المسؤولية الرقمية
| د.حورية الديري
من أهم القيم التي لا يغيب تأثيرها في العالم الافتراضي هي المسؤولية الشخصية، ففي حين يتيح الإنترنت للجميع فرصة الوصول إلى المعرفة والمشاركة في المجتمعات العالمية، يتعيّن على الأفراد أن يتحملوا المسؤولية عن تصرفاتهم وأفعالهم في هذا الفضاء، ولا يمكن إغفال تأثير الكلمات والأفعال في العالم الافتراضي، إذ قد تكون لها عواقب على الأفراد والمجتمعات في العالم الواقعي. وبالنظر في مفهوم المسؤولية الرقمية فإنها تعني أن يكون لدى الأفراد الوعي الكافي بتأثير أفعالهم على الآخرين، سواء كان ذلك في نشر الأخبار الزائفة أو في التفاعل السلبي عبر الإنترنت، لأن المجتمع الرقمي يتحمل دورًا مشتركًا في تعزيز القيم الأخلاقية مثل الأمانة، العدل، والمساواة، ويمكن أن يكون وسيلة فعالة لتعزيز هذه القيم إذا تم استخدامها بشكل واعٍ. وغالبًا ما يعتمد الأفراد على الأشخاص أو المحتوى الموثوق به في العالم الافتراضي لتكوين آرائهم واتخاذ قراراتهم. لذا، فإن الصدق يبقى قيمة لا تغيب عن هذا الفضاء، فمن خلال تبادل المعلومات والمحتوى بشكل صادق، يبني الأفراد الثقة في علاقاتهم الرقمية، فالمجتمعات التي تروج للمحتوى الواقعي والنزيه، سواء في مجالات الصحة، العلوم، أو الأخبار، تعزّز من مصداقية الإنترنت كمصدر موثوق. وفي المقابل، يمكن أن يشهد العالم الافتراضي انتشار المعلومات المغلوطة والأخبار الزائفة، وهو ما يهدّد القيم الأساسية للصدق والمصداقية. ولذلك، تبرز الحاجة الملحة للوعي الرقمي الذي يمكن الأفراد من التمييز بين الحقيقة والخيال، ويشجعهم على التحلي بالصدق في كل تفاعل. لذا نرى بأن العالم الافتراضي لا يزال يشهد تطورًا مستمرًّا، ويقدم فرصًا وتحديات جديدة للبشرية.
وبينما يتم استخدام التكنولوجيا لتعزيز التواصل والانفتاح بين الأفراد، يجب أن نحرص على تطبيق هذه القيم في معاملاتنا الرقمية. وفي نهاية المطاف، القيم لا تغيب، بل هي شرط لابد منه لضمان أن يبقى العالم الافتراضي مكانًا يساهم في بناء مجتمع رقمي آمن، تبقى القيم الأساسية والمسؤولية الشخصية الركائز التي لا يمكن التخلي عنها.
كاتبة وأكاديمية بحرينية