+A
A-

ضرورة مواكبة تطورات التكنولوجيا واختيار المجال المستقبلي المهني

لدى‭ ‬المعلمين‭ ‬والمعلمات،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬أولئك‭ ‬ذوي‭ ‬الخبرة‭ ‬الطويلة‭ ‬في‭ ‬سلك‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬ممن‭ ‬حرصوا‭ ‬على‭ ‬مواكبة‭ ‬التطورات‭ ‬المتماشية‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يشهده‭ ‬قطاع‭ ‬التعليم‭ ‬من‭ ‬تحول‭ ‬رقمي‭ ‬كبير‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مجالات‭ ‬الحياة،‭ ‬لديهم‭ ‬مرتكزات‭ ‬وإرشادات‭ ‬مهمة‭ ‬لكلا‭ ‬الطرفين‭: ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬والطلبة،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬اليوم‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المعلومات‭ ‬الوافية‭ ‬بضغطة‭ ‬زر‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬إلكتروني‭ ‬متخصص،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المعلمين‭ ‬والمعلمات‭ ‬البحرينيين،‭ ‬يقتربون‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نقطة‭ ‬المحور،‭ ‬ألا‭ ‬وهي‭ ‬احتياجات‭ ‬الطلبة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المراحل‭.‬

هدى‭ ‬المهدي

الاستزادة‭ ‬من‭ ‬المعرفة

هذا الجانب كان من ضمن اهتمامات اختصاصية الإرشاد الأسري هدى المهدي في العديد من المحاضرات وورش العمل التي قدمتها، وبهذا فهي توجه إلى أهمية أن يكون لدى طلبتنا، وبتشجيع الأسرة والمؤسسة التعليمية، الحافز والحماس والطموح للتميز في مشوارهم التعليمي، وهذا الركن الأهم الذي نراه ماثلًا لدى كثير من أولياء الأمور، فيما يقوم المعلمون والمعلمات بدورهم على هذا الصعيد. ودعوني أشير إلى نقطة أخرى مهمة وهي أننا في عصر التكنولوجيا والتعليم الرقمي والذكاء الاصطناعي وعلوم المستقبل، فإن من الأهمية بمكان اكتساب مزيد ومزيد من المعارف والمهارات لاستخدام الوسائل الحديثة ومصادر المعلومات سواء كان ذلك على صعيد مراحل التعليم الثلاث: الابتدائي، الإعدادي والثانوي، أو على صعيد الدراسة الجامعية.

سألناها: ما أهم المهارات التي تسهم في نجاح المستقبل الأكاديمي وكذلك المهني للخريجين؟ فأجابت: لا شك أن هناك الكثير من المهارات وهذه يمكن اكتسابها بالخبرة والتجربة، إلا أنني من وجهة نظري وخبرتي أرى أن ما ركزت عليه الدراسات المتخصصة في موضوع "الاستزادة من المعرفة"، يعتبر من أهم الدوافع التي تجعل الطلبة من مختلف الفئات العمرية يواصلون تنويع أساليبهم في الاستزادة من المعلومات والمعارف، ولا يقتصر ذلك في عصرنا اليوم على ما يتلقونه في الفصل الدراسي، بل هناك أوجه كثيرة منها المطالعة الورقية والإلكترونية، ومنها المشاركة في الحلقات النقاشية وورش العمل على أيدي المتخصصين.

أما الجانب الآخر الذي أحب أن أؤكده دائمًا فهو الابتكار والتفكير الإبداعي غير التقليدي، إذ نرى اليوم الكثير من الطلاب والطالبات ممن طوروا مهاراتهم أخضعوا الكثير من أفكارهم للتفكير الإبداعي.. بالطبع، هناك مسار دعم وإرشاد وتشجيع من جانب الأسرة والمؤسسة التعليمية، في تنمية القدرة على خلق الأفكار والأسئلة والأنشطة والابتكار الذكي.

 

نجاحهم‭.. ‬نجاح‭ ‬للوطن

لكن، هل يتاح ذلك لكل الطلبة، أي التفكير الإبداعي؟ بالطبع لا، غير أنه من الممكن تنمية هذه المهارة الجوهرية كما ترى مستشار التطوير الإداري والشخصي صفية القاري، التي تؤكد أن من أهم النصائح التي نوجهها للطلبة في بداية العام والدراسي ونهايته، وكذلك بالنسبة للمقبلين على الحياة الجامعية أو دخول سوق العمل، هو التكيف مع المتطلبات، وشبابنا اليوم ولله الحمد يتمتعون بالكثير من المهارات، وقد أبدع كثيرون منهم في مجالات كثيرة، ونطمح لأن نرى هذا العدد يكبر ويكبر؛ لأن نجاحهم هو نجاح للوطن ومستقبله وتطوره ونهضته.

إن من الأهمية بمكان أن يستثمر أولياء الأمور والعاملون في المؤسسات التعليمية خصوصا المرشدين والمرشدات الأكاديميين والمهنيين، ما يطلق عليه "الفكر التكيفي"، وهي طريقة تفكير تقوم على تطوير القدرات والأدوات الشخصية التي يلزم من خلالها إتقان الكثير من المهارات المتواكبة مع العصر ومتطلباته، سواء على مستوى التحصيل العلمي أو التميز في المجال المهني، ولا يجب أن يهمل أولياء الأمور هذا الجانب، فالتواصل الفعال مع الأبناء والجلوس معهم لتنمية فكرهم التكيفي يمكنهم من التعامل مع الكثير من المشكلات وعدم التعثر بالمعوقات، وكما نرى اليوم فهناك الكثير من البرمجيات المتقدمة تكنولوجيًا في عالم متغير بشكل سريع، ومع الوقت والاهتمام بتطوير وتنمية تلك القدرات يمكن استخدام الكثير من الأدوات التي تسهم في خلق عملية تعليمية ناجحة ومستمرة وفق ما يطلق عليه اليوم "الاستدامة".. نعم الاستدامة تعني الاهتمام بتطوير الذات بشكل مستمر لا يتوقف عند سقف محدد.

سعد‭ ‬عيد

التغيير‭ ‬إلى‭ ‬الأفضل

ولخبرته في مجال الإرشاد التربوي، اهتم سعد عيد صالح في مشواره المهني بالتفكير والبحث في المشكلات التي قد تعترض مشوار التحصيل الدراسي، فالعملية التعليمية وفق نظرته تقوم على تكامل أدوار الأسرة والمؤسسة والمجتمع، ويقول: دائمًا ما ألفت إلى أهمية تكوين شخصية الأبناء واكتشاف قدراتهم واهتماماتهم الفكرية، فكما نعلم، تتفاوت القدرات العقلية بين الطلبة، ولهذا نحن بكل تأكيد، أولياء أمور ومعلمين ومعلمات ومتخصصين، ننشد التغيير إلى الأفضل لكل أبنائنا في مختلف المراحل التعليمية، ومن الخطورة أن نقف مكتوفي الأيدي في حال وجود طالب، أو طالبة، ليست لديه الرغبة أو يشعر بنفور من التحصيل الدراسي، وهذا الأمر وارد في الحقيقة، ويمكن معالجته بالأفكار البناءة من قبيل بث الروح والتشجيع والتقدير بهدف تجديد الحيوية والنشاط، وكذلك تجديد أساليب العملية التعليمية المحببة لدى المتلقين في مختلف المراحل الدراسية.

ويشير إلى أن هذا التشجيع لا يجب أن ينحصر في حقيبة الطلبة من مناهج وواجبات وغيرها، بل يتعدى ذلك لفتح مجال أوسع للطلبة للابتكار في مجالات يحبونها كالفن والرياضة والثقافة وتوظيف مواهبهم، ولا ريب في أن أدوات تحسين القدرات كثيرة ويدركها الإخوة والأخوات العاملون في سلك التربية والتعليم، وأعتقد أن الأسرة المثقفة الواعية تضع اعتبارًا لجلسة النقاش والبحث والتشاور مع أبنائها، فهذا الجانب يصقل شخصيتهم أيضًا، ويمنحهم الثقة والقدرة على الابتكار.


زينب‭ ‬الحمر

الأساليب‭ ‬المفضلة‭ ‬للتحصيل

وتؤكد زينب محمد رضا الحمر (معلمة) أن استخدام أساليب تعزيز التدريس لا يمكن حصرها في العام الأكاديمي، بل يلزم أن تتحول إلى أسلوب حياة وبشكل يومي، بحيث يحصل الطلاب والطالبات على التشجيع والدافعية وتطوير مهارتهم وقدراتهم الشخصية، ولا يقتصر ذلك على فئة الموهوبين والمتميزين من الطلبة، فهناك فروق فردية دون شك، إلا أن هذا الهدف يشمل كل فئات الطلبة لتنمية مهاراتهم وفق قدراتهم، ولا شيء صعب في ظل توافر القنوات التكنولوجية التي تضيف معارف ومعلومات إلى أولياء الأمور.

وكم أتمنى لطلبتنا أن تكون لديهم بصماتهم وأفكارهم التي يناقشونها مع معلميهم وأولياء أمورهم فيما يمكن أن نسميه "الأساليب المفضلة للتحصيل العلمي"، وحسبما نجد فإن المعلمين والمعلمات أصبحوا يهتمون في السنوات الماضية بشكل كبير على دراسة وتطبيق استراتيجيات التدريس الأمثل، وهذه الطريقة تمكن من استخدام أساليب الملاحظة والسؤال والتعلم البصري والسمعي والحركي، وهي من المهام التي تنضوي تحت المسؤولية التربوية والتعليمية والمجتمعية، وأيضًا لا يجب أن ننسى جانب الصحة النفسية وتوفير البيئة الملائمة للتحصيل المثمر، وإزالة وحل كل مشكلة تعترض طريق الطلبة سواء في المنزل أو في المؤسسة التعليمية.

 

عباس‭ ‬خميس

ملاحظة‭ ‬التغيير‭ ‬الإيجابي

وينقل لنا عباس خميس (معلم) تجربته في التأليف، حيث أصدر مؤلفًا يهتم بمهارات القراءة، وكذلك في الأنشطة والفعاليات المجتمعية ضمن مؤسسات المجتمع المدني بما في ذلك الدوريات التدريبية، فيؤكد الدور المهم للمعلمين والمعلمات لزيادة دافعية اكتساب مهارات التفكير والابتكار الفعال، والتحفيز الدائم للاستزادة من المعارف والاعتماد على الذات مع توجيه وتشجيع الأسرة والمؤسسة التعليمية، وكلنا نعلم أهمية تقييم الطلبة في مشوار تحصيلهم حتى في مجال تعديل السلوك والحاجات النفسية.

ويتطرق إلى فكرة خلق البيئة المحببة لدى الطلبة قائلا: استفدت شخصيًا من متطلبات تعزيز التعليم الفعال؛ لأننا نعلم أن الطلبة هم محور العملية التعليمية، وهنا حين نفتح أنشطة تتيح لطلبتنا الحوار والمناقشة والمشاركة في تقديم أفكارهم وإثراء الأجواء بتحقيق تفاعلهم مع بعضهم البعض، يمكن أن نلحظ التغير الإيجابي لا سيما على صعيد تنويع الأنشطة وتطبيق ما تعلموه ومكافأتهم على أفكارهم الرائعة.

السيد‭ ‬جعفر‭ ‬العالي

الزمن‭.. ‬يتغير

واختار السيد جعفر العالي (معلم متقاعد) لفت نظر أولياء الأمور إلى موضوع ما يشهده الزمن من تغير، فلا يمكن أن تبقى بعض الممارسات من قبيل التشدد في فرض المجال العلمي أو المهني للأبناء وفق ما يريده ولي الأمر.. سواء الأب أو الأم، فهناك بالفعل أسر تفتح المجال بمرونة وأريحية لأبنائها، خصوصا وهم يستعدون لدخول الحياة الجامعية، لاختيار التخصص الذين يرونه مناسبًا طبقًا لرغباتهم وقدراتهم وحبهم للمجال، ولأن الزمن تغير فمن الجيد أن يكون الاختيار خاضع للتباحث والتشاور بين أولياء الأمور والطلبة.

ويضيف: ليسمح لي الجميع أن أركز على أن عصرنا يوجب علينا جميعًا، طلبة ومعلمين وأولياء أمور، أن نواكب ما يشهده العالم من انتقال تقني كبير لا حدود له، وبالتالي علينا أن نتعلم ونواصل اكتساب المعارف الجديدة كل يوم، ونصيحتي لأبنائي الطلبة أن يهتموا بالدرجة الأولى بصقل شخصياتهم بالعمل والأخلاق والقيم الدينية والاجتماعية، ولأولياء الأمور بأن يكونوا دائمًا عونًا وسندًا في أجواء من التفاهم.


علي‭ ‬سرحان

اكتشاف‭ ‬نقاط‭ ‬القوة

ويتفق معه في الرأي علي سرحان (معلم) خصوصًا في موضوع مهم ألا وهو المستقبلي المهني، فخريج المرحلة الثانوية يعيش مرحلة مفصلية في حياته، وقراره يحكم مصيره لسنوات طويلة، وقد يعاني من قرار خاطئ في اختيار تخصص جامعي بعد سنوات الدراسة، ويضيع معها الكثير من الجهد، فلابد أن يكون هناك توازن بين قرار الطالب وولي أمره وبين متطلبات السوق بحيث يعتمد الطالب على اكتشاف نقاط القوة والميول لديه، فهناك بعض الطلبة من لديه نقاط قوة في المواد العلمية كالرياضيات والفيزياء والأحياء، فيرغب في دراسة الطب أو الصيدلة أو علوم المختبرات، وبالطبع نرى معظم المتفوقين يتجهون لدراسة هذه التخصصات لكن، هل تحتاجها السوق أم لا؟

إن من الأهمية بمكان، والكلام لسرحان، أن يوظف الطلبة نقاط قوتهم في اختيار التخصص الذي لا يشهد تكدسًا من الباحثين عن عمل من الخريجين، حتى ولي الأمر عليه أن يعرف نقاط القوة لدى ابنه أو ابنته ويقيم إمكاناته ويشاور أهل الاختصاص، فحين يرغب الطلبة في دراسة الطب أو الهندسة، فلابد من استشارة العاملين في هذين القطاعين، مع معرفة مستقبل سوق العمل، والحقيقة أن كل خريج يطمح لأن يتخصص ويحمل الشهادة ليخدم وطنه، وهذا شعورنا جميعًا، على أن يكون ذلك مرتبطا بوجود فرص وظيفية يبدأ معها حياته المهنية.. مع تمنياتنا التوفيق والنجاح لجميع أبنائنا، راجين لهم مسيرة تعليمية ومهنية مكللة بالنجاح.