“غزو” السيارات المهجورة

| د. جاسم المحاري

ظاهرة “التشوه البصري” الناتجة عن استمرار التعديات على الممتلكات العامة وتضمينها العشوائيات، وتدني بعض معايير البُنى التحتية في تصاميم المباني وتداخل المرافق فيها، وكذا القصور في إجراءات الرقابة وعمليات التقييم والمتابعة على المنشآت التي تقوم على تنفيذها شركات الإنشاءات وما يشوبها من خلل في جودة وإتقان المخرجات، فضلاً عن انحسار المبادرات المجتمعية التي غالباً ما تنبثق عن الوعي الجمالي الضحل للمحيط البيئي المُعاش؛ تمر جلّ معالجاتها – في اعتقادنا - عبر خطوات عدة، أولاها تطوير الأنظمة واللوائح ورفع مستوى المعايير وتقييم الأعمال المُنجزة باستمرار بالتزامن مع تقديم الرسائل التوعوية للمواطنين والمقيمين والوافدين بمتنوع الوسائل المُتاحة عن آثار هذه الظاهرة السلبية الآخذة في التنامي في الوقت الحاضر، وبيان تداعياتها الضارة على البيئة والصحة.

مناظر “السيارات المهجورة” واحدة من صور التشوه البصري بعد أنْ يتركها أصحابها مُغطاة بالأغبرة ومُعرضةً للحرارة والرطوبة المرتفعة دون استفادة منها، مُتناثرة على الأرصفة دون استخدام لفترات طويلة؛ تشهد – ببالغ الأسف - انتشارًا في العديد من الأحياء السكنية بمحافظات البحرين الأربع، حتى صارت ظاهرة أنتجت أضراراً بيئية زادت من انتشار المخلفات وأعاقت أعمال النظافة وشكلت إزعاجاً للأهالي وعائقًا لحركة المارة وحجبًا لرؤية السائقين، الأمر الذي تطلب جهوداً توعوية مكثفة ومتابعة حثيثة من الجهات المعنية طوال العام، بأنْ يتخللها تخيير المخالفين بالغرامة أو الإزالة بعدما انعدمت بسببها الصورة الجمالية المُستوحاة.

نافلة: الدائرة الأولى في المحافظة الشمالية - مثالاً لا حصراً – التي تضم (19) مجمعاً سكنياً وتشمل (8) قرى؛ هي واحدة من الدوائر “النائية” حتى الآن عن حلحلة هذه الظاهرة التي باتت تداعياتها الضارة تتفاقم يوماً بعد يوم بما تعجّ به أزقتها من مختلف موديلات السيارات الخربة والخردة بأحجامها المتنوعة التي غيرّت معالمها ترسبّات الغبار في مظهر مُشوهٍ للمنظر العام وسط الأحياء السكنية.

فضلاً عن إرباك الحركة المرورية وإشغال الأرصفة والساحات العامة؛ حتى أضحت غالبيتها مرتعاً للقطط والكلاب الضّالة وإلخ.. بعد أنْ هجرها أصحابها مُدداً طويلة. وهنا نتأمل من المجلس البلدي الشمالي بالتعاون مع البلدية في هذه الدائرة سد القُصور ومُداراة النّقص بتفعيل قانون النظافة العامة رقم (10) لسنة 2019م وفق الضوابط والأنظمة والقوانين المعمول بها في إجراءات الإزالة ودفع الغرامات، ولا بأس من الاستفادة من تجربة مجلس بلدي المحرق في حل هذا النوع من المشكلات.

- كاتب وأكاديمي بحريني