بعض “البقالات” ونهب الناس

| إبراهيم النهام

أتذكّر أنني وأثناء دخولي لإحدى البقالات الصغيرة في مدينة عيسى، رأيت مواطنًا ستينيًّا، محدودب الظهر، وهو يشتري بعض المعلبات الغذائية، والاحتياجات الضرورية للبيت، قبل أن يطلب من الآسيوي صاحب البقالة بأن يدوّن كلفتها بدفتر الديون. بعد انصرافه، رأيت الآسيوي وهو كبير بالسن أيضًا، وكيف بدا متردّدًا في كتابة المبلغ المطلوب، رغم معرفته بطبيعة السلع وعددها، لحظات قبل أن يستقر قلمه على رقم معين، وهو رقم أوجد الراحة الواسعة في وجهه. أخذني الفضول الصحافي، فذهبت إلى ذات الأرفف، وذات السلع، فلاحظت بأنها قريبة انتهاء الصلاحية، بفترة لا تتجاوز الأربعة أشهر، وهي فترة قصيرة، قياسًا بعمر ذات السلع في السوبرماركات، والهايبرماركت. حين سألت الآسيوي عن أسعار البعض منها، اكتشفت أنها أسعار مبالغ فيها، وبوضوح، وكأنه يدرج مبالغ إضافية عليها، باعتبار أنها تباع بالسداد المؤجل، وليس الفوري. بدأت بعدها بزيارة بعض البقالات الشبيهة، والصغيرة، فوجدت أن الأمر ذاته يتكرّر، حيث يقوم هؤلاء بشراء هذه السلع من مصادرها بسعر تفضيلي بسبب قرب انتهائها، والعمل على بيعها بسعر يفوق الجديدة بنسبة ربح عالية. إلى ذلك، لا يزال موضوع تدوين البيع بالدين، ومن خلال دفاتر بدائية، خارج مجهر الرقابة، حيث يكون صاحب البقالة المسؤول عنها أولًا وآخرًا، في مقابل زبائن محدودي الدخل، لا حول لهم ولا قوة. هذا الواقع المؤسف يؤكد أهمية الرقابة على قطاع البقالات، بخطوة ستلاقي تقدير الناس، ومحبتهم، خصوصًا في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، والتي تتطلب الحذر في الصرف، والوعي في الأولويات، ودمتم بخير.