+A
A-

سبعينات ”مسرح أوال” وثمانينات ”الوزارة” وأيام التحدي.. المخرج صلاح جناحي

البعض‭ ‬منا،‭ ‬حينما‭ ‬كنا‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانوية‭ ‬أو‭ ‬السنة‭ ‬الأولى‭ ‬الجامعية،‭ ‬كنا‭ ‬نراه‭ ‬كثيرًا‭ ‬وتعرفنا‭ ‬عليه‭ ‬وأحببناه،‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك،‭ ‬لمن‭ ‬سنحت‭ ‬له‭ ‬الفرصة‭ ‬للحضور‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬تصوير‭ ‬الأعمال‭ ‬الدرامية،‭ ‬شاهدناه‭ ‬مع‭ ‬فرق‭ ‬العمل‭ ‬بنشاطه‭ ‬وحماسه‭ ‬ومرحه‭ ‬ودقته‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬أثناء‭ ‬إنجاز‭ ‬الأعمال‭ ‬البحرينية‭ "‬الفارقة‭".. ‬نقول‭ ‬الفارقة‭ ‬لأنها‭ ‬جعلت‭ ‬الدراما‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬أعمال‭ ‬الإنتاج‭ ‬الخليجي‭ ‬والعربي‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬التسعينات‭ ‬من‭ ‬مسلسل‭ ‬أم‭ ‬هلال‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬العود‭ ‬وفرجان‭ ‬لول‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ "‬عجائب‭" ‬الإنتاج‭ ‬المحلي‭.. ‬إذن،‭ ‬هذا‭ "‬بونواف‭"‬،‭ ‬المخرج‭ ‬والمصور‭ ‬والمنتج‭ ‬صلاح‭ ‬محمد‭ ‬جناحي،‭ ‬الذي‭ ‬عشق‭ ‬مجاله‭ ‬منذ‭ ‬منتصف‭ ‬السبعينات‭ ‬حتى‭ ‬تقاعده‭ ‬اليوم،‭ ‬لكنه‭ ‬ما‭ ‬يزال‭ ‬مصرًا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يعطي‭ ‬ويقدم‭ ‬وينتج‭.‬

الانطلاقة‭ ‬الواعدة‭ ‬للدراما‭ ‬البحرينية‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬الثمانينات

يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬المقدمة

من يعرفه يدرك أن علاقته بالكاميرا لن تنتهي في مرحلة التقاعد؛ لأنه لا يتعامل مع الكاميرا كتصوير وإخراج ومونتاج وإنتاج، بل يؤمن بأن الأعمال البحرينية يجب ويجب ثم يجب أن تكون في المقدمة تميزًا، فسألناه "ماذا تفعل اليوم بو نواف؟"، فيجيب "تقاعدت من العمل في وزارة الإعلام، لكنني ما زلت أحمل كاميرتي وأفكاري وتصوراتي وإنتاجي للأعمال في مؤسستي الخاصة، وكذلك أتعاون مع الزملاء والأحبة في تصوير وإخراج الأفلام الوثائقية والمشروعات المختلفة للمؤسسات ولم أتوقف عن العمل في الحقيقة".

طريق‭ ‬مليء‭ ‬بالتحديات

كيف‭ ‬كانت‭ ‬البداية‭ ‬التي‭ ‬أدخلتك‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬بقيت‭ ‬متصلًا‭ ‬به‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬التقاعد؟

أنا مولع بالتمثيل والتصوير والإخراج وكانت بدايتي في منتصف السبعينات عضوًا في مسرح أوال، وهناك مرحلة مهمة بدأت في العام 1985 عندما ابتعثتني وزارة الإعلام للدراسة في فرنسا، وبعد عودتي مباشرة وجدت نفسي أمام طريق مليء بالتحديات، حيث كان علينا أن نشهد ولادة بداية الدراما البحرينية بوجهها الطموح، وقبل تلك المرحلة، عملنا في إنتاج بعض الأعمال اليسيرة، إلا أنه بعد إنهاء الدراسة والعودة، وكان رئيسنا في ذلك الوقت الفنان قحطان القحطاني، وضعنا خطة عمل لإنتاج الأعمال التي يطمح لمستواها المشاهد البحريني والخليجي والعربي، وبدأنا بمسلسل أم هلال ثم البيت العود وحزاوي الدار بل دعني أقول إن كل الأعمال التي أخرجها المخرج المبدع أحمد المقلة لتلفزيون البحرين، تشرفت بأن أكون مدير الإنتاج فيها، وبالطبع كان معي عدد كبير من الإخوة الأعزاء من الفنانين والأطقم الفنية والإدارية منهم من توفاه الله إلى رحمته ومنهم من هم على قيد الحياة ربي يطول أعمارهم، ولا أريد ذكر أسماء حتى لا أنسى اسمًا عزيزًا فكلهم كلهم بلا استثناء جزء من وجداني وأحبهم ويحبونني.

بوجاسم‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬العود

وجدنا‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬التسعينات‭ ‬أنفسنا‭ ‬البحرينيين،‭ ‬أمام‭ ‬أعمال‭ ‬تفاءلنا‭ ‬بمستقبلنا‭ ‬الدرامي‭ ‬معها،‭ ‬ثم‭ ‬حدثت‭ "‬ردة‭".. ‬ترى‭ ‬ما‭ ‬أقرب‭ ‬الأعمال‭ ‬إلى‭ ‬قلبك؟

للأسف لم نتوقع ولم نرغب في أن نرى أنفسنا في آخر الرتب.. عمومًا، أحب الأعمال إلى قلبي هما "أولاد بوجاسم" و "البيت العود"، وحتى هذا اليوم، تراودني الأفكار والذكريات وأوقات العمل وتأتي في أحاديثي مع الأهل والأصدقاء والإعلاميين أمثالكم، وهي بالفعل تأخذ صفة الخلود لأنها تعبر عن فن عريق وروح وثابة في تقديم دراما راقية مرتبطة بالأصالة والتراث والإبداع البحريني، كذلك لدي الكثير من الأعمال في المملكة العربية السعودية ودولة الكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة قد لا أحصيها الآن، لكن أولاد بوجاسم والبيت العود عالقان بل مغروسان في روحي.

أوراق‭ ‬طموحة‭ ‬وضعناها‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬الفنان‭ ‬قحطان‭ ‬القحطاني

هل‭ ‬هناك‭ ‬أمل؟

بونواف‭.. ‬لماذا‭ ‬صرنا‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬الركب‭ ‬أمام‭ ‬هذه‭ ‬النقلة‭ ‬المذهلة‭ ‬في‭ ‬الإنتاج‭ ‬الخليجي‭ ‬والعربي‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬الأعمال‭ ‬الرمضانية؟

"رحمة الله على أعمالنا".. أقول بكل صراحة، إن فترة وزير الإعلام الأسبق المرحوم طارق المؤيد كانت ذهبية للإنتاج التلفزيوني الدرامي البحريني، فنسبة 9 % منها أنجز في عهد وزارته، ودعني أقول أمرًا يعرفه المقربون، فحين كان يطلب منا أن نقدم أعمالًا ويحثنا على المزيد، نصارحه بما لدينا، وأول عقبة هي الميزانية المالية بالطبع، فكان يتعرف على الأعمال ويقيمها ويشجع على تنفيذها ويقول "بكرة موازنة العمل عندكم".. وبالفعل، قول وفعل، ولهذا كنا ننتج 3 إلى 4 أعمال درامية في العام، فأي تلفزيون في العالم كان بوسعه وبمقدوره أن ينتج بهذا الحجم؟ أقصاها بالإمكان إنتاج عملين بالكثير في العام الواحد، لكننا أنجزنا وأبدعنا لا سيما في الأعمال الرمضانية، وبعد المؤيد رحمه الله بدأت العجلة في التباطؤ شيئًا فشيئًا، لكن بارقة الأمل تعود اليوم مع إنجاز مشروع القرية التراثية وهو مشروع يوليه وزير الإعلام علي محمد الرميحي كل الاهتمام، وهذا الاهتمام هو الذي يرسل بارقة أمل في أن نعود لتميزنا.. في الواقع، القرية مفتوحة للأعمال التي تستثمر فيها بعض المؤسسات وتستأجرها وتصور فيها أعمالها، وهذا جانب طيب بلا شك، والمأمول أن تعود أعمال البحرين إلى الواجهة بتميزها من كل الجوانب.

إلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬ترى‭ ‬مشاركة‭ ‬الشباب‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ ‬والمصورين‭ ‬والمخرجين‭ ‬والفنيين‭ ‬ودورهم‭ ‬في‭ ‬استمرار‭ ‬دوران‭ ‬العجلة‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬في‭ ‬الإنتاج؟

نتمنى لشبابنا العاملين في حقل الإعلام والإنتاج والثقافة التوفيق، لكنني أنصح الجميع بألا يأخذهم الغرور! وفي الحقيقة واسمح لي أن أتحدث بصراحة عن هذه النقطة، حيث أرى ظاهرة الغرور منتشرة بينهم، وكل ما أتمناه وهذه نصيحتي لهم أن يتركوا الغرور ويتجهوا إلى العمل المنجز والمتميز بقلب صادق، فليس من حمل الكاميرا "أمس واليوم" بإمكانه التحدث وكأنه يعمل منذ مئة عام! وترى من أنتج مشهدًا دراميًا يتباهى وكأنه صنع أمرًا مبهرًا.. لا بد من أن يتعلم الشباب ممن سبقهم في الميدان.. يتعلمون التواضع وسعة الصدر وحب العمل واحترام الجميع والتعاون مع الكل.

مع‭ ‬مشروع‭ ‬القرية‭ ‬التراثية‭.. ‬هناك‭ ‬بارقة‭ ‬أمل‭ ‬لعودة‭ ‬الروح

مجلسي‭ ‬ملتقى‭ ‬كل‭ ‬الأطياف

بعد‭ ‬سنين‭ ‬من‭ ‬التعب‭.. ‬نراك‭ ‬اليوم‭ ‬سعيدًا‭ ‬مع‭ ‬عيالك‭ ‬وأحفادك‭ ‬الله‭ ‬يحفظهم؟

لله الحمد والمنة، لدي 4 أبناء وبنات توأم، وأنعم الله سبحانه وتعالى علي بثمانية أحفاد، وهذه بهجة حياتي، وأصدقك القول إنه منذ بدايات انطلاق العمل كان الحمل الأكبر على زوجتي "أم نواف" في إدارة المنزل من كل جوانبه وشؤونه؛ لأن بعض الأعمال تتطلب أن نكون في الميدان 24 ساعة، وتفرغت منذ تقاعدت لأعوض ما فات من السنين مع أسرتي وعائلتي ومجتمعي أيضًا، فلو مر أسبوع واحد لا أرى فيها أحفادي فإنني أجد لهفة كبيرة واتصل بهم وأتوق لزيارتهم، فلا أعز من الولد إلا ولد الولد كما يقول المثل.. أما عن علاقاتي الاجتماعية فهي روح نابضة بحب هذا الوطن وأهله، وكما تعلم فإن مجلسي الأسبوعي قبل جائحة كورونا، وسيكون كذلك بعون الله بعد الجائحة، وأتمنى أن أفتتحه اليوم قبل غدًا، يمثل "اللمة" مع الأحبة من كل الأطياف ومن مختلف شرائح المجتمع، وكان بمثابة ملتقى فكري وثقافي واجتماعي يحضر فيه المسؤول والنائب البرلماني والبلدي وعامة الناس وهذا جزء من تقاليدنا وتراثنا وعلاقاتنا الطيبة التي لا يمكن أن تغيب عن المجتمع البحريني الطيب.

واسمح لي أن أوجه رسالة شكر وتقدير وعرفان إلى أبطال الصفوف الأمامية من أطباء وممرضين وعاملين صحيين ومتطوعين ممن واجهوا المرحلة الأخطر، وضحوا بحياتهم من أجل سلامة بلادنا وأهلنا، فهؤلاء لهم من الجميل الكبير على رؤوسنا ما يجعلنا ننحني لهم إجلالًا، ونتمنى أن يحظوا من جانب الدولة بالتكريم الذي يليق بهم حقًا، وأن يتم توظيف المتطوعين تقديرًا لجهودهم وعطائهم فلهم منا كل الامتنان والإجلال والاحترام.

تركيا‭ ‬الجميلة‭ ‬أدهشتني

ستعود‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬الكريمة‭ ‬بمجلسكم‭ ‬العامر‭.. ‬يقال‭ ‬عدت‭ ‬للتو‭ ‬من‭ ‬تركيا،‭ ‬كيف‭ ‬هي‭ ‬علاقتك‭ ‬بالسفر‭ ‬وأي‭ ‬المدن‭ ‬تحب؟

لم أزر تركيا إلا هذه الرحلة التي عدت منها قبل أيام قليلة مضت، ففي السنوات السابقة اعتدت على السفر إلى فرنسا كثيرًا من بعد التخرج، فأنا أحب باريس كثيرًا، ولكن صدقني، بعد زيارتي الأولى لتركيا وجدت فيها جمالًا كجنة الله في الأرض.. في أريافها.. قراها.. جبالها.. طبيعتها الساحرة تبارك الله، وقضيت فيها بالفعل أجمل الأيام.