ظاهرة المستثقفين!
| أمين عبدالقادر العباسي
يقاس سمو الشعوب ومدى تقدمهم و تحضرهم، ان ترى العلماء والأدباء و المثقفين و انتشار المكتبات و الصالونات الأدبية و أن ترى الصحف تتناول فكر العلماء و تحلل قصائد الأدباء او تناقش اصدارت المثقفين، و اهتمام الدولة بتكريمهم و تحفيزهم من خلال عمل المسابقات الدورية و المعارض الثقافية وعلى هامشها ركن لحفلات توقيع و مناقشة كتاب و سط حضور جماهيري و صحفي يغطي هذه المناسبة.
كانت المجتمعات الادبية تعتمد على اللقاءات و تبادل التجارب الادبية و نذكر كيف عززت الرسال المتبادله بين مي زيادة و جبران خليل جبران تجاربهم الفردية في الكتابة، الصالونات الادبية و الثقافية المحلية كيف صقلت الكتاب و الشعراء و نهضت بالمسرح و مختلف الفنون، و مازالت هناك المراكز الثقافية مثل مركز الشيخ ابراهيم حيث يجتمع فية اهل الفكر لتبادل تجاربهم و مناقشتها. ولا شك أن الالهام و الابداع الكتابي بمختلف توجهاته يعتمد اعتماد كلي على التجارب المباشرة او المستقاه من البيئة المحيطه ومنها التجمعات الادبية.
الكتابة ليست قصراً على أحد، فمن حق اي فرد كتابة افكاره أو تجاربه و نشرها اذا ماسمحت له الفرصة، و هنا أعرج على بعض الكتاب الذين ظهروا في بداية الألفية الجديدة ، لقد قرأنا ابداعاً مثيراً و لم تأتي تلك الموهبة الا من شغف القراءة و تتبع من سبقهم في هذا المجال، فالكاتب يتأثر بمحيطه او بمن يتابع من أدباء بعضهم ينتهج نفس النهج و بعضهم من يشق طريقه الخاص في الكتابة، فيكون ظاهرة جديدة.
ظهور المستثقفين، أو الدخلاء على الثقافة، ممن يستقي الفكر من تتبع مشاهير التواصل الاجتماعي او العلامات التجارية في مراكز التسوق، فتارة ترى كتاب اسمه كبتشينو وتاره كتاب تامر على شي!!، أو كتاب عبارة عن ألبوم صور يخرج المؤلف بصور في وضعيات مختلفة و جملة في الصفحة المقابلة، فلا تخرج من قراءته إلا بخفيي حنيين، و الغريب بعضهم يحقق نجاح مؤقت بفضل اعلانات مدفوعة في برامج التواصل الأجتماعي، و من الملفت أن ترى في بعض الطبعات أرقام غريبة كرقم الطبعة 37 ، متى و كم نسخة طبعت في كل مره! أمور غريبة و غير مسبوقة للترويج لكتب مثل هذا المستوى.
البرمجة العصبية و التنمية البشرية و تطوير الذات، مواضيع اخرجت لنا الكثير من المستثقفين، إنتاجات غزيرة قص و لزق، الترويج لها يبدأ بنص:" 10 خطوات تجعلك افضل شخص في الغرفة"!! أو "كيف تتحكم بالاخرين"!! صنعت المجد المؤقت و الثقة الكبيرة للمؤلفين، غير أن اليوم الكثير منا نسي تلك الكتب بسبب عدم احداث التغير الحقيقي للقارئ، و اصبحت تشغل حيزاً مغبراً في المكتبات.
نشر المعرفة و الأدب واجب وطني، للنهوض بالشعوب، و نحن أمام مسؤولية كبير و هي أمانة يجب الحفاظ عليها و الاخلاص فيها، فلنحرص على توجيه الاجيال القادمة الى الواحات المعرفية و الادبية الحقيقية و التي تثري مخيلاتهم و معرفتهم، و تطهر المكتبات من بعض المستثقفين كُتاب الهرج حتى تعود مكتباتنا زاخرة كما كانت .