النجاح بين التشجيع والحسد
| زهير توفيقي
النجاح هو ثمرة الجهد، والاجتهاد، والمثابرة، وهو هدف يسعى إليه كل إنسان طموح. ومع ذلك، فإن النجاح لا يُقابل دائماً بالتقدير والتشجيع، بل قد يثير أحياناً الغيرة والحسد بدلاً من الدعم والمساندة. في مجتمعاتنا، نسمع كثيراً عن أشخاص بدأوا من الصفر، تعبوا وضحوا حتى وصلوا إلى مكانة مرموقة في أعمالهم أو حياتهم المهنية. ومع ذلك، بدلاً من أن يكونوا مصدر تحفيز وإلهام، يصبحون هدفاً للنقد والتشكيك، بل وربما العرقلة. هناك من لا ينظر إلى نجاحهم كقصة كفاح يجب الاقتداء بها، بل كمصدر إزعاج أو تهديد. فالحسد غالباً ما يكون وليد المقارنة، فعندما يرى شخصٌ نجاح غيره، قد يشعر بالدونية أو الفشل، فيتحول هذا الإحساس إلى غيرة سلبية بدل أن يكون دافعاً للتطوير والتحسين. كما أن بعض الثقافات المجتمعية تعزز هذه المشاعر من خلال تصوّر خاطئ بأن النجاح حكرٌ على فئة معينة، أو أن تحقيقه لا يكون إلا عبر وسائل غير مشروعة. وكما هو معروف فإن الحسد لا يؤذي الناجح فحسب، بل يؤثر أيضاً على الحاسد والمجتمع بأكمله. فبدلاً من أن يكون هناك جو من الإيجابية والتشجيع، تنتشر طاقة سلبية تعيق التقدم. كما أن الحسد قد يؤدي إلى محاولات الإحباط ونشر الإشاعات، أو حتى عرقلة النجاح بطرق غير أخلاقية. أما المجتمع الذي يشجع الناجحين ويدعمهم، فهو مجتمع صحي ومتطور، لأنه يدرك أن نجاح فرد أو مؤسسة هو نجاح للجميع. والسؤال الذي يطرح نفسه، كيف نستطيع أن نغيّر هذه الثقافة؟ شخصيا أؤمن بأن نعلم أنفسنا، بل نزرع في قلوبنا كيف نفرح لنجاح الآخرين، ونعبّر عن ذلك بتشجيعهم والثناء على إنجازاتهم. فبدلاً من الحسد والغيرة، يمكننا أن نستلهم من الناجحين، ونتعلم من تجاربهم ونطور أنفسنا، ناهيك عن أننا كأفراد أو مؤسسات، علينا أن نؤمن بأن نجاح أي شخص هو إضافة لنا وللوطن. نلاحظ ولسوء الحظ أن الحسد يزداد في القريب أكثر من البعيد، فنرى الكثير من قصص النجاح التي يحققها فرد من أفراد العائلة الواحدة في حياته الشخصية أو المهنية، إلا أنه لا يتلقى أية تهنئة، ولا حتى من خلال رسالة نصية على أضعف الإيمان! بينما في المقابل نجد ذلك في الغريب! ألا ترون في ذلك شيئا من انعدام الذوق العام والأنانية والغيرة، مع العلم بأن ديننا الإسلامي الحنيف يحثنا جميعا على الإيجابية وحب الخير، فنبينا صلى الله عليه وسلم قال في حديث شريف “الكلمة الطيبة صدقة”.. فماذا ننتظر أكثر، أليس علينا اتباع نبينا الكريم؟ فنجد مع الأسف الشديد كثيرا من الناس يظنون أن أركان الإسلام هي فقط نطق الشهادتين والصلاة والصيام والزكاة وحج البيت، لكنهم في المقابل يجهلون القيم والمبادئ الدينية والأخلاقية الرائعة التي ذكرت في القرآن الكريم والسنة النبوية! الخلاصة.. الناجح الحقيقي لا ينتظر تصفيق الآخرين، لكنه أيضاً لا يجب أن يكون ضحية للغيرة والحسد. أما المجتمع الناضج فهو الذي يحتفي بالمبدعين ويجعل من نجاحهم جسراً لعبور الجميع نحو مستقبل أفضل ومشرق للوطن والمواطن.
كاتب وإعلامي بحريني