عندما تغضب المرأة

| هدى حرم

الأنثى التي تتسم بالهدوء والسكينة ويغلب عليها الخجل والحياء، والتي لا يليق بها أن يعلو صوتها كي لا يسمعه الغرباء، أكانت في بيتها أم في الأماكن العامة التي قد تتواجد فيها، قد تخرج عن إطارها الأنثوي الهادئ المتزن، وحدودها المجتمعية الصارمة؛ فتندلع من أنفها نيران الغضب فجأة، أو ترتج لهاتها بصراخ هستيري هادر على حين غرة. ذلك الغضب الذي يفسره الرجل بأنه تصرف لا يغتفر؛ فيترك الساحة لامرأته لتثور فيها طولا وعرضا، ويحافظ على هدوئه النفسي وسلامه الداخلي، بينما تعاني هي، وتتفاقم لديها حالة الغضب وتستمر، محدثة شرخا عميقا في كيانها الهش، وماسخة لصورتها الوديعة.

قد لا يعجب الرجل أن يعلم بأنه السبب بنسبة ليست قليلة في دخول المرأة في حالة الغضب؛ فقد يكون الزوج سببا في شعور المرأة بالإحباط جراء سلوك مزعج متكرر، أو عدم تحقق أمر طال انتطاره، وغالبا ما يكون بسيطا لا يستدعي كل هذه المماطلة التي تشعرها بالإحباط بعد مدة من الزمن. إذا اشتكت الزوجة من أمر ما أو احتاجت للبوح بما يعتريها من مشاعر، واصطدمت بتجاهل الرجل أو عدم استماعه لها في كل مرة احتاجت للحديث والتنفيس، فإن حالة من الغضب قد تعتريها وتدفعها للصراخ والتخلي عن طبيعتها الهادئة، كذلك فإن مقاطعة الزوج زوجته أثناء الحوار وخصوصا بعد نشوب شجار بينهما، وعدم استماعه لها وتداخل الأصوات بشكل متعمد يدفع الزوجة للصراخ الهستيري؛ لأنه لا يستمع لها ولا يقبل منها دفاعا ولا يحترم لها رأيا ولا توجد لدى الزوج رغبة في تفهم موقفها بتاتا.

قد تغضب الزوجة بسبب التوتر المستمر في العمل وعدم قدرتها على التوفيق بين مسؤولياتها المهنية والأسرية وأعمال المنزل وتربية الأبناء وتعليمهم والاهتمام بشؤون الزوج والمشاكل والالتزامات العائلية والعلاقات الاجتماعية، في الوقت الذي لا يبدي فيه الزوج استعدادا للمساعدة، أو مد يد العون، أو تقديم النصح في أي من تلك المسببات لتوتر المرأة، وكأنه لا ينتمي لها أو لعالمها أو كأنها زوجة بلا زوج وأم بلا أب. ناهيك عن تعمد الزوج إذلال الزوجة والتنمر عليها والحط من شأنها وإفشاء أسرارها أمام الآخرين.

على الرجل أن يحتوي المرأة ويتفهم تقلباتها النفسية ودوافعها الكامنة وراء الغضب. إن مآلات خروج المرأة عن السيطرة مدمرة في غالب الأحيان، ومن شأنها أن تقوض الحياة الزوجية التي بنيت على المودة والرحمة، أو تنذر بانهيارات متتالية تؤثر على العلاقة بين الزوجين وتقود لحالة من الطلاق الزوجي، حين تنتقل المرأة من الغضب الحسي إلى الغضب الكامن، نتيجة الشعور بالإحباط والعجز، وفي الحالتين يطيح ببناء الأسرة ويهدد الاستقرار النفسي للأبناء وينتج جيلا غاضبا لا يعرف إلا لغة القسوة والصوت العالي.

كاتبة بحرينية