+A
A-

البروفيسور جان بيير الأسمر نائب رئيس الجامعة الملكية للبنات

عبر‭ ‬حوار‭ ‬أجرته‭ ‬"أضواء‭ ‬البلاد"‭" ‬مع‭ ‬نائب‭ ‬الرئيس‭ ‬الأكاديمي‭ ‬عميد‭ ‬كلية‭ ‬الهندسة‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬بالإنابة‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬الملكية‭ ‬للبنات‭ ‬البروفيسور‭ ‬جان‭ ‬بيير‭ ‬الأسمر،‭ ‬بشأن‭ ‬أهمية‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬وآفاق‭ ‬التخصصات‭ ‬الجامعية،‭ ‬وجد‭ ‬البروفيسور‭ ‬الأسمر‭ ‬أن‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬مجال‭ ‬سريع‭ ‬التطور،‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مهارات‭ ‬ومعرفة‭ ‬متخصصة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬معه‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الصعوبة‭ ‬بمكان‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬أساتذة‭ ‬لديهم‭ ‬المهارات‭ ‬والمعرفة‭ ‬المناسبة،‭ ‬والذين‭ ‬هم‭ ‬على‭ ‬اطلاع‭ ‬دائم‭ ‬بأحدث‭ ‬التطورات‭ ‬والمتغيرات‭ ‬بهذا‭ ‬الشأن‭.‬

وأشار‭ ‬البروفيسور‭ ‬جان‭ ‬بيير‭ ‬الأسمر‭ ‬إلى‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬مؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬الانطلاق‭ ‬بمجالات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬والتغييرات‭ ‬المتسارعة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬معه‭ ‬تزيد‭ ‬صعوبة‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬مرشحين‭ ‬مؤهلين‭ ‬لشغر‭ ‬الوظائف‭ ‬المتعلقة‭ ‬بهذا‭ ‬القطاع‭ ‬المتغير،‭ ‬وعليه‭ ‬فإن‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬المتخصصين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬يزداد‭ ‬بطريقة‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬إمكان‭ ‬توفير‭ ‬هذا‭ ‬الطلب،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬رواتب‭ ‬متخصصي‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬تعتبر‭ ‬بالمستوى‭ ‬العادي،‭ ‬ما‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬صعوبة‭ ‬لجذب‭ ‬المواهب‭ ‬البارزة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القطاع،‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الأكاديمي‭.‬

وبحسب‭ ‬البروفيسور‭ ‬الأسمر،‭ ‬فإن‭ ‬الجامعات‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬خلق‭ ‬ثقافة‭ ‬تشجع‭ ‬على‭ ‬الابتكار‭ ‬والاستعداد‭ ‬للمخاطرة،‭ ‬ما‭ ‬سيجذب‭ ‬الأساتذة‭ ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬بشغف‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬حاجة‭ ‬الجامعات‭ ‬لدفع‭ ‬رواتب‭ ‬تنافسية‭ ‬لجذب‭ ‬أفضل‭ ‬الكفاءات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭. ‬

نخطط‭ ‬لإطلاق‭ ‬برنامج‭ "‬إنترنت‭ ‬الأشياء‭" ‬بدرجة‭ ‬الماجستير

استحداث‭ ‬خطط‭ ‬استراتيجية‭ ‬للجامعة‭ ‬

بناءً على خطتنا الاستراتيجية الجديدة تم دمج كليتين سابقتين هما كلية الهندسة والتكنولوجيا، وبعد الموافقة من مجلس التعليم العالي، بدأنا العام الدراسي الماضي ببرنامج جديد بكالوريوس العلوم في الإعلام الرقمي والتقنيات التفاعلية (DMIT)، كما نخطط قريبًا لإطلاق برنامج الماجستير في "إنترنت الأشياء" (IoT).

وعن سبب إطلاق هذه البرامج بالذات وجد البروفيسور الأسمر أن كلا البرنامجين DMIT وIoT مرتبطان ارتباطًا وثيقًا بالذكاء الاصطناعي، إذ يوفران أساسًا لفهم مفاهيم وتقنيات الذكاء الاصطناعي، فيمكن لبرنامج IoT تقديم أمثلة حية من تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتُستخدم أجهزته في مجموعة متنوعة من التطبيقات، مثل المنازل الذكية والسيارات ذاتية القيادة وغيرها، ويمكن استخدام هذه التطبيقات لتوضيح قوة الذكاء الاصطناعي، ولتحفيز الطلاب على التعلم المزيد عن هذا المجال.

أما بالنسبة لبرنامج DMIT فيمكنه توفير الأدوات والموارد لتعليم الذكاء الاصطناعي. وتغطي دورات DMIT عادة موضوعات مثل البرمجة وعلم البيانات وهندسة البرمجيات. هذه الموضوعات ضرورية لتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وعليه فإنه من خلال تزويد الطلاب بأسس الـ  DMITيمكننا تجهيزهم لتعلم الذكاء الاصطناعي.

وفي السياق ذاته، يؤكد نائب رئيس الجامعة الملكية للبنات البروفيسور جان بيير الأسمر أن قطاع الذكاء الاصطناعي مجال مُعقد، يتطلب من الراغبين فيه أن يكونوا قادرين على التفكير بشكل نقدي وحل المشكلات، ويمكن للبرنامجين IoT وDMIT المساعدة في تطوير هذه المهارات من خلال مطالبة الطلاب بتحليل البيانات، وتصميم الحلول، وحل المشكلات.

 

من جانب آخر، قال الأسمر "تماشيا مع ما طرحته الجامعة من برامج متقدمة ومتطورة، قامت الملكية للبنات بخطوات عدة من شأنها المساهمة في تذليل جميع التحديات التي تواجه إطلاق مثل هذه البرامج المتخصصة، لذا عملت الجامعة على توفير التدريب اللازم لأعضاء هيئة التدريس بشأن الذكاء الاصطناعي، وإنشاء دورات وبرامج تعليمية متعلقة بالذكاء الاصطناعي، كما وجدنا أننا بحاجة إلى التعاون مع الصناعة للوصول إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة والخبراء، إضافة إلى تعزيز الابتكار في تعليم الذكاء الاصطناعي.

 

توفير‭ ‬المختبرات‭ ‬ومراكز‭ ‬التقنية

من خلال إنشاء مختبرات متخصصة في الذكاء الاصطناعي ومراكز التكنولوجيا، تحرص الجامعة على تطوير بيئة تعلمية ديناميكية، حيث يمكن للطلاب التفاعل بنشاط مع تقنيات الذكاء الاصطناعي، إذ ستمكن هذه المساحات الطلاب من اكتساب مهارات عملية، وتشجعهم على التفكير بشكل نقدي وإبداعي، ما يؤهلهم في النهاية ليكونوا مساهمين في تطوير القطاع التكنولوجي في البحرين.

من جانب آخر، يرى البروفيسور الأسمر أن هناك العديد من التحديات فيما يتعلق بتوفير المختبرات والمرافق المتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي، خصوصا أنه قطاع جديد نسبيًا وقد يكون مكلفًا للغاية، ومن أبرز هذه التحديات، أن مختبرات ومرافق الذكاء الاصطناعي مكلفة جدًا لإعدادها وصيانتها؛ بسبب الحاجة إلى أجهزة كمبيوتر قوية وبرمجيات متخصصة ومعدات أخرى، إضافة إلى أن هذه المختبرات بحاجة إلى مساحات كبيرة، كما تحتاج مختبرات ومرافق الذكاء الاصطناعي إلى خبرات متخصصة للتشغيل؛ بسبب طبيعة التكنولوجيا المعقدة للذكاء الاصطناعي، وقد تكون مختبرات ومرافق الذكاء الاصطناعي معرضة للتنظيمات الحكومية؛ لإمكان استخدام الذكاء الاصطناعي لأغراض خبيثة، وتحتاج مختبرات ومرافق الذكاء الاصطناعي إلى أمان لحماية البيانات الحساسة؛ لإمكان استخدام الذكاء الاصطناعي في جمع وتحليل كميات كبيرة من البيانات.

وعلى الرغم من هذه التحديات، إلا أن هناك بعض الفرص التي يمكن للجامعات أن تقدم من خلالها مختبرات ومرافق للذكاء الاصطناعي، منوها الأسمر بأن مجال الذكاء الاصطناعي ينمو بسرعة، وهناك طلب كبير على المحترفين المؤهلين في مجال الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي يعني أن الجامعات التي تستطيع تقديم مختبرات ومرافق للذكاء الاصطناعي ستكون على وضع جيد؛ لجذب أفضل المواهب وتقديم تعليم حديث في هذا المجال.

 

وعلى صعيد متصل، أكد الأسمر أنه يمكن للجامعات التعامل مع هذه التحديات بطرق عدة، إذ يمكن للجامعات التعاون مع الصناعة للحصول على التمويل، والخبرة، والموارد، لمساعدتها في إعداد وصيانة مختبرات ومرافق الذكاء الاصطناعي، كما يمكن أن توفر الحوسبة السحابية للجامعات وصولًا إلى موارد ذكاء اصطناعي قوية دون الحاجة للاستثمار في أجهزة مكلفة، إضافة إلى عمل الجامعات على تعزيز التعاون بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس وشركاء الصناعة، لإنشاء بيئة حية للذكاء الاصطناعي، وهذا يمكن أن يساعد في ضمان توافر أحدث المعرفة والموارد في مجال الذكاء الاصطناعي للطلاب، وأن يكونوا مستعدين لسوق العمل، كما يمكن للجامعات تقديم فرص تطوير مهني لأعضاء هيئة التدريس، مثل ورش العمل والمؤتمرات والدورات عبر الإنترنت، الأمر الذي سيساعد أعضاء هيئة التدريس في البقاء على اطلاع دائم بأحدث اتجاهات الذكاء الاصطناعي، ويساعدهم كذلك على تطوير دورات وبرامج جديدة متعلقة بالذكاء الاصطناعي.

 

وأكد البروفيسور الأسمر ضرورة تشجيع الجامعات على تعزيز الابتكار في التعليم بمجال الذكاء الاصطناعي، عبر تشجيع الطلاب على تجربة أفكار وتقنيات جديدة، ما يُمكن من المساعدة في عملية تأهيل الطالب بمجال الذكاء الاصطناعي المتغير باستمرار.

التعاون‭ ‬مع‭ ‬الجامعات‭ ‬العالمية‭ ‬المتخصصة

أعتقد أن معظم الجامعات في مملكة البحرين تتعاون مع أعرق الجامعات العالمية والمعاهد الدولية المتخصصة، ومن هذا المنطلق، تتكامل رؤية الجامعة الملكية مع التعاون العالمي، مثقلة بالتعليم، ومتناغمة مع رؤية البحرين 2030 التي تولي تركيزًا كبيرًا على تقنية المعلومات ودورها في تطور مختلف قطاعات الاقتصاد والمجتمع. وأضاف: في الجامعة الملكية، ندرك العديد من الفوائد لهذا الجانب، إذ نؤمن أن من الضروري توسيع منظورنا ليشمل فوائد التعاون العالمي في مجال الذكاء الاصطناعي، عبر شراكات مع الجامعات والمعاهد والشركات الدولية المتخصصة، إذ يمكن للمؤسسات التعليمية أن تمهد الطريق لدخول أكثر اقتصاديةً إلى ميدان تعليم الذكاء الاصطناعي.

وهنا من المهم أن نسلط الضوء على بعض الجامعات الأخرى في منطقة الخليج ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تنوي التحول نحو نموذج التعليم المعتمد على الذكاء الاصطناعي، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، جامعة خليفة في الإمارات العربية المتحدة، جامعة قطر، الجامعة الأميركية في الشارقة، والجامعة الأميركية في بيروت وغيرها.

 

دروس‭ ‬مستفادة‭ ‬من‭ ‬"كوفيد‭ ‬19"‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬المتغيرات

يمكن أن تكون الدروس المستفادة من جائحة "كوفيد 19"، والانتقال من النهج التقليدي إلى النهج الإلكتروني في التعليم، مفيدة لتعليم الذكاء الاصطناعي بطرق عدة، إذ يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء دورات متفاعلة وجذابة عبر الإنترنت بشكل أكبر، على سبيل المثال، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتخصيص تجارب التعلم، وتقديم التغذية الراجعة، والإجابة على الأسئلة، واستخدامه لتقديم مزيد من الدورات عبر الإنترنت تتيح للطلاب التعلم بالإيقاع الخاص بهم وفي أوقاتهم الخاصة، ويمكن أن يكون هذا مفيدًا خصوصا للطلاب الذين يهتمون بالذكاء الاصطناعي، ولكن قد لا يملكون الوقت أو الموارد لحضور جامعة تقليدية، كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتيسير التعاون والتفاعل بين الطلاب والمدرسين، على سبيل المثال يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء فصول افتراضية، وتوفير وصول الطلاب إلى الموارد عبر الإنترنت، هذا إضافة إلى إمكان استخدام الذكاء الاصطناعي لتقديم الدعم للطلاب أثناء تعلمهم موضوع الذكاء الاصطناعي، على سبيل المثال يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتقديم الدروس الخصوصية والإرشاد، وكذلك لتحديد الطلاب الذين قد يحتاجون إلى مساعدة إضافية.

ومن خلال استغلال فوائد الذكاء الاصطناعي، يمكن للجامعات إنشاء برامج تعليمية أكثر فعالية وجاذبية في الذكاء الاصطناعي، ما يمكن أن يساعد في ضمان تأهيل الطلاب لوظائف المستقبل.