التغير المتسارع والتقلبات المتراكمة في التطور التكنولوجي أبرز تحديات التحول الرقمي
الدكتور هشام الطحاوي مساعد رئيس الجامعة للشؤون المالية والإدارية في الجامعة العربية المفتوحة - البحرين
أكد مساعد رئيس الجامعة للشؤون المالية والادارية في الجامعة العربية المفتوحة - البحرين الدكتور هشام الطحاوي، رصانة ومتانة قطاع التعليم والتدريب المهني في مملكة البحرين مقارنة بشقيقاتها الدول المجاورة، مشيرا إلى أنه ليس بالأمر المستغرب، إذ استطاعت المملكة ترسيخ مكانتها ضمن صفوف الدول المتقدمة في العديد من القطاعات الحيوية.
من جانب آخر، يرى الدكتور الطحاوي أن التحدي الأكبر الذي يواجه المؤسسات في عملية التحول الرقمي، هو التغير المتسارع والتقلبات المتراكمة التي يشهدها التطور التكنولوجي، مبينا أن أنجع حل لهذا التحدي يكمن في خلق أجيال مستعدة لخوض غمار فكرة التغيير التكنولوجي والتحول إلى الرقمنة.
جاء ذلك، خلال لقاء ""أضواء البلاد"" مع الدكتور هشام الطحاوي، الذي قال: "بلا شك أن الذكاء الاصطناعي بدأ بغزو جميع الجوانب الحياتية للأفراد والمؤسسات وغيرها العديد من المجالات كمجال الطب والأمور التعليمية والأمور العسكرية والجوانب الخدمية، وعليه يتوجب على الجامعات تأهيل طلبتها والأجيال القادمة لأن يكونوا مستوعبين لفكرة الذكاء الاصطناعي".
في البداية نرغب بتسليط الضوء على فكرة تأسيس الجامعة العربية المفتوحة في مملكة البحرين؟
شهدت البحرين تطورا متسارعا وغير مسبوق في السنوات القليلة الماضية في القطاع التعليمي، إذ استطاعت أن تكون نقطة جاذبة لأعرق الجامعات التي يشهد لها بالكفاءة والجودة والتخصصية.
والجامعة العربية المفتوحة صرح تعليمي ينتشر في 9 دول، تم تأسيسها على يد المغفور له بإذن الله تعالى صاحب السمو الأمير طلال بن عبدالعزيز آل سعود (رحمه الله)، وكانت فكرتها إنشاء صرح تعليمي تنموي غير ربحي، تعمل يدا بيد مع الجهات المعنية وعلى رأسها مجلس التعليم العالي لتغيير مفهوم التعليم التقليدي لتكون فكرة التعليم العالي أعمق مبنية على ربطها بسوق العمل واحتياجاته.
هل لدى الجامعة العربية المفتوحة خطط لاستحداث تخصصات ضمن نطاق الذكاء الاصطناعي؟
تُعتبر الجامعة العربية المفتوحة من الجامعات الأوائل في مملكة البحرين المبادرة لتقديم برامج أكاديمية في الذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني وعلوم البيانات.
في الوقت الراهن تطرح الجامعة درجة البكالوريوس في الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي يعكس ديناميكية الحركة داخل الجامعة، ما يبرهن أن العربية المفتوحة ليست جامعة تقليدية تصر على تقديم برامج تقليدية، فنحن حريصون على الاطلاع الدائم والمستمر على التطورات التي تطرأ على سوق العمل وعلى ما يكون خارج أسوار الجامعة وتوجهات العالم بأكمله.
وبلا شك أن الذكاء الاصطناعي بدأ بغزو جميع الجوانب الحياتية للأفراد والمؤسسات وغيرها العديد من المجالات كمجال الطب والأمور التعليمية والأمور العسكرية والجوانب الخدمية، وعليه يتوجب على الجامعات تأهيل طلبتها والأجيال القادمة بأن يكونوا مستوعبين لفكرة الذكاء الاصطناعي.
وعن البرنامج الأكاديمي الذي تطرحه الجامعة قال الدكتور الطحاوي: تم تصميم البرنامج على أعلى المستويات، إذ تم تصميمه في بريطانيا، والجميل بالبرنامج أنه متجدد باستمرار، إذ تعقد الجامعة اجتماعات دورية لتطوير هذا البرنامج تماشيا مع التطور الذي يحدث على التكنولوجيا في العالم واحتياجات سوق العمل.
وهو ليس البرنامج الوحيد الذي تطرحه الجامعة والذي يُعنى بالتكنولوجيا والتحول الرقمي، إذ تعطي الجامعة درجة البكالوريوس في الأمن السيبراني.
وكشف الدكتور هشام الطحاوي عن توجهات الجامعة حاليا لطرح برنامج بدرجة الماجستير في علوم البيانات، كما تم طرح برنامج التصميم الجرافيكي، والكلية التي تضم هذه البرامج هي كلية الحوسبة، والتي حرصت الجامعة من خلالها على إدخال الذكاء الاصطناعي في العديد من برامجها الأكاديمية التقليدية، مثل الدراسات اللغوية، وإدارة الأعمال، عبر إضافة بعض المقررات التي تُعنى بالذكاء الاصطناعي، وبالتالي فإن لدى الجامعة مظلة كبيرة لبرامج ومقررات الذكاء الاصطناعي، وعليه هناك نوعان من الطلبة لدى الجامعة، المتخصصون بالذكاء الاصطناعي، والطلبة غير المتخصصين لديهم المعرفة والدراية اللازمة في الذكاء الاصطناعي.
هل توجد لدى الجامعة الإمكانات اللازمة لطرح مثل هذه البرامج المتخصصة؟
طبقا لمعايير ولوائح مجلس التعليم العالي، فهي لا تقبل طرح أي برنامج أكاديمي إلا بعد عمل دراسة جدوى مستفيضة، يتم فيها تقديم كل ما يخص سوق العمل واحتياجاتها ومبررات الجامعة لطرح البرنامج، إضافة إلى إمكانات الجامعة لطرح مثل هذه البرامج، هذا من جانب مجلس التعليم العالي، أما من جانب الجامعة فإننا حين نفكر في طرح أي برنامج أكاديمي يتم التفكير فيه من جانبين، الأول يتعلق بالإمكانات المادية للجامعة من حيث جهوزية المختبرات والمعامل لدى الجامعة وتوافر الأجهزة والسيرفرات اللازمة لمثل هذه البرامج، ولو لم تكن مجهزة بما يجب فتعمل الجامعة على تجهيزها وتطويرها بما يتناسب والبرنامج المراد طرحه، والمعدات والمناهج والمراجع المستخدمة. وفيما يتعلق بطرح برنامج الذكاء الاصطناعي قامت الجامعة باستحداث معمل خاص تتوفر به أحدث الأجهزة والمعدات بما يتوافق مع متطلبات برنامج الذكاء الاصطناعي.
أما فيما يتعلق بالطاقم التعليمي من الأكاديميين المتخصصين وأعضاء هيئة التدريس فإننا في الجامعة العربية المفتوحة، وقبل طرح أي برنامج أكاديمي ندرس احتياجاتنا في أعضاء هيئة التدريس، ونبدأ بعمل فلترة للطاقم الأكاديمي ومن هم الأساتذة المختصون بهذا التخصص، بحيث يكون الأستاذ في الجامعة العربية المفتوحة حاصلا على درجة الدكتوراه في التخصص ذاته، وهنا عملت العربية المفتوحة على استقطاب الكفاءات العربية من بعض دول العالم.
إلى أي مدى ستذهب الجامعة مع توجه التعاون مع المعاهد والجامعات المتخصصة؟
الجامعة العربية من أوائل الجامعات التي أنشأت شراكة مع الجامعات الخارجية، فالجامعة المفتوحة البريطانية شريكنا الاستراتيجي، وبالتالي فإن الجامعة العربية تسير بالتوازي مع مقررات ومناهج الجامعة العربية في بريطانيا، وهذا ما تعكسه جودة العملية التعليمة في العربية المفتوحة.
لذا، فإن خريج العربية المفتوحة يحصل على شهادتين، شهادة من الجامعة العربية المفتوحة مصدقة من مجلس التعليم العالي في البحرين، وأخرى من الجامعة المفتوحة في بريطانيا، ما يفتح للطالب مجالات في استكمال دراسات عليا في بريطانيا أو أي جامعات أخرى، كذلك فو فرصة لفتح مجالات عمل أمام خريج الجامعة العربية المفتوحة؛ لأنه يحمل شهادتين، والشهادتان لهما قيمة عالية في سوق العمل.
من جانب آخر، لدى الجامعة علاقة وثيقة مع شركة هواوي، التي تقوم بدور كبير وعميق معنا في الوقت الراهن، خصوصا فيما يتعلق بالاستشارات المتخصصة التي تتعلق بتحديث تكنولوجيا الأجهزة والمعدات المستخدمة في معامل ومختبرات الجامعة، كما أن الجامعة العربية المفتوحة لديها مجلس استشاري يضم أفرادا من خارج الجامعة في سوق العمل متخصصين ومؤثرين في قطاع الذكاء الاصطناعي والأمور التقنية.
ومنذ العام 2019 بدأت الجامعة العربية المفتوحة في التفاعل الإيجابي والعميق مع شركائها الخارجيين، فلدى الجامعة نحو 22 شراكة مع مؤسسات خارجية متنوعة ما بين اتفاقيات تعاون أو اعتمادات أو اتفاقيات تبادل، ونحن هنا لا نتحدث عن الجامعة المفتوحة في بريطانيا، فهي شريك استراتيجي لنا، إذ نتكلم عن شراكات بطرق مختلفة مثل تقديم برامج للطلاب، تقديم استشارات لأعضاء هيئة التدريس والهيئة الإدارية، إجراء بحوث مشتركة، تبادل وفود على مستوى أكاديميين أو أعضاء هيئة التدريس.
وفيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، نحن في طور تطوير هذه الشراكات أكثر، فإضافة إلى التعاون مع شركة هواوي العالمية التي تقدم برامج مهنية عالية المستوى في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني لطلبة الجامعة العربية المفتوحة، لدينا اتفاقية تعاون تُعنى بالذكاء الاصطناعي مع مركز ناصر للتدريب المهني، وفي هذا الشأن سيتم قريبا الاجتماع مع المركز لتعزيز تأهيل طلبة المرحلة الثانوية في الذكاء الاصطناعي.
وعن أهمية هذه الشراكات، يرى الدكتور الطحاوي أن أهمية هذه الشراكات تكمن بتزويد سوق العمل بخريج يحمل الدرجة الأكاديمية إلى جانب المهارة العملية المطلوبة، وهذا ما يتم التركيز عليه في الجامعة، وفي هذا الجانب بدأت الجامعة تتوسع في برامج التنمية المهنية للطلاب والخريجين.
ولدينا شراكات مع مؤسسات تُعنى بالتعليم ومهارات الذكاء الاصطناعي على حد سواء كمؤسسة كامبريدج الدولية، إذ تربطنا شراكة كبيرة وموثقة مع هذه المؤسسة وسيتم الاحتفال بشهر سبتمبر المقبل، بتخريج أول دفعة من برامج مؤسسة كامبريدج الدولية وبدعم كامل من السفارة الأميركية، وهذا كله بهدف أن يكون خريج الجامعة العربية المفتوحة مؤهل لدخول سوق العمل ومنافسا على الشواغر المتوافرة فيه.
ما المتطلبات التي يجب توافرها في الطالب المتوجه لدراسة برامج الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني؟
يجب أن يكون محبا في للتخصص، وراغب بمعرفته، دائما ننصح أولياء الأمور بعدم إجبار الأبناء على تخصصات ليس لديهم رغبة فيها، وترك الخيار للطالب نفسه؛ لأنه من سيحدد مستقبله المقبل.
ننصح الطلبة المقبلين على دراسة مثل هذه البرامج، بالتعمق بالبحث في هذه التخصصات وأبرز المهارات التي يجب أن تتوافر للمقبل على هذا النوع من التخصصات، والتعرف على نوعية الوظائف المتوافرة لخريج هذه البرامج. لدينا في العملية الدراسية مثلث يتكون من معرفة، ومهارة، توجه أو سلوك، وهي ما تسمى بمحاور التعلم، يحتاج الطالب المقبل على الدراسة الجامعية أن يكون لديه التوجه، وبالتالي فإن المهارات ستتطور من خلال البيئة الجامعة والمعرفة ستأتي بالتبعية مع المهارات، وبالتالي لو ضمنا أن الدكتور أو الجامعة يعملون ضمن محاور هذا المثلث، سيتم تخريج طلبة مؤهلين لسوق العمل بلا شك.
ما أبرز الفرص الوظيفية المتاحة لخريجي برامج الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني؟
عموما، هناك بعض الجهات الدولية تقوم بعمل استبيانات وبحوث عن وظائف المستقبل وأكثر التخصصات طلبا، ومن هذه الجهات على سبيل المثال لا الحصر البنك الدولي، ومنظمة العمل الدولية، واليونيسكو.
بدوري شخصيا اطلع بشكل دائم على هذه الإحصاءات، ووجدت أنه لا يوجد إحصاءات تخلو من طلبات لوظائف في الذكاء الاصطناعي أو الأمن السيبراني وعلوم البيانات، وما إلى ذلك.
وبناء على ذلك، ونتيجة الطفرة المتسارعة في تفعيل قطاع الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، فإننا نتوقع أنه في غضون الخمس سنوات المقبلة ستُجبر معظم المؤسسات على تعيين متخصصين في الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي لحماية بيانات ومعلومات المؤسسة من الهجمات الافتراضية، فكلما كانت المؤسسة تطمح لحماية سرية بياناتها الكاملة سيتوجب عليها تعيين متخصصين في الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، كالمؤسسات العسكرية والمستشفيات، المصارف والمؤسسات المالية والحكومية التي تتعامل مع بيانات المواطنين.
بل يتعدى الأمر إلى مفهوم حماية الأمن القومي الذي يحتاج بصورة ملحة إلى الأمن السيبراني.
وعليه، نرى حكومة مملكة البحرين الرشيدة بدأت بتأسيس المركز الوطني لأمن المعلومات والأمن السيبراني، وهذا ليس فقط في مملكة البحرين، بل في كثير من الدول المجاورة وهذا هو التوجه، وعليه فإننا نحاول أن نلحق بالركب.
ما دور الجهات المعنية بعملية التنمية التعليمية لخلق وظائف أو برامج أكاديمية تتماشى مع متغيرات العصر؟
كما ذكرنا آنفا، من متطلبات طرح برامج أكاديمية، وبحسب لوائح مجلس التعليم العالي، عمل دراسة مستفيضة عن الاحتياج الفعلي في سوق العمل لهذا التخصص، فبالتالي القواعد واللوائح التي تسنها الحكومة ممثلة في وزارة التربية والتعليم أو وزارة العمل هي الإطار العام الذي نعمل من خلاله كمؤسسة تعليمية، إلى جانب أن كثيرا من الاجتماعات التي نحضرها دائما تؤكد أولوية التخصصات الجديدة، الأمر الذي يعكس المسؤولية على المستوى الوطني، والتي ترنو إلى أهمية تأهيل أبناء الوطن ورفع مستوياتهم إلى مستويات معينة، وللقيام بعملية التأهيل هذه لابد لنا من الذهاب إلى هذه التخصصات المتطورة والحديثة.
في السياق ذاته، نذكر هنا أن الجامعة العربية المفتوحة لديها مفاوضات قائمة مع وزارة العمل، لطرح برامج مهنية بتأهيل الخريجين أو العاطلين عن العمل بمجال الذكاء الاصطناعي أو الأمن السيبراني.
هل ترون أن هناك وعيا لدى القطاعات في مملكة البحرين لاستقبال التطور التكنولوجي المقبل؟
بلا أدنى تردد نعم، وكوني شخصا تناهز خبرته أكثر من 20 عاما، ومهتما بالتعليم المهني والتدريب، أؤكد أن مملكة البحرين متطورة بشكل ملموس وواضح جدا في قطاع التعليم والتدريب المهني مقارنة بالدول المجاورة، وهذا ليس بالأمر المستغرب على المملكة، فهي سباقة دائما في كثير من القطاعات الحيوية، التي تقدمت على شقيقاتها دول المنطقة بخطوات واسعة وثابتة.
وفي هذا الشأن، بدأت مؤسسات المملكة تستوعب أن هناك طفرة تكنولوجية مقبلة، ونحن هنا نتحدث عن المؤسسات الكبرى والحيوية في المملكة، إذ بدأت تلك المؤسسات باتخاذ خطوات سريعة؛ لمواكبة هذه التغيرات والتطورات التكنولوجية.
وعليه، فإن المؤسسات مستعدة للمستقبل، لكنها بحاجة إلى بذل جهد أكبر وأكثر، لاسيما أن الطفرة التكنولوجية والتحول للعالم الرقمي متسارع ومتغير جدا.
