+A
A-

في مواجهة المخاطر... الأمان يكمن في الزراعة الذكية

التربة‭.. ‬المياه‭ ‬والهواء‭.. ‬وهل‭ ‬نعيش‭ ‬إلا‭ ‬على‭ ‬كوكب‭ ‬يحويها؟‭ ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬الكوكب‭ ‬يشهد‭ ‬زيادة‭ ‬هائلة‭ ‬في‭ ‬تعداد‭ ‬السكان،‭ ‬فقد‭ ‬بلغ‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2020‭ ‬وفق‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬نحو‭ ‬8‭ ‬مليارات‭ ‬و700‭ ‬مليون‭ ‬نسمة،‭ ‬وهنا‭ ‬تزداد‭ ‬المخاوف‭ ‬تجاه‭ ‬توفير‭ ‬الغذاء‭ ‬وتحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬لسكان‭ ‬الأرض،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬الصالحة‭ ‬للزراعة،‭ ‬خصوصًا‭ ‬مع‭ ‬تفاقم‭ ‬مشكلات‭ ‬تغير‭ ‬المناخ،‭ ‬ونضوب‭ ‬الموارد‭ ‬النفطية،‭ ‬وتلوث‭ ‬المياه‭ ‬والتربة،‭ ‬لكن‭ ‬المهندس‭ ‬الزراعي‭ ‬أحمد‭ ‬حامد‭ ‬يضع‭ ‬تصوراته‭ ‬المتعددة‭ ‬في‭ ‬الأمان‭ ‬العالمي،‭ ‬الذي‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬الزراعة‭ ‬البيئية‭ ‬الذكية‭.‬

ويعرف‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الزراعة‭ ‬بأنها‭ ‬نظام‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬زراعة‭ ‬الأغذية‭ ‬بطرق‭ ‬مستدامة‭ ‬ونظيفة،‭ ‬وترشيد‭ ‬استخدام‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬لاسيما‭ ‬المياه،‭ ‬ومن‭ ‬أبرز‭ ‬سماتها‭ ‬اعتمادها‭ ‬على‭ ‬نظم‭ ‬إدارة‭ ‬وتحليل‭ ‬المعلومات‭ ‬لاتخاذ‭ ‬أفضل‭ ‬قرارات‭ ‬الإنتاج‭ ‬الممكنة‭ ‬بأقل‭ ‬التكاليف،‭ ‬وكذلك‭ ‬أتمتة‭ ‬العمليات‭ ‬الزراعية‭ ‬كالري،‭ ‬ومكافحة‭ ‬الآفات،‭ ‬ومراقبة‭ ‬التربة،‭ ‬ومراقبة‭ ‬المحاصيل،‭ ‬وتلعب‭ ‬التقنيات‭ ‬الحديثة‭ ‬دورًا‭ ‬حاسمًا‭ ‬في‭ ‬المساعدة‭ ‬في‭ ‬تلبية‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الغذائية‭ ‬المتزايدة‭ ‬لسكان‭ ‬العالم،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استخدام‭ ‬أنظمة‭ ‬إدارة‭ ‬وتحليل‭ ‬البيانات،‭ ‬وتقنيات‭ ‬التحكم‭ ‬عن‭ ‬البعد،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬أبرز‭ ‬تقنيات‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬الرابعة‭ ‬مثل‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬والروبوت‭ ‬وإنترنت‭ ‬الأشياء؛‭ ‬لجعل‭ ‬الزراعة‭ ‬أكثر‭ ‬إنتاجيةً‭ ‬وربحيةً،‭ ‬وأقل‭ ‬ضررًا‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬وأقل‭ ‬استهلاكًا‭ ‬لموارد‭ ‬الأرض‭. ‬وتتميز‭ ‬المزارع‭ ‬الذكية‭ ‬بإمكان‭ ‬حقيقي‭ ‬لتقديم‭ ‬إنتاج‭ ‬زراعي‭ ‬أكثر‭ ‬إنتاجية‭ ‬واستدامة‭ ‬استنادًا‭ ‬إلى‭ ‬نهج‭ ‬أكثر‭ ‬كفاءة‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬الموارد‭.‬

أحمد‭ ‬حامد‭ ‬- مهندس‭ ‬زراعي

تحسين‭ ‬تكوين‭ ‬التربة

للتربة تفاصيل يدركها الخبراء وعلماء الجيولوجيا والهندسة البيئية؛ لأن بناء التربة مثل الدورات المحصولية والزراعة البيئية، وبها ارتباطات تكافلية بمحاصيل التغطية والأسمدة العضوية، إذ إنها تشجع حيوانات ونباتات التربة وتحسن من تكوينها وقوامها وإقامة نظم أكثر استقرارا، وفي المقابل يزداد دوران المغذيات والطاقة وخصائص التربة في الاحتفاظ بالمغذيات والمياه، والتعويض عن عدم استخدام الأسمدة المعدنية. ويمكن أن تضطلع تقنيات الإدارة بدور مهم في مكافحة تعرية التربة. ويتناقص طول الوقت الذي تتعرض فيه التربة لقوى التعرية، ويزداد التنوع البيولوجي للتربة، وتقل خسائر المغذيات، ما يساعد على المحافظة على إنتاجية التربة وتعزيزها. ويتم عادة تعويض ما تفقده التربة من مغذيات من موارد متجددة مستمرة من المزرعة إلا أنها ضرورية في بعض الأحيان لتكملة التربة العضوية بالبوتاس والفوسفات والكالسيوم والمغنسيوم والعناصر النزرة من المصادر الخارجية، أما عن المياه، فيعتبر تلوث مجاري المياه الجوية بالأسمدة التخليقية والمبيدات مشكلة كبيرة في كثير من المناطق الزراعية. ونظرا لأن استخدام هذه المواد محظور في الزراعة العضوية، فإنها تستبدل بالأسمدة العضوية (مثل الكومست وروث الحيوان، والسماد الأخضر) ومن خلال استخدام قدر أكبر من التنوع البيولوجي (من حيث الأصناف المزروعة والغطاء النباتي الدائم)، وتعزيز قوام التربة وتسرب المياه. وتؤدي النظم العضوية حسنة الإدارة والتي تتسم بالقدرة الأفضل على الاحتفاظ بالمغذيات إلى إحداث خفض كبير في مخاطر تلوث المياه الجوفية. وفي بعض المناطق حيث يعتبر التلوث مشكلة حقيقية، يجري بشدة تشجيع الزراعة العضوية باعتبارها من تدابير استعادة القدرات.

الصمود‭ ‬أمام‭ ‬الاجهاد‭ ‬المناخي

من جهة أخرى مهمة، تسهم الزراعة العضوية في التخفيف من تأثيرات الدفيئة والاحتباس الحراري من خلال قدرتها على استيعاب الكربون في التربة. وتزيد الكثير من أساليب الإدارة التي تستخدمها الزراعة العضوية (مثل تقليل الحراثة إلى أدنى حد ممكن، وزيادة إدراج البقول المثبتة للنيتروجين) من عودة الكربون إلى التربة، ما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتوفير الظروف المواتية لتخزين الكربون.. إن ممارسي الزراعة العضوية قيمون ومستخدمون للتنوع البيولوجي على جميع المستويات، فعلى مستوى الجينات، تفضل البذور والسلالات التقليدية المكيفة لزيادة مقاومتها للأمراض وصمودها أمام الإجهاد المناحي، وعلى مستوى الأنواع تؤدي التوليفة المتنوعة من النباتات والحيوانات إلى توافر الدوران الأمثل للمغذيات والطاقة اللازمين للإنتاج الزراعي. وعلى مستوى النظام الايكولوجي، فإن المحافظة على المناطق الطبيعية داخل وحول الحقول العضوية وفي غياب المدخلات الكيماوية تؤدي إلى توفير موائل مناسبة للحياة البرية.