23 مارس: يوم الابتكار.. قصة ملهمة تتجدد كل عام
| عبدالله سلمان
يكتسب يوم الابتكار، الذي يوافق 23 مارس، مكانة خاصة في نفسي. فهو يحمل ذكريات جميلة وطاقة متجددة للعطاء، بل إنه قصة نجاح تتجدد كل عام، ومحطة فارقة في مسيرتي المهنية. لقد ارتبط هذا اليوم بالابتكار، ليس كمفهوم نظري، بل كتجربة حقيقية شكلت جزءًا من رحلتي المهنية. في هذا المقال، دعني آخذك قليلًا إلى أصل الحكاية، التي بدأت العام 2006، وصولًا إلى اللحظة التي تحوّل فيها وعيي المبكر بالابتكار إلى قيمة مضافة ومؤثرة في حياتي.
بداية الرحلة: الابتكار كمفهوم عام عندما بدأت مسيرتي المهنية، كان الابتكار مفهومًا عامًا أكثر منه دورًا وظيفيًا واضحًا داخل المؤسسات. لم يكن جزءًا أساسيًا من الهيكل التنظيمي لمعظم الشركات في البحرين. لكنني كنت على يقين بأن الابتكار ليس مجرد تخصص أكاديمي أو شهادة احترافية، بل هو مزيج من الإرادة، والوعي، والطموح، والرؤية الواضحة. ومن هذا المنطلق، صنعت مسارًا وظيفيًا جديدًا يجمع بين تنوع المعرفة والممارسة المهنية والتجربة الحقيقية.
من الإدراك إلى التطبيق كان إدراكي المبكر لأهمية الابتكار في بيئة العمل دافعًا لي لاستكشاف الطرق التي يمكن من خلالها تحويله إلى ثقافة داخل الشركة. وفي إحدى الشركات البحرينية، وجدت المساحة المناسبة لتحقيق هذا الطموح. وكان للأستاذ عماد العصفور، بصفته المدير التنفيذي لشركة باب البحرين، دورٌ يستحق الإشادة، إذ كان داعمًا ومشجعًا للأفكار الجديدة داخل الشركة، ما ساهم في خلق بيئة محفزة على الابتكار. والحمد لله، فقد جمعتنا رؤية ودوافع مشتركة ساعدتنا على مواجهة العديد من التحديات. وأسهم هذا الانسجام الفكري في ترسيخ ثقافة الابتكار كممارسة حقيقية انعكس أثرها على الموظفين ومختلف مشاريع الشركة.
الريادة في تبني مسمى “مدير الابتكار” ومع مرور الوقت، أصبح مسمى “مدير الابتكار” جزءًا رسميًا من هيكل الشركة منذ العام 2011. وعندما توجهت لاحقًا إلى الجهات الرسمية لتسجيل المسمى ضمن إجراءات التوظيف، لم يكن مدرجًا في القوائم المعتمدة آنذاك. وبعد البحث والتقصي بالإمكانات المتاحة حينها، لم أجد لهذا الدور وجودًا واضحًا ومستقلًا، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص. لكن مع مرور السنوات، بدأت المؤسسات الأخرى تدرك أهميته، وبدأت مسميات متعددة ذات صلة بالابتكار بالظهور والانتشار بشكل أوسع، ما يعزز فخرنا بكوننا من أوائل المبادرين في هذا المجال.
يوم الابتكار: محطة تحفيزية إحدى المحطات التي أعتز بها أن الشركة خصصت تاريخ 23 مارس ليكون “يوم الابتكار” للشركة، وهو التاريخ ذاته الذي بدأت فيه رحلتي المهنية. إلا أن الشركة لم تكتفِ بجعله مناسبة سنوية للإحتفال، بل عملت على غرس الابتكار كثقافة راسخة في بيئة العمل. كما أصبح هذا اليوم محطة تحفيزية تشجّع الموظفين على التفكير الإبداعي والمبادرة القيادية لتحويل ثقافة الابتكار إلى ممارسة مستدامة في مختلف جوانب العمل.
ثقافة الابتكار: سرّ الاستمرارية والتميز على مدى 24 عامًا تعكس تفاصيل هذه المقالة خلاصة جهود مشتركة بيني وبين الشركة في دمج ثقافة الابتكار في بيئة العمل. وهدفي من خلال سرد هذه التفاصيل هو تقديم مثال واقعي مستمد من مسيرة نجاح شركة بحرينية امتدت لأكثر من 24 عامًا. لم يكن بقاء الشركة في السوق طوال هذه المدة مجرد صدفة، بل كان ثمرة تبني ثقافة الابتكار التي حولت التحديات إلى فرص، والعقبات إلى محطات للتميز. لم يقتصر النجاح على المرونة وحدها، بل كان السر في تمكين كل موظف ليكون قائدًا ومسؤولًا، يحمل رؤية واضحة ويُسهم في صنع القرار. كما وفّرت بيئة العمل مساحةً تحفّز التجربة الواقعية والمباشرة، وتشجّع التفكير الجريء واتخاذ خطوات واثقة نحو الحلول غير التقليدية. لم تكن التحديات عوائق، بل كانت محطات لصقل مهارات جميع العاملين في الشركة، وفرصة لإعادة رسم استراتيجيات النجاح. ومن منطلق إيماني العميق بأن الأزمات ليست نهاية الطريق، بل هي نقطة انطلاق جديدة، استطعتُ مع فريق العمل تحويلها إلى فرص عززت مكانة الشركة في السوق.
يرتقي الابتكار بتكامل الجهود في هذا المقال، أحببت أن أشارككم تفاصيل حكايتي لتكون رسالة ملهمة لكل شاب بحريني قادر على ترك بصمته في هذا الوطن. فلا يستهين بطموحه، بل يسعى لتحقيقه بجدٍّ وجرأة، فالتوفيق يتحقق بالسعي والمثابرة. ولكل الشركات وأصحاب الأعمال، فإن الابتكار يحتاج إلى بيئة تحتضنه وتدفعه نحو الأمام. فالتكامل الذكي بين الموظفين وقادة الشركة يشكّل مزيجًا إيجابيًا يعزز الاستدامة. ما يجعلني دائمًا متفائلًا هو أن مملكة البحرين مساحة غنية بالطاقات والعقول البحرينية القادرة على التغيير، كما أن هناك في المقابل شركات ورواد أعمال قادرين على قراءة الفرص بشكل واضح. وعندما يتحد هذا المزيج، سنجد فعلاً مشاريع وابتكارات نوعية وقادة لهم أثر كبير. وكل قصة نجاح، مهما كانت صغيرة، هي إثراء عظيم لجميعنا. فسوق البحرين صغيرة في حجمها، كبيرة في إنجازاتها.