+A
A-

الرئيس التنفيذي لبنك الإثمار أحمد عبدالرحيم

يؤكد الرئيس التنفيذي لإحدى أهم مجموعات الخدمات المالية وأكثرها تنوعًا في الشرق الأوسط أن جائحة فيروس كورونا (كوفيد 19) قد ساهمت دون شك في تسريع وتيرة الخطط الاقتصادية الطموحة على صعيد المنطقة بأكملها، وجاء ذلك من خلال إقبال الجميع على تبني أحدث التقنيات الرقمية على نطاق واسع وعبر جميع القطاعات. وأشار الرئيس التنفيذي لشركة الإثمار القابضة السيد أحمد عبد الرحيم إلى أن هذه التغييرات تخلق فرصًا هائلة لنمو اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي.

ويقول عبدالرحيم "لطالما أدركت حكومات المنطقة مدى أهمية تنويع اقتصاداتها بعيدًا عن قطاع النفط. وعلى مدار السنوات القليلة الماضية خصوصا، أصبحت تشجع الاستثمار في قطاعات حيوية مثل السياحة وخدمات الأعمال التجارية والتصنيع والخدمات اللوجستية من أجل ترسيخ أسس اقتصادات قوية ومستدامة".

فعلى سبيل المثال، يتمثل الهدف الرئيس لرؤية البحرين الاقتصادية 2030 في ضمان زيادة الدخل الحقيقي لكل أسرة بحرينية إلى أكثر من الضعف بحلول العام 2030. وفي الوقت ذاته، تهدف رؤية المملكة العربية السعودية 2030 إلى تنمية الاقتصاد الوطني وتنويع مصادره وتشجيع الادخار والتمويلات والاستثمار. أما الرؤية الاقتصادية 2030 لإمارة أبوظبي فتعطي الأولوية لبناء بيئة أعمال منفتحة وفاعلة ومؤثرة ومندمجة في الاقتصاد العالمي.

ويكمل حديثه "تمثل الرقمنة أحد أهم العوامل المحفزة للنمو السريع على جميع الأصعدة، ويلعب القطاع الخاص دورًا أساسا في هذه المبادرات الطموحة. ويتمتع قطاع الخدمات المالية في المنطقة بالقدرة على دعم مسيرة نمو مختلف القطاعات الأخرى من خلال تقديم حلول تمويلية وخدمات استشارية، فضلًا عن تعزيز ريادة الأعمال والابتكار".

 

الإثمار القابضة وأعمالها المتنوعة

تمثل نظرة عبدالرحيم انعكاسًا للطبيعة المتنوعة لأعمال الإثمار القابضة، والتي تتضمن أصولًا للخدمات المصرفية للأفراد في البحرين وباكستان وأصولًا رئيسة لخدمات التكافل وأصولًا مهمة في القطاع العقاري، بما في ذلك حصة كبرى في شركة نسيج التي تمثل أول شركة تطوير عقاري متكاملة في المنطقة يتم تأسيسها خصيصًا لتلبية احتياجات الإسكان بأسعار مقبولة.

إن "الإثمار القابضة" هي شركة مرخصة من قبل مصرف البحرين المركزي كشركة استثمار فئة 1 وتخضع لإشرافه، وهي مدرجة في بورصة البحرين وسوق دبي المالية. وتمتلك الإثمار القابضة كيانين تابعين لها بالكامل في البحرين، أحدهما بنك الإثمار الذي يمتلك ويدير أكبر شبكة للخدمات المصرفية الإسلامية للأفراد في البحرين، والآخر آي بي كابيتال وهي شركة استثمارية تقوم بإدارة الاستثمارات وغيرها من الأصول غير الأساسية، والتي تتضمن بنك البحرين والكويت وشركة الإثمار للتطوير المحدودة وسوليدرتي (تكافل) وشركة نسيج (خدمات تطوير البنى التحتية). وتؤدي هذه الاستثمارات دورًا مهمًا في قطاعات أساسية بالنسبة للاقتصاد البحريني، لاسيما الخدمات المالية والبنى التحتية والتطوير العقاري.

وما يزال بنك الإثمار محتفظًا بحضوره في أسواق خارجية من خلال شركته التابعة، بنك فيصل المحدود، الذي يمثل أحد أكبر المصارف الإسلامية في باكستان.

 

سياسات الرقمنة أولًا

تماشيًا مع أهداف التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، تشدد الحكومة البحرينية على أهمية تطوير الحكومة الرقمية باعتبارها وسيلة فعالة لتيسير الخدمات الحكومية وتعزيز شفافيتها لصالح جميع شرائح المجتمع. وعلى مدار العام الماضي، حرصت هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية على طرح مزيد من الخدمات الإلكترونية بوتيرة أسرع، وباتت تقدم اليوم أكثر من 500 خدمة إلكترونية عبر الإنترنت.

 

وفي هذا الصدد يقول عبدالرحيم "يجب على القطاع الخاص السير وفقًا للتوجهات الحكومية والاقتداء بها. وبالنسبة للقطاع المصرفي، فإن ذلك يعني تقديم خدمات مصرفية شاملة عبر البوابات الإلكترونية وتطبيقات الهاتف النقال. وقد أقبل العملاء على تبني هذا التغيير بالفعل، كما شهدت أعمالنا في مجال الخدمات المصرفية للأفراد في البحرين انخفاضًا ملحوظًا من 25 إلى 30 % في حجم التعاملات النقدية في الفترة من الربع الأول من العام 2020 إلى الربع الأول من العام 2021 وهو ما يعني تحول كبير من العملاء إلى الصيرفة الإلكترونية. فعلى سبيل المثال، انخفض حجم عمليات السحب النقدي من أجهزة الصراف الآلي التابعة لبنك الإثمار بنسبة 26 % وبنسبة 20 % من حيث القيمة في الفترة من الربع الأول من العام 2020 إلى الربع الأول من العام 2021، مع تسجيل الفروع نسبة انخفاض متقاربة من حيث حجم وقيمة عمليات السحب النقدي. كما انخفضت عمليات الإيداع النقدي عبر الفروع في الفترة نفسها، حيث انخفض عدد المعاملات بما يقارب 33 % ومن حيث القيمة انخفضت بنسبة 30 %".

 

ويضيف عبدالرحيم "إن هذا الانخفاض الواضح في المعاملات النقدية عبر كل من أجهزة الصراف الآلي والفروع، جاء تزامنا مع ارتفاع المعاملات المصرفية الإلكترونية. وبالنسبة لبنك الإثمار، فإن استخدام العملاء للقنوات الإلكترونية، بما في ذلك الخدمات المصرفية الإلكترونية وتطبيق الهاتف النقال، قد ارتفع بما يقارب 19 % في الفترة من الربع الأول من العام 2020 إلى الربع الأول من العام 2021".

 

إعادة تشكيل ملامح قطاع الخدمات المصرفية للأفراد

ويوضح عبدالرحيم "لقد لاحظنا أهمية هذا التغيير ضمن المجموعة في كل من البحرين وباكستان. ففي مملكة البحرين شهد بنك الإثمار، بنك التجزئة الإسلامي التابع للمجموعة، ارتفاعًا في الطلب على الخدمات المصرفية الرقمية في بداية الجائحة؛ نظرًا للحاجة لخدمات مصرفية لاتلامسية إضافة إلى إجراءات ومتطلبات التباعد الاجتماعي، كما أن  بنك البحرين والكويت، شركتنا الزميلة، أكد أن الجائحة ساهمت في تسريع وتيرة تنفيذ مبادراته الرقمية، إذ عمل بسرعة أكبر لتلبية الطلب المتزايد من عملائه. أما في باكستان، فإن بنك فيصل المحدود، وهو بنك تجزئة تابع لمجموعة الإثمار، بفروعه الـ600 المنتشرة في 200 مدينة قد واصل الاستثمار في أنشطة التحول الرقمي من أجل تحسين تجربة عملائه".

 

ويتابع "من المرجح أن يستمر هذا النهج في النمو، إذ اعتاد العملاء الآن على استخدام القنوات الرقمية بعد أن أصبحوا قادرين على إنجاز الأعمال المصرفية على مدار الساعة وإنهاء المعاملات التي تتطلب وقتًا طويلًا نسبيًا مثل طلب التمويل أو فتح حسابات استثمارية في غضون دقائق معدودة بدلًا من أيام. وفي حين تجعل هذه النقلة الخدمات المصرفية أكثر سهولة وراحة للعملاء، فإنها تسمح للبنوك أيضًا بخفض تكاليف التشغيل وتوجيه الموارد نحو تطوير خدمات أفضل وتحسين تجربة العملاء".

 

ويشير عبدالرحيم إلى أن التطورات الكبيرة التي تشهدها تقنيات معالجة اللغات الدارجة بين الناس قد جعلت روبوتات المحادثة متقدمة بما يكفي للتواصل مع العملاء وتقديم الخدمات على نحو آلي بالكامل مع توفير مليارات الدولارات على مستوى العالم، وهو ما أثمر عن نقلة ثورية غير مسبوقة ليس في قطاع الخدمات المصرفية فحسب، بل في قطاع التأمين كذلك، إذ يمكن لروبوتات المحادثة أتمتة عملية جمع تقارير الحوادث من العملاء، كما يمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل المعلومات.

 

التأثير على قطاع التأمين

ويضيف أن "مجموعة سوليدرتي، وهي جزء من أصول الإثمار القابضة وإحدى أكبر مجموعات خدمات التكافل في المنطقة، بدأت في تطبيق هذه التقنيات لخفض الوقت المستغرق في تسوية المطالبات وتعزيز ولاء العملاء وزيادة رضاهم عن خدماتها. وتشهد عروض الخدمات الموجهة للعملاء تغييرًا شاملًا، الأمر الذي يعيد تشكيل ملامح قطاعات بأكملها بفاعلية وكيفية تشغيلها. وينطبق ذلك خصوصا على الخدمات المالية للأفراد مثل المصارف وشركات التأمين، كما يهيئ الساحة لتوفير فرص من أجل تحقيق نمو كبير".

وتمثل مجموعة سوليدرتي القابضة إحدى أكبر شركات خدمات التكافل في المنطقة، وتزاول أعمالها في مملكة البحرين والأردن والمملكة العربية السعودية من خلال شركتين تابعتين وشركة زميلة. وقد نجحت المجموعة أخيرا في الاستحواذ على شركات في الأردن والبحرين ودمجها مع كيانات محلية لتصبح ضمن أفضل الشركات في أسواقها. وقد بدأت مجموعة سوليدرتي مسيرتها في التحول الرقمي من خلال التركيز على العملاء، ويشمل ذلك طرح خدمة التأمين عبر الفيديو، الخدمة الأولى من نوعها في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي.

 

تغير المشهد العقاري

وعلى صعيد آخر، يقول ضيفنا "شهدت الجائحة نزوحًا جماعيًا إلى ضواحي إمارة دبي، إذ بحثت العائلات عن منازل ومساكن أكبر ذات خدمات ترفيهية، ومكاتب منزلية؛ نظرًا لأنها ستقضي معظم الوقت داخل البيت. وفي المملكة العربية السعودية، شهد معدل تملُّك المساكن موجة صعود كبيرة في العام 2020، إذ أصبح 60 % من المواطنين يمتلكون منازل مقارنةً بنسبة 47 % في العام 2016. أما في مملكة البحرين، فتهدف وزارة الإسكان إلى إنجاز 5 مدن سكنية متكاملة بحلول العام 2025، وهي مدينة سلمان ومدينة خليفة ومدينة شرق الحد ومدينة شرق سترة وضاحية الرملي، وهو ما يقدم فرصًا هائلة وواعدة لكل من السوق العقارية والمصارف التجارية التي توفر منتجات التمويل العقاري".

إن الإثمار القابضة هي المؤسس والمساهم الرئيس في شركة نسيج، وتركز نسيج على توفير الإسكان العائلي بأسعار مقبولة، كما نفذت بالفعل مشروعات ضخمة في ظل شراكة رائدة وناجحة للغاية بين القطاعين العام والخاص في كل من مدينة حمد ومدينة سلمان. أما الذراع العقارية الأخرى للإثمار القابضة في البحرين، وهي شركة الإثمار للتطوير، فقد قامت بدور محوري في إبرام شراكة بين القطاعين العام والخاص وتنفيذ مشروعات البنى التحتية اللاحقة، بما في ذلك إنشاء مدارس ومرافق طبية. وفي الوقت ذاته، ولتوفير التمويل السكني، فإن أعمال الإثمار القابضة في مجال الخدمات المصرفية للأفراد في البحرين، ومن خلال شركتها التابعة، وهي بنك الإثمار، إلى جانب شركتها الزميلة بنك البحرين والكويت، قد ساهم كل منهما بشكل رئيس في برنامج تمويل السكن الاجتماعي "مزايا" الذي يهدف إلى مساعدة المواطنين المؤهلين على شراء أول منزل لهم.