+A
A-

البروفيسور مهند المشهداني رئيس "الجامعة الخليجية

أكد‭ ‬رئيس‭ ‬الجامعة‭ ‬الخليجية‭ ‬الدكتور‭ ‬مهند‭ ‬المشهداني‭ ‬أن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬تحظى‭ ‬باقتصاد‭ ‬حر‭ ‬ومنفتح،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬استقطاب‭ ‬المملكة‭ ‬استثمارات‭ ‬خارجية‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬الشباب‭ ‬وبناء‭ ‬اقتصاد‭ ‬منفتح‭ ‬مبني‭ ‬على‭ ‬رؤية‭ ‬واضحة‭ ‬متسقة‭ ‬مع‭ ‬رؤية‭ ‬المملكة‭ ‬2030‭ ‬هو‭ ‬الحل‭ ‬الأمثل‭ ‬لخلق‭ ‬وظائف،‭ ‬مبينا‭ ‬أن‭ ‬الوظائف‭ ‬تخلقها‭ ‬الحاجة،‭ ‬ولكن‭ ‬مسؤولية‭ ‬بناء‭ ‬جيل‭ ‬يحمل‭ ‬المهارات‭ ‬المطلوبة‭ ‬هي‭ ‬مسؤولية‭ ‬جماعية‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الجهات،‭ ‬ومن‭ ‬ضمنها‭ ‬الجامعات‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تبحث‭ ‬بشكل‭ ‬مستمر‭ ‬عن‭ ‬أدوات‭ ‬تطوير‭ ‬المناهج‭ ‬بما‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬التغيرات‭ ‬المتسارعة‭ ‬في‭ ‬الصناعة،‭ ‬لينعكس‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬مهارات‭ ‬الطلبة‭ ‬وتخريجهم‭ ‬ليكونوا‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬المنافسة‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭. ‬

 

ما‭ ‬خطط‭ ‬الجامعة‭ ‬لاستحداث‭ ‬تخصصات‭ ‬ضمن‭ ‬نطاق‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي؟‭ ‬

تحرص الجامعة الخليجية، كونها مؤسسة تعليمية في مملكة البحرين، على أن تتسق خططها مع استراتيجية المملكة وتوجهاتها لتنفيذ رؤية 2030، إلى جانب مواكبة توجهات مجلس التعليم العالي، من حيث استحداث برامج وتخصصات تتماشى مع متطلبات العصر.

يعد الذكاء الاصطناعي التخصص الرائد بجميع القطاعات، ولم يكن الذكاء الاصطناعي وليد اللحظة، فهو موجود منذ العام 1970، في حين ظهر أكثر وبقوة خلال الأعوام القليلة الماضية.

في هذا الجانب، اتخذت الجامعة الخليجية خطوات عدة لوضع استراتيجية للجامعة لمواكبة هذا التطور التكنولوجي، وأولى تلك الخطوات التوجه لإعادة فتح كلية هندسة الحاسب الآلي وتكنولوجيا المعلومات، وستليها خطوات أخرى تتعلق بخلق برامج الذكاء الاصطناعي، حيث إننا نعكف على دراسة عدد من التخصصات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي مثل الأمن السيبراني، وتطوير المواقع الإلكترونية، والشبكات وغيرها من التخصصات ذات الصلة؛ بهدف استخلاص برامج أكاديمية تتماشى مع احتياجات سوق العمل في مملكة البحرين، وسيتم ذلك بعد إجراء دراسة مسحية لفرص العمل التي من الممكن أن تتوافر لهذا النوع من برامج الذكاء الاصطناعي، وفي هذا الشأن استقطبت الجامعة بعض الاستشاريين للقيام بهذه الدراسة المسحية.

 

وهنا يجب التأكيد أن هذه الاستراتيجية تخضع لعدد من الخطوات اللازمة والمهمة، لاسيما أننا في الجامعة الخليجية نحرص على أن تكون برامجنا الأكاديمية خاضعة للمعايير العالمية من خلال إخضاعها لإشراف أعرق المنظمات التعليمة العالمية المتخصصة، لذا فإن تجهيز أي برنامج أكاديمي يحتاج سلسلة من الخطوات، وما يقارب سنة أكاديمية كاملة من العمل الدؤوب للتمكن من إطلاق البرنامج.

هل‭ ‬توجد‭ ‬لدى‭ ‬الجامعة‭ ‬القدرات‭ ‬والإمكانات‭ ‬البشرية‭ ‬والمرافق‭ ‬المتخصصة‭ ‬اللازمة‭ ‬لإدراج‭ ‬برامج‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬كتخصص‭ ‬جامعي‭ ‬معتمد؟‭ ‬

تصميم أي برنامج أكاديمي لاسيما إذا كان برنامجا أكاديميا حديثا بكل تأكيد يحتاج أفرادا متخصصين في البرنامج، غير ذلك فإن استحداث أي برنامج بحاجة إلى دعم من مجلس إدارة الجامعة وكذلك من مجلس أمناء الجامعة، وهذا ما يوصي به مجلس الأمناء بجميع اجتماعاته من حيث استحداث برامج أكاديمية جديدة، وعليه فإن الجامعة مؤهلة لاستحداث برامج الذكاء الاصطناعي، فلديها ما يكفي من الأساتذة المتخصصين، إضافة إلى الموارد البشرية، والموارد التعليمية، ومصادر التعلم ذات الكفاءة والجودة العالية، والموارد المالية، إذ توفر الجامعة المختبرات اللازمة والسوفت وير المستحدثة والبرمجيات المتطورة التي يحتاجها الطالب للتدرب عليها.

ونؤكد هنا أننا في الخليجية لن نقدم على طرح أي برنامج أكاديمي إلا بعد التأكد تماما من مقدرتنا على طرح برنامج متكامل من شأنه إثراء التنافسية في سوق العمل.

 

إلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬ستذهب‭ ‬الجامعة‭ ‬مع‭ ‬توجه‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬المعاهد‭ ‬العالمية‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال؟‭ ‬

كما أسلفت مسبقا، الذكاء الاصطناعي ليس وليد اللحظة، فهو تراكمات لبحوث قديمة منذ القرن الماضي، تحولت في وقتنا الراهن إلى تطبيقات تساعد الإنسان على اتخاذ القرارات.

وعليه، منذ تأسيس الجامعة الخليجية في مملكة البحرين، حرصنا على أن تكون جميع برامجها الأكاديمية معززة بالذكاء الاصطناعي، وفي الفترة القليلة الماضية قمنا بتحديث خططنا الدراسية المتوافرة، وفي هذا الجانب قامت الجامعة بتوقيع اتفاقية تعاون طموحة مع شركة زوهو العالمية، والتي لديها العديد من البرمجيات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، وبناء على هذه الاتفاقية يستطيع طلبة الجامعة الخليجية استخدام برمجيات شركة زوهو العالمية.

من جانب آخر، نحرص تماما على مد جسور التعاون مع أبرز وأهم المعاهد والمؤسسات التعلمية العريقة سواء على مستوى الشرق الأوسط أو المستوى العالمي، وعليه فإن لدينا تعاونا مع جامعتي الشارقة وعجمان، وتعاونا آخر مع جامعات عالمية مثل جامعة نورثهامبتون في بريطانيا وجامعة مايكروميديا في ألمانيا، وفي هذا الشأن تم تشكيل لجان تضم كفاءات من داخل وخارج مملكة البحرين، الأمر الذي سيشكل نقطة فارقة تصب بمصلحة بناء برامج أكاديمية قوية قادرة على تلبية احتياجات سوق العمل في مملكة البحرين.

إلى ذلك، نؤمن أن عقد الشراكات الدولية يساهم في ترسيخ مفهوم تبادل الخبرات والتجارب الناجحة بين المؤسسات التعليمية والصناعية، ما ينعكس إيجابًا على جودة مخرجات التعليم محليًا وعالميًا.

ما‭ ‬المتطلبات‭ ‬اللازمة‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتوافر‭ ‬في‭ ‬الطلبة‭ ‬الراغبين‭ ‬بدراسة‭ ‬تخصصات‭ ‬مثل‭: ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬وهندسة‭ ‬الشبكات،‭ ‬والهندسة‭ ‬البيئية،‭ ‬والاستدامة‭ ‬والحوكمة‭ ‬لنظم‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي؟‭ ‬

تتطلب هذه البرامج نوعية خاصة من الطلبة، فأهم متطلبات هذا النوع من البرامج هو الرغبة الحقيقية لدى الطالب لدراسة برامج الذكاء الاصطناعي، والمتطلب المهم الآخر ضرورة الإلمام الجيد بمادتي الرياضيات والفيزياء، خصوصا أن برامج الذكاء الاصطناعي مبنية على الخوارزميات، وعليه فإن هذه التخصصات تحتاج إلى عقليات منطقية متفتحة تستطيع ربط الحقائق بعضها ببعض.

وهنا تأتي الحاجة الملحة لدعم المجتمع، إذ يتوجب على المجتمع تغيير النظرة والفكرة المهمة للدراسة الأكاديمية، وأن هناك برامج باتت سوق العمل مكتفية منها، مثل إدارة الأعمال على سبيل المثال، وبالمقابل باتت الحاجة ضرورية للمبرمج والمتدرب على الذكاء الاصطناعي، العالم اليوم أصبح رقميا، وعليه فإننا بحاجة إلى أفراد ملمين بالأمن السيبراني وحماية المعلومات المتوافرة على الشبكات.

وفي هذا الشأن يتبين لنا دور الأسرة جليا من خلال تشجيع الأبناء على دخول هذه المجالات، خصوصا أنها تعتبر من العشر الوظائف المطلوبة عالميا في السنوات العشر المقبلة، إذ تبين لنا المعطيات أن التحولات الرقمية مقبلة لا محالة، إذ ستتحول جميع التخصصات إلى الرقمنة نتيجة التطور والتغييرات التي ستطرأ على العالم بعد ظهور الجيل السادس الأمر الذي يجب معه الاستعداد لها.

من جانب آخر، هناك دور يجب أن تلعبه مدارس المرحلة الثانوية باعتبارها المرحلة ما قبل دخول الجامعة للتعريف ببرامج الذكاء الاصطناعي وأهميتها، وتوجيه الطلبة لمثل هذه البرامج.

 

إذا‭ ‬ما‭ ‬سلطنا‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬مستقبل‭ ‬احتياجات‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬فما‭ ‬أبرز‭ ‬الفرص‭ ‬المهنية‭ ‬المتاحة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬للخريجين؟‭ ‬

هناك بعض التخصصات تكون فرص العمل فيها متاحة دائما في أي شركة أو مؤسسة أو وزارة، هذه التخصصات كما أسلفت هي نتيجة التحولات الرقمية التي تواكب جميع العمليات اليومية، فأصبح التحول الرقمي هو الأساس، وبالتالي نحتاج أفرادا قادرين على التفاعل مع هذه التغيرات وأفراد يمتلكون الخبرات والمعارات المعرفية اللازمة، لذا فإننا نعتقد أن هذا النوع من الوظائف ستكون احتياجا ملحا لجميع المؤسسات والشركات والوزارات نتيجة التطور الرقمي المقبل، وسيكون ذلك بارزا بصورة أوضح في القطاع المالي والقطاع الهندسي أكثر من القطاعات الأخرى. كذلك ستظهر على السطح كثير من التطبيقات التي ستكون بحاجة إلى أفراد ملمين بالذكاء الاصطناعي، وعليه فإننا نرى أن الذكاء الاصطناعي سيعم على جميع مفردات حياتنا العملية.

ما‭ ‬دور‭ ‬الجهات‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬مثل‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والعمل‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬لخلق‭ ‬وظائف‭ ‬مستقبلية‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬البرامج‭ ‬الأكاديمية‭ ‬المعنية‭ ‬بالذكاء‭ ‬الاصطناعي؟‭ ‬

إن الدور مشترك ويقع على عاتق مختلف الجهات. وفي السياق ذاته، نؤكد إيماننا الراسخ بالشباب البحريني من حيث تأهيله وقدرته في الحصول على وظائف ليس فقط في مملكة البحرين، بل إنه الخيار الجيد لكبرى الشركات خارج المملكة، وأرى أنه يجب أن يكون هذا هو الطموح، لاسيما أن السوق الخليجية مفتوحة، وعليه يجب تأهيل الشباب البحريني ليكونوا قادرين على الانتقال والعمل خارج المملكة، الأمر الذي يعود على الشباب بالمنفعة، إضافة إلى رفد الاقتصاد البحريني بموارد إضافية.

وعلى الرغم من ذلك، فإن ما تقوم به وزارة العمل من خطط تصب في عملية تأهيل الشباب في بعض التخصصات التي ليس لها حاجة في سوق العمل، والتحول إلى تخصصات أكثر حاجة في سوق العمل، دور واضح وجلي، وكذلك هي وزارة التربية والتعليم التي تعمل على تطوير مهارات طلبة المرحلة الثانوية، من حيث تأهيلهم لدخول معترك الحياة الجامعية، والانتقال خطوة إلى الأمام لمستقبل رحب ومنفتح أكثر.

أما فيما يتعلق بالتأهيل الأكاديمي، فهي مسؤولية الجامعات، التي نرى أنها تقوم بهذا الدور بصورة ملموسة سواء الجامعة الحكومية أو الجامعات الخاصة، وبلا شك فإننا في الجامعة الخليجية أدخلنا كثيرا من البرامج، حيث تطرح الجامعة الكثير من البرامج لدى مجلس التعليم العالي للموافقة عليها، مثل برنامج Business Analytic، وهو واحد من البرامج المهمة جدا يعنى بكثير من مفرداته بالذكاء الاصطناعي، وبرنامج الفنتيك بدرجة البكالوريوس، وهو الأول من نوعه في مملكة البحرين، وغيرها العديد من البرامج.

وهنا أود التطرق إلى أبرز التحديات التي تواجهها الجامعات، وهي لا تتمثل ببناء أو طرح برامج أكاديمية جديدة تواكب التطورات الراهنة على الساحة، إنما تنحصر في الإقبال الضعيف من قبل خريجي مدارس الثانويات العامة على هذا النوع من البرامج والتخصصات الحديثة، لذا فإننا بحاجة ماسة إلى دعم من قبل إدارة المدارس وتوعية الطلبة بأهمية هذه التخصصات، إضافة إلى دعم الأسرة ورسم مستقبل أبنائهم بما يضمن ويؤمن لهم حياة مستدامة في المستقبل كونها تخصصات تخلق وظائف أساسية مطلوبة في سوق العمل.

 

كيف‭ ‬تقيمون‭ ‬السوق‭ ‬المحلية‭ ‬وأبرز‭ ‬الوظائف‭ ‬المطلوبة؟‭ ‬

هناك عدم اتزان بين رغبات الطلبة وبين الوظائف المطروحة في سوق العمل، إذ لا تتسق رغبات الطلبة والوظائف المطروحة في سوق العمل، فإلى الآن نجد أن خريجي الثانوية يتجهون إلى دراسة إدارة الأعمال رغم الاكتفاء الكبير من هذا التخصص.

في حين أن هناك تخصصات متجددة وبرامج حيوية وحاجة المجتمع لها مستمرة ودائمة كالتخصصات الهندسية بكل مجالاتها مثل الهندسة الكهربائية، المدنية، الميكانيكية، والكيميائية وغيرها من التخصصات، والتي بدورنا نشجع على دراستها بشكل كبير. كما أن الجامعة الخليجية حاصلة على عدد من الاعتمادات الدولية والمحلية، وهي تقدم منحا دراسية تصل إلى 50 %.

 

هل‭ ‬ترون‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬وعيا‭ ‬لدى‭ ‬مختلف‭ ‬القطاعات‭ ‬للاستعداد‭ ‬للمستقبل‭ ‬التكنولوجي؟

هناك الكثير من الشركات التي بدأت تتحول إلى العالم الرقمي، كونها مؤمنة بأن التحول الرقمي مهم في جميع مفردات عمليات الشركة أو المؤسسة، وبدأت بخلق وظائف تعنى بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.

ولكن يجب الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الشركات هي "رأس مال"، وبالتالي ما يحرك رأس المال هذا المصلحة الشخصية. وعليه، إذا وجد المستثمرون أو صناع القرار في هذه الشركات أن هناك ضرورة ملحة للتحول الرقمي أو التحول تجاه قطاعات الذكاء الاصطناعي فبالتأكيد سيتم التحول، لاسيما أن العامل الاقتصادي عامل مهم سيلزمهم بالتحول خصوصا إذا كان هذا التحول سيساعد على النمو الاقتصادي للشركة أو المؤسسة.

في حين يبقى رسم السياسات للشركات والمؤسسات يعتمد على مجالس الإدارة فيها، وهي تعتمد بدورها على رؤية واستراتيجية قائد الشركة فيما إذا كانت لدية رؤية مستقبلية للتحول الرقمي، والاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي من عدمه.