إدارة الأزمات في عمليات الطيران وحقوق المسافر!

| د. أحمد العويناتي

يعد عالم الطيران وتحديدا قطاع الطيران المدني، من أكثر القطاعات حوكمة، إذا ما قورن بقطاعات الأعمال الأخرى، فهو يخضع لقوانين محلية وعالمية متعددة الجهات تنظم عمليات الطيران، وتضمن سلامة وأمن وحقوق المسافرين من جهة، وفاعلية الإجراءات التشغيلية من جهة أخرى. ولعل السبب الراجح في تزايد حوكمة هذا القطاع هو شموليته للعلوم المعقدة، مثل الهندسة بمختلف مجالاتها، والقانون، والتجارة، والاقتصاد والمال، والعلوم الطبية المختلفة، وعلم النفس، علاوة على تقنية المعلومات، وغيرها من العلوم دائمة التطور، والتي عبرها يتم تحديث المعايير التشغيلية بشكل مستمر. وبالحديث عن معايير سلامة وأمن عمليات الطيران، فإنه يجدر بنا الإشارة إلى مفهومين مهمين لا يمكن استمرار عمليات الطيران من دونهما، وهما: إدارة المخاطر (Risk Management)، وإدارة الأزمات (Crisis Management).  وتعنى دراسة المخاطر بتحديد تحديات سلامة عمليات الطيران وأمنها، ثم تصنيفها وفقا لدرجة الخطر، ومن ثم وضع استراتيجيات للتخلص من أو تخفيف هذه المخاطر، بما يسمح بالسيطرة عليها بشكل مستمر وفق سيناريوهات التشغيل. فمثلا تشغيل العمليات في كاتمندو بالنيبال يتطلب مهارات محددة أثناء الإقلاع والهبوط؛ نظرا للموقع الجغرافي للمطار في وسط سلسلة من الجبال، ما يسبب في غالبية الأحيان دوران الطائرات حول الوادي مرارا وتكرارا قبل الهبوط في المدرج أو حتى أثناء الإقلاع. وللتغلب على هذه المخاطر يتطلب إعداد إجراءات هبوط وإقلاع ذات سرعات واتجاهات معينة مرتبطة بتعطل أحد المحركين، على سبيل المثال، ومن ثم تدريب طاقم قيادة الطائرة على هذه السيناريوهات. أما إدارة الأزمات فهو يساعد المنظمات على تحديد الأزمات الوشيكة أو القائمة، والاستجابة لها بطريقة منسقة وناجحة؛ لتخفيف الأضرار التشغيلية والمالية. وللقيادة أثناء الأزمات دور مهم يتجلى في اتخاذ قرارات سريعة وفعالة، وعليه يجب تحديد المسؤوليات والمحاسبة، وتوزيعها دون غموض، في جميع خطط إدارة الأزمات التي تتبعها شركات الطيران. كما يجب تحديد سلسلة واضحة من القيادات وخطوط الاتصال. وبشكل خاص يجب ذكر دور الرئيس التنفيذي ودور رؤساء الأقسام والمدراء بوضوح تام.  عمليا، فإن وجود إدارات ذات كفاءة عالية في إدارة المخاطر والأزمات، ينعكس بشكل مباشر على تجربة المسافر، سواء أكانت الأزمة نتيجة لإغلاق مجال جوي خارج عن سيطرة شركة الطيران، بسبب العمليات العسكرية أو الحربية، أو نتيجة لسوء الأحوال الجوية، على سبيل المثال لا الحصر، بما يمنع هبوط وإقلاع الطائرات من المطار. ومن هنا فإن استمرار الاتصال بالمسافرين وإخبارهم بآخر التطورات في مثل هذه الأزمات، وإيجاد حلول بديلة، ومن ثم تعويضهم بما يتناسب مع القوانين واللوائح التنفيذية في مثل هذه الظروف، خير مصداق لكفاءة إدارة الأزمات.