+A
A-

سيدافع عن أنس؟

لا‭ ‬تفعلْ‭ ‬يا‭ ‬أنس‭.. ‬أرجوك‭.. ‬لا‭ ‬تتركْني‭ ‬وحدي‭.. ‬أنسيتَ‭ ‬مَن‭ ‬رافقكَ‭ ‬طيلةَ‭ ‬العام‭.. ‬أنسيتَ‭ ‬مَن‭ ‬دافعَ‭ ‬عنك‭ ‬ضدَّ‭ ‬الفيروسات؟

 

كفاكِ‭ ‬تقييدًا‭ ‬لأنفاسي‭.. ‬مَن‭ ‬أنتِ‭ ‬حتى‭ ‬تدافعي‭ ‬عني؟‭.. ‬لستِ‭ ‬سوى‭ ‬قطعةٍ‭ ‬من‭ ‬القماشِ‭ ‬لا‭ ‬تملكُ‭ ‬لنفسِها‭ ‬قرارًا‭.‬

 

رمى‭ ‬أنسٌ‭ ‬كمامتَهُ‭ ‬وخرجَ‭ ‬من‭ ‬بيتِه‭ ‬بأنفاسٍ‭ ‬حرّةٍ‭ ‬لأولِ‭ ‬مرةٍ‭ ‬منذُ‭ ‬زمنٍ‭ ‬بعيد‭.‬

 

لقد‭ ‬كانت‭ ‬خطواتُه‭ ‬الأولى‭ ‬خارجَ‭ ‬المنزلِ‭ ‬تُشعرُه‭ ‬بنشوةِ‭ ‬التحرُّرِ‭ ‬من‭ ‬القيد،‭ ‬لكنّ‭ ‬هذا‭ ‬الشعورَ‭ ‬لم‭ ‬يدمْ‭ ‬طويلًا،‭ ‬فما‭ ‬هي‭ ‬إلّا‭ ‬لحظاتٌ‭ ‬حتى‭ ‬بدأ‭ ‬يشعرُ‭ ‬بالذعرِ،‭ ‬فقد‭ ‬بدا‭ ‬له‭ ‬وكأنَّهُ‭ ‬محاصَرٌ‭ ‬بين‭ ‬مجموعةٍ‭ ‬من‭ ‬الأعداءِ‭ ‬ولا‭ ‬يريدُ‭ ‬سوى‭ ‬النجاةِ‭ ‬منهُم،‭ ‬فكيفَ‭ ‬سيزورُ‭ ‬أصدقاءَه‭ ‬كما‭ ‬أراد؟‭ ‬وكيف‭ ‬سيدخلُ‭ ‬ليشتريَ‭ ‬ما‭ ‬خطَّطَ‭ ‬لهُ‭ ‬دونَ‭ ‬احتكاكٍ‭ ‬مع‭ ‬غيرِه،‭ ‬لابدَّ‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الرحلةِ‭ ‬الخطرةِ‭ ‬أن‭ ‬يتواصل‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬وأن‭ ‬تختلطَ‭ ‬أنفاسَهُ‭ ‬بأنفاسِهم،‭ ‬وإنّ‭ ‬جميعَ‭ ‬الناسِ‭ ‬هنا‭ ‬يرتدون‭ ‬ما‭ ‬يحميهم،‭ ‬إلا‭ ‬هو‭.‬

 

ركضَ‭ ‬أنسٌ‭ ‬إلى‭ ‬منزلِه‭ ‬هاربًا‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الأفكارِ‭ ‬المرعبةِ‭ ‬ولا‭ ‬يرغبُ‭ ‬بشيءٍ‭ ‬الآن‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يصلَ‭ ‬بسلامٍ‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يقابلَ‭ ‬أحدًا‭ ‬أو‭ ‬يضطرَ‭ ‬للحديثِ‭ ‬مع‭ ‬أحدٍ‭ ‬في‭ ‬الطريق‭.‬

 

ها‭.. ‬لقد‭ ‬انتهت‭ ‬رحلتُكَ‭ ‬سريعًا‭ ‬يا‭ ‬أنس‭!‬

 

أتعلمين‭ ‬يا‭ ‬صديقتي‭.. ‬لقد‭ ‬شعرتُ‭ ‬بأني‭ ‬كالجنديِّ‭ ‬الذي‭ ‬تُطلقُ‭ ‬عليه‭ ‬السهامُ‭ ‬من‭ ‬كلِّ‭ ‬صوبٍ،‭ ‬ولا‭ ‬يحملُ‭ ‬درعًا‭ ‬يحميْه‭ ‬منها‭.. ‬إنني‭ ‬أعتذرُ‭ ‬منك‭ ‬يا‭ ‬كمامة‭.. ‬وأعدكِ‭ ‬بأني‭ ‬لن‭ ‬أخرجَ‭ ‬دونَكِ‭ ‬بعدَ‭ ‬اليوم‭.‬