ ‬بعد‭ ‬أخرى،‭ ‬والمنافسة‭ ‬حتى‭ ‬الرمق‭ ‬الأخير‭ ‬والتمتع‭ ‬بالثقة‭ ‬والإصرار،‭ ‬واستغلال‭ ‬نقاط‭ ‬القوة‭ ‬والتعامل‭ ‬بذكاء‭ ‬مع‭ ‬مجريات‭ ‬الأحداث،‭ ‬لأنها‭ ‬عوامل‭ ‬قد‭ ‬تفضي‭ ‬إلى‭ ‬نتيجة‭ ‬إيجابية‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬آخذين‭ ‬بمقولة‭ ‬أن‭ ‬لكل‭ ‬مجتهد‭ ‬نصيبا،‭ ‬فمتى‭ ‬ما‭ ‬اجتهدنا‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأصعدة‭ ‬والمستويات‭ ‬متى‭ ‬ما‭ ‬أصبنا‭ ‬أهدافنا‭ ‬بكل‭ ‬دقة‭ ‬واستحقاق‭.‬

‭ ‬وفي‭ ‬اعتقادي‭ ‬إن‭ ‬مسيرة‭ ‬منتخبنا‭ ‬الوطني‭ ‬مع‭ ‬“حلم‭ ‬الصعود‭ ‬لكأس‭ ‬العالم”،‭ ‬مرتبطة‭ ‬بمسيرة‭ ‬وطن‭ ‬بأكمله‭ ‬وليست‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأفراد،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬تطمح‭ ‬في‭ ‬التواجد‭ ‬بهذا‭ ‬الاستحقاق‭ ‬العالمي‭ ‬الكبير،‭ ‬وأنها‭ ‬تملك‭ ‬خبرات‭ ‬تراكمية‭ ‬جيدة‭ ‬متمثلة‭ ‬في‭ ‬الكوادر‭ ‬الرياضية‭ ‬من‭ ‬اللاعبين‭ ‬والإداريين‭ ‬الذين‭ ‬عايشوا‭ ‬حقبة‭ ‬“العز‭ ‬الكروي”،‭ ‬ما‭ ‬يجعلهم‭ ‬نقطة‭ ‬قوة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تدفع‭ ‬منتخبنا‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬المقبلة‭ ‬من‭ ‬عمر‭ ‬التصفيات‭ ‬المؤهلة‭ ‬لنهائيات‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬المقبلة‭.‬

ختامًا،‭ ‬قد‭ ‬يظن‭ ‬البعض‭ ‬أنني‭ ‬متفائل‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬لا‭ ‬يشجّع‭ ‬على‭ ‬التفاؤل،‭ ‬لكنني‭ ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬وراء‭ ‬كل‭ ‬تحد‭ ‬فرصة،‭ ‬وكلما‭ ‬كان‭ ‬التحدي‭ ‬كبيرًا‭ ‬كانت‭ ‬الفرصة‭ ‬أكبر،‭ ‬وما‭ ‬دمنا‭ ‬وقعنا‭ ‬في‭ ‬المجموعة‭ ‬الأصعب‭ -‬حسب‭ ‬اعتقادي‭- ‬فإننا‭ ‬أمام‭ ‬الفرصة‭ ‬الأكبر،‭ ‬ولا‭ ‬تسألني‭ ‬كيف،‭ ‬لأنني‭ ‬لا‭ ‬أقرأ‭ ‬الفنجان‭ ‬أو‭ ‬أفك‭ ‬الودع،‭ ‬وإنما‭ ‬أتنبأ‭ ‬من‭ ‬واقع‭ ‬قراءة‭ ‬مستفيضة‭ ‬لمجريات‭ ‬تاريخ‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يغلق‭ ‬بابه‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬منتخب‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬المجد،‭ ‬ويصر‭ ‬عليه‭!‬