الاعتلال السمعي مشكلة يمكن تداركها بالكشف المبكر منذ الولادة
د. عبدالكريم الساعي
أكد استشاري أمراض وجراحة الأذن والأنف والحنجرة في مدينة البحرين الطبية د. عبدالكريم الساعي أن الاعتلال السمعي يمكن علاجه، إلا أن من الضروري الكشف مبكرًا عنه، مشددًا على ضرورة إجراء الفحوصات التشخيصية للكشف عن الاعتلال السمعي سواء كان للأطفال المولودين أو الكبار خصوصًا من لديهم تاريخ عائلي في مشكلات السمع.
وذكر الساعي أن الإنسان ومع تقدمه في العمر يتراجع السمع لديه تدريجيًا، إذ عند بلوغه سن السبعين يفقد سنويًا 1 ديسيبل من السمع، موضحًا أن هذا الفقدان قد يحدث قبل سن السبعين أو بعده.
«صحتنا في البلاد» التقت د. عبدالكريم الساعي الذي تخرج من جامعة المستنصرية في بغداد العام 1991، ليبدأ بعد ذلك دورته التدريبية في مجمع السلمانية الطبي في نفس العام، ليلتحق في العام 1993 بتخصص الأنف والأذن والحنجرة ويدخل بعدها في البرنامج التدريبي الذي استغرق 5 أعوام ليحصل على الزمالة من الكلية الملكية للجراحين في إدنبرا.
انطلق بعد ذلك إلى المملكة المتحدة للتدريب على التخصصات العليا، وبعد انتهاء التدريب حصل على دورة ثانية في مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض، ليتولد لديه شغف جراحة الرأس والعنق، ليستمر في العمل بمستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض ويطلع على تخصصات عدة منها العمل مع فريق زراعة القوقعة والاعتلال السمعي والمسح السمعي للأطفال وغيرها من مجالات الجراحة في الأنف والأذن والحنجرة والرأس والعنق، بعدها توجه للعمل في مستشفى السلمانية الطبي ليكمل المسيرة هناك، حيث التحق مباشرة بفريق زراعة القوقعة وجراحة الرأس والعنق بنفس الوقت، وأصبح رئيسًا للفريق بعد ذلك، وقد عمل على تدريب زملائه الأطباء المتدربين على المهارات التي اكتسبها حتى العام 2019، ليقرر الاتجاه إلى الطب الخاص لإتاحة الفرص للزملاء الجدد في مجمع السلمانية الطبي لإكمال المسيرة.
بعد تقاعده التحق مباشرة إلى مدينة البحرين الطبية التي كانت في المرحلة التأسيسية، ليكون مديرا طبيا.
"المدينة الطبية"... متكاملة
وفي هذا الصدد أكد الساعي أن الهدف الأساس من تأسيس المدينة الطبية هو إتاحة الفرصة لجميع التخصصات الطبية بأن تكون متوافرة في المركز، بمشاركة أطباء استشاريين ذوي خبرة عالية جدا في تخصصاتهم، مشيرًا إلى أن الهدف توفير جميع التخصصات تحت مظلة واحدة ما يسهل على المراجعين اختيار الطبيب والتخصص المراد مراجعته.
وقال الساعي "سعينا في المدينة الطبية إلى أن تكون مدينة متكاملة، عبر توفير العديد من الخدمات الطبية المساندة من قسم تمريض وعلاج طبيعي والمختبر والأشعة وقسم عمليات اليوم الواحد أو ما يعرف بالإقامة القصيرة".
وأضاف "سعينا في مدينة البحرين الطبية أيضًا إلى أن تكون عيادة الأنف والأذن والحنجرة مجهزة بأحدث الأجهزة التشخيصية والعلاجية، كما أنه قريبًا سيتم توفير باقي التخصصات المساندة للعيادة مثل تخصصات السمع والتأهيل السلوكي واللغوي وجميع ملحقات عيادة الأنف والأذن والحنجرة".
الاعتلال السمعي عند الأطفال يمكن تداركه بالفحص المبكر
وأكد د. عبدالكريم الساعي أن الاعتلال السمعي بنوعيه التوصيلي والحسي العصبي من أبرز أمراض الأذن شيوعًا، مشيرًا إلى أنه عند الأطفال يفضل الكشف المبكر للاعتلال السمعي منذ الولادة، خصوصًا الأطفال المولودين في عائلة لديها تاريخ وراثي في الصم، كما أن بعض المولودين قد تكون لديهم مشكلات مكتسبة قد تؤثر على السمع، لذا فإن الهدف الرئيس هو العلاج المبكر لهذه المشكلة، فالتأخير سيكون له مضاعفات على الطفل خصوصًا فيما يتعلق باللغة.
وأوضح أن من المهم إجراء الفحص بعد ولادة الطفل، فالكشف عن الاعتلال السمعي في السنتين الأوليين من حياة الطفل قد يساعد على علاجه مبكرًا، مشيرًا إلى أن هدف الكشف المبكر عن الاعتلال السمعي إتاحة العلاج للمريض، إذ إن نسبة نجاح العلاج المبكر ستكون أعلى بكثير، وإذا تم اكتشافه متأخرا قد لا يحصل الطبيب أو المريض على النتيجة المرجوة.
وينصح الساعي من لديهم تاريخ عائلي ومشكلات جينية في السمع بضرورة إجراء الفحص للأطفال في سن مبكرة تجنبًا لأي مضاعفات.
وعلى صعيد آخر أكد الساعي أن الأطفال معرضون للإصابة بالالتهابات خصوصًا الموسمية التي يكون لها تأثير مباشر على الأذن خصوصًا الأطفال من عمر السنتين إلى خمس سنوات، ما قد يعرضهم إلى مضاعفات أخرى مثل التهابات مؤقتة أو مزمنة في الأذن الوسطى.
كبار السن معرضون لفقدان السمع تدرجيًا ولكن الطب أوجد الحلول
وقد يعتقد البعض أن المشكلات السمعية وبالتحديد الاعتلال السمعي قد تكون حصرًا على الأطفال الصغار، إلا أن الكبار أيضا معرضون للإصابة بهذا النوع من الاعتلال. وبين الساعي أن التعرض إلى الضوضاء المهنية أو الصخب الترفيهي الذي يكون عبر سماع الأصوات بمستوى عال ووضع السماعات قد يؤدي إلى ضعف سمع تدريجي، إذ سيواجه الإنسان في هذه الحالة صعوبة في السماع مع مرور الوقت.
وأضاف "ننصح من يتعرض إلى الضوضاء المهنية بضرورة حماية الأذن عند العمل، كما أن من الضروري أيضًا توعية المجتمع خصوصًا المؤسسات المهنية بتقديم التوعية لهم بأهمية توفير أدوات حماية للأذن، لحماية الموظفين من الاعتلال السمعي".
وأكد د. عبدالكريم الساعي أن الإنسان ومع تقدمه في العمر يتراجع السمع لديه تدريجيًا، إذ عند بلوغه سن السبعين يفقد الإنسان سنويًا ١ ديسيبل من السمع، موضحًا أن هذا الفقدان قد يحدث قبل سن السبعين أو بعده. وعلى الرغم من اعتقاد البعض بأنه لا توجد علاجات إلى كبار السن بعد إصابتهم بالاعتلال السمعي، أكد الساعي أن الطب أوجد الحلول لهذه المشكلة، مشددًا على أهمية الفحص لكبار السن عن بدء فقدان السمع التدريجي من أجل وضع خطة علاجية مناسبة للمريض.
الحلول المبكرة أفضل من المتأخرة
وذكر أنه يمكن معالجة الاعتلال السمعي عبر حلول عدة، مبينًا أن هناك خيارات عدة في العلاج يطلق عليها المعينات السمعية. وبهذا الشأن قال د. عبدالكريم "نستطيع استرجاع السمع بالخيارات المتوافرة، إلا أن من المهم في البداية تشخيص درجة الاعتلال السمعي، إذ إن هناك أربع درجات إلى الاعتلال السمعي: البسيط، المتوسط، الشديد والعميق".
وأضاف "الفحوصات التشخيصية لدينا تمكننا من تحديد مستوى السمع إذا كان طبيعيا أو ما إذا كان بسيطا أو عميقا، وفي حال كان الاعتلال بسيطا أو متوسطا يتم استخدام المعينات السمعية، لتقريب الأصوات بشكل واضح إلى الأذن سواء كان ذلك لصغار أو كبار المرضى".
وتابع "في حال كان الاعتلال عميقا أو شديدا فإنه يتم اللجوء إلى زراعة القوقعة، وهذا متوافر حاليًا ويساعد على استرجاع السمع بحيث يتيح للطفل أن يتعلم ويسمع ويكون إنسانا منتجا في المجتمع، لذا فإن الكشف عن الاعتلال السمعي في الصغر يعد أمرا ضروريا، فالطفل بحاجة إلى تعلم اللغة والالتحاق بالمدرسة، وإتاحة الفرصة لعلاجه ستمكنه من تعلم اللغة والتعلم ليكون فردا منتجا، فالهدف من إعادة السمع للأطفال هو عدم تصنيفهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، لأن فقدان السمع يعد إعاقة".
وأضاف "اللجوء إلى المعينات السمعية لدى الكبار هو لكون هؤلاء بحاجة إلى التواصل الاجتماعي، إذ إن هذه الأجهزة ستسمح للشخص بأن يسمع الأصوات بشكل واضح، ما سيساعده على التواصل والتخاطب مع الناس" . وأكد د. عبدالكريم أن هناك مشكلات في السمع التوصيلي، ما يعني أن الإحساس موجود، إلا أن هناك مشكلة في توصيل السمع، لذا يمكن تشخيص هذه الحالات وتوفير الحلول المتاحة عبر استخدام الأجهزة أو زراعة أجهزة وغيرها من العلاجات.
وفي الختام شدد الساعي على ضرورة إجراء الفحوصات التشخيصية للكشف عن الاعتلال السمعي سواء للأطفال المولودين أو الكبار خصوصًا من لديهم تاريخ عائلي في مشكلات السمع، أو من يعانون من مشكلات مكتسبة قد تؤثر على السمع مستقبلًا، مؤكدًا أن الطب حاليًا أوجد جميع الحلول للمصابين بالاعتلال السمعي.