خارطة الطريق الصعب نحو الريادة: كيف حافظت البحرين على مراكز متقدمة إقليميا وعالميا في تقنية المعلومات؟

| ياسر سليم

جاء نبأ حصول البحرين على المرتبة الخامسة عالميًّا والثالثة عربيًّا، حديثا، في مؤشر تنمية تقنية المعلومات والاتصالات (IDI) للعام 2024، للسنة الثانية على التوالي، ليشير إلى تواصل تأكيد مكانة المملكة بوصفها مركزًا إقليميًّا رئيسًا متطورًا في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات. وصدر المؤشر حديثا عن الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU)، مشيرًا إلى التزام المملكة بتنفيذ أهداف استراتيجية قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي (2022 - 2026)، وتعزيز مكانتها كمركز رئيس لهذا القطاع الحيوي. من المؤكد أن التصنيف المتقدم لمملكة البحرين يبرز التطور المستمر في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات، مدعومًا بجهود حكومية حثيثة تهدف إلى تعزيز الابتكار والتحول الرقمي، لبناء اقتصاد رقمي مستدام يخدم المملكة وشعبها، بما يتماشى مع رؤية عاهل البلاد المعظم صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وبمتابعة من الحكومة بقيادة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة. تعزيز الابتكار وريادة الأعمال من المهم هنا السؤال عن خارطة الطريق الصعبة التي وضعتها المملكة وصولًا لتحقيق ريادة البحرين في بنية الاتصالات وتقنية المعلومات.  تقول تقارير رسمية إن مساعي المملكة تستهدف أن تكون ضمن أفضل 10 دول عالميًّا في هذا القطاع. وبدأت البحرين رحلتها نحو التميز في مجال تقنية المعلومات والاتصالات، عبر استثمارات ضخمة في البنية التحتية. وتضمنت هذه الاستثمارات تطوير شبكات الاتصالات وتوسيع نطاق تغطية الإنترنت عالي السرعة ليشمل جميع مناطق المملكة.  وإضافة إلى ذلك، قامت البحرين بإطلاق مشروعات وطنية كبرى لتحديث وتطوير البنية التحتية التقنية مثل: - مشروع شبكة الألياف البصرية الوطنية: الذي يهدف إلى توفير خدمات إنترنت فائقة السرعة لجميع المنازل والمؤسسات. - مشروع تطوير شبكات الجيل الخامس (5G): ما جعل البحرين من أوائل الدول التي تتبنى هذه التقنية الحديثة. السياسات الحكومية الداعمة اتبعت الحكومة البحرينية سياسات فعّالة لدعم وتنمية قطاع تقنية المعلومات والاتصالات. وشملت هذه السياسات: - تحفيز الابتكار: من خلال دعم الشركات الناشئة في مجال التقنية وتوفير بيئة تنظيمية مواتية. - تشجيع الاستثمارات الأجنبية: من خلال توفير حوافز للمستثمرين في القطاع التقني، مثل إعفاءات ضريبية وتسهيلات إدارية. - التعليم والتدريب: عبر إطلاق برامج تعليمية وتدريبية لتعزيز المهارات الرقمية والقدرات التقنية للشباب البحريني. الشراكات الاستراتيجية قامت المملكة بإبرام شراكات استراتيجية مع عدد من الشركات العالمية الرائدة في مجال تقنية المعلومات والاتصالات. هذه الشراكات ساهمت في نقل المعرفة والتكنولوجيا الحديثة إلى المملكة، وساعدت في بناء قدرات محلية تنافسية، ولتطوير حلول سحابية مبتكرة وتقديم خدمات تدريبية تقنية، ولإنشاء مراكز للابتكار التقني وتطوير تقنيات الجيل الخامس. تعزيز الاقتصاد الرقمي ساهمت هذه الإنجازات في تعزيز الاقتصاد الرقمي في البحرين، ما جعل المملكة مركزًا رئيسًا للأعمال التقنية في المنطقة. وارتفعت معدلات الابتكار ونمو الشركات الناشئة، ما ساهم في خلق فرص عمل جديدة وزيادة مساهمة القطاع التقني في الناتج المحلي الإجمالي. من زاوية أخرى، أسهمت الاستثمارات الكبيرة في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات في تحسين جودة الحياة للمواطنين والمقيمين في البحرين. كما أصبحت الخدمات الرقمية أكثر تطورًا وانتشارًا، ما جعل الحياة اليومية أكثر سهولة وفاعلية، سواء في مجالات التعليم أو الصحة أو الخدمات الحكومية.

التحديات المستقبلية

على الرغم من النجاحات التي حققتها البحرين في مجال تقنية المعلومات والاتصالات، إلا أن البقاء على القمة، يستوجب مجابهة جملة من التحديات المستقبلية. من أبرز هذه التحديات:

- مواكبة التغيرات التقنية السريعة: الحاجة إلى الاستمرار في تحديث البنية التحتية التقنية لمواكبة التطورات السريعة في هذا المجال. - تعزيز الأمن السيبراني: زيادة الاستثمارات في مجال الأمن السيبراني لحماية البنية التحتية الرقمية من التهديدات الإلكترونية. - تطوير رأس المال البشري: تعزيز برامج التعليم والتدريب لتلبية متطلبات السوق المتنامية في مجال تقنية المعلومات والاتصالات. ويعد مؤشر تنمية تقنية المعلومات والاتصالات (IDI) أحد أهم المؤشرات العالمية التي تقيس مستوى تطور الدول في هذا المجال. يتضمن المؤشر معايير عدة من بينها: 1. الوصول إلى التقنية: يشمل مدى انتشار خدمات الإنترنت والهاتف المحمول والبنية التحتية التقنية. 2. الاستخدام: يتضمن معدلات استخدام الإنترنت والخدمات الرقمية من قبل الأفراد والمؤسسات. 3. المهارات: يقيس مستوى المهارات الرقمية والمعرفة التقنية في المجتمع. ختامًا فإن نجاح البحرين في الحفاظ على مكانتها الريادية في مؤشر تنمية تقنية المعلومات والاتصالات للعام 2024 يعكس جهودها المستمرة واستراتيجيتها الفعّالة في هذا المجال.  ومع استمرار الاستثمارات والدعم الحكومي، يبدو أن البحرين في طريقها لتحقيق مزيد من الإنجازات والريادة في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات على المستوى العالمي.