+A
A-

معتزًا باسم البحرين في الهيئة الاستشارية للمحكمة العربية الدائمة للتحكيم المستشار القانوني د. محمد رضا بوحسين:

تمثل‭ ‬المحكمة‭ ‬العربية‭ ‬الدائمة‭ ‬للتحكيم‭ ‬أحد‭ ‬أعمدة‭ ‬قضاء‭ ‬التحكيم‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬يوازي‭ ‬التحكيم‭ ‬الدولي‭ ‬لدى‭ ‬المحاكم‭ ‬والمنظمات‭ ‬الدولية،‭ ‬وهي‭ ‬تضم‭ ‬نخبة‭ ‬وقامات‭ ‬وفقهاء‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭. ‬لذلك‭ ‬يأتي‭ ‬تعيين‭ ‬المحامي‭ ‬والمحكم‭ ‬الدولي‭ ‬المستشار‭ ‬د‭. ‬محمد‭ ‬رضا‭ ‬بوحسين‭ ‬في‭ ‬عضوية‭ ‬الهيئة‭ ‬الاستشارية‭ ‬بالمحكمة؛‭ ‬ليضاف‭ ‬إلى‭ ‬إنجازات‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬ودورها‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المحافل‭.‬

نظرنا‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬تحكيمية‭ ‬ذات‭ ‬بعد‭ ‬نوعي‭ ‬بمجال‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬ومجال‭ ‬النفط

نظام‭ ‬قضائي‭ ‬عريق

ما الذي يمثله هذا التعيين بالنسبة لبوحسين؟ يجيب بالقول "هو ثمار تراكم خبرات سنين طويلة اكتسبتها من خلال العمل في دول عدة منها في أوروبا أو أميركا وكذلك شرق آسيا علاوة على دول الشرق الأوسط، وانطلاقًا من ذلك تحقق هذا الإنجاز متأسسًا على الدعم والارتقاء الذي كسبناه من أعمالنا في مختلف الدول ومختلف الأنظمة القانونية والقضائية، ولدينا الأساس القوي وهو النظام القضائي العريق في مملكة البحرين باعتباره من أقدم الأنظمة القضائية في المنطقة على مر التاريخ، وقد لا يعلم الكثير من الناس هذه الحقيقة، لكنه يبقى من أعرق الأنظمة القضائية، وفي سياق ذلك كله، نشعر بالفخر والاعتزاز والانتماء وكذلك مواصلة السعي لتحقيق ما هو أفضل بما يليق بمستوى مملكة البحرين، دوليًا وإقليميًا، فانتماؤنا لهذا النظام القضائي العريق يمهد لنا الطريق للانطلاق نحو ما هو أكبر".

 

مناقشة‭ ‬المسائل‭ ‬الجوهرية

قدمتم دراسات وبحوث وكتابات متجددة في أفكارها ومضامينها ونوعيتها على مدى سنين في مجالات قضائية وقانونية عديدة.. ما مكاسبها؟

كل تجربة تدخلها تكسبك معلومات وبيانات وحقائق، ونحن من خلال مراحل زمنية متعددة واطلاعنا على تجارب العديد من الدول سواء كانت إيجابية أم سلبية نتعلم منها الكثير، على سبيل المثال.. أتذكر أنك أجريت حوارًا معي بشأن ما يسمى بالربيع العربي، وأتذكر تلك المحاور في العام 2011 وكنت أنظر آنذاك إلى هذه الانتفاضات كأغلفة بمحركات خارجية، وكنت أشدد على أنه مع شديد الأسف الشعوب تستغل وهي آخر اللاعبين، وكان ما يجري من أجل تحقيق أجندة خارجية، وما إن يتحقق شيء إيجابي فسيكون ما نسبته 80 % لصالح تلك الأجندة الخارجية، كل ذلك جاء نتاج قراءات وخبرات متراكمة وكان البعض ينظر بنوع من السلبية والشك والريبة، واليوم نحن في العام 2021 نرى كل الحقائق التي طرحتها شخصيًا في العام 2011 ماثلة أمامنا. من هنا حين تكون في موقف أمام مشكلة وطنية أو اجتماعية يلزم أن تدرس عناصر المشكلة بشكل متأن وتناقش المسائل الجوهرية التي هي أساس منشأ النزاع، ثم تحلل تلك العناصر بشكل موضوعي وبتأن للوصول إلى قرار حكيم واضح بعيد عن المؤثرات.

لو نرجع إلى ما طرحناه وقتذاك، ستجد أن كل هذه النقاشات والمحاور التي طرحتها تحققت بنسبة 85 % منها، وأقول أنني مجرد قارئ ومواطن من أبناء هذا الوطن وقمت بقراءة واقع وتاريخ وحقائق موجودة وبعقل موضوعي، وانتهيت إلى نتائج انتقدها البعض في حينها، ولكن اليوم بعد هذه السنين نرى الحقائق التي انتقدها البعض لأن منطلقها العقل وليس العاطفة أو الاندفاع.

نخب‭ ‬وقامات‭ ‬التحكيم

إلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬أسهم‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬تكوينكم‭ ‬علاقات‭ ‬مع‭ ‬أساتذة‭ ‬وفقهاء‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬دول‭ ‬العالم؟

بالتأكيد.. بالنسبة لنا رجال القانون، يأتي تكوين العلاقات من منطلق دراسة وتخصص، فقد درست القانون الدولي والقانون الدولي الخاص في انجلترا، وأخذت دراسات خاصة بمحكمة العدل الدولية في لاهاي حيث تمثل هذه القبة عدالة المجتمع الدولي، ومن خلال هذه القاعدة التي قمنا بها، ليس بالدراسة فقط، بل من خلال ممارسات عديدة في مجال التحكيم والأنزعة القانونية سواء بين الدول أو بين الدول والشركات متعددة الجنسيات، بنينا خبرات وصقلنا مهارات قانونية وعمقنا الجذور التي نملكها من الناحية القانونية عن قواعد قانونية في مختلف الأنظمة كالنظام الأنجلوسكسوني والنظام المدني وكذلك الأنظمة الأوروبية والأنظمة العربية، فكل تلك الأنظمة بجغرافيتها تتميز بنظام وقواعد قانونية وأنظمة قضائية تختلف عن بعضها البعض، وكان لنا دور في العديد من القضايا في أوروبا وأميركا وشرق آسيا والشرق الأوسط، ونظرنا في العديد من القضايا التحكيمية وكانت ذات بعد نوعي في مجال البنية التحتية وفي مجال النفط وفي قضايا مهمة جدًا وصدرنا أحكامًا باللغتين العربية والإنجليزية، فمن خلال هذه الممارسات المتراكمة لسنين طويلة، كونا سلسلة من العلاقات مع نخب من فقهاء القانون الدولي أو التحكيم ممن اكتسبت معرفة كبيرة، ومن خلالها تم تقييم هذه النخب والقامات والفقهاء بشكل علمي وموضوعي بعيدًا عن كل الميول العاطفية، فالإنجاز الذي حققناه أعطى مجموعة من الفقهاء أن تكون لهم إرادة اختياري عضوا في الهيئة الاستشارية في المحكمة العربية الدائمة للتحكيم الدولي.

الأنظمة‭ ‬القانونية‭ ‬والقضائية‭ ‬بجغرافيتها‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭ ‬دوليا‭ ‬وإقليميا

قضايا‭ ‬دولية‭ ‬استراتيجية

حدثونا‭ ‬عن‭ ‬عضويتكم‭ ‬في‭ ‬محكمة‭ ‬لندن‭ ‬للتحكيم‭ ‬الدولي؟

محكمة لندن للتحكيم الدولي من المحاكم العريقة التي تم إنشاؤها في 1883، إذ أنشأتها غرفة تجارة لندن ثم تم تطويرها لاحقًا لتكون محكمة ذات بعد دولي تنظر قضايا استراتيجية مهمة جدًا تتعلق بالاقتصاد والتجارة الدولية، وشكلت من 35 محكما وقاضيا من مختلف الدول، وهؤلاء يتم اختيارهم بكفاءة عالية وبسلسلة من الاختبارات والملاحظات والإنجازات التي حققها العضو، فهي مركز عالمي وتنظر القضايا العالمية الرئيسة الجوهرية المؤثرة بكل أبعادها الاستراتيجية والاقتصادية، حتى على مستوى أوروبا وأميركا، فهي تنظر في لندن باعتبارها مركز الاقتصاد العالمي، وكسب هذه الهوية في هذه المحاكم يعتبر إنجازًا نفخر به، وقبل كل ذلك، وقبل أن يكون اسمي مدرجًا في عضوية هذه المحكمة، فإن اسم بلدنا مملكة البحرين مدرج على الرغم من كونها أرضا جغرافية صغيرة في مساحتها، إلا أنها كبيرة بسمعتها وإنجازاتها وعلاقاتها الدولية التي بنتها على مدى سنين، وحين يتم اختياري محكما في هذه المحاكم، المحكمة العربية أو محكمة لندن، فهو إنجاز للوطن قبل أن يكون إنجازًا لي كمواطن بحريني يعتز بانتمائه لوطنه الغالي.