+A
A-

منها الميداني والحربي والقفلة والمشاية ”رقصة العرضة”

على‭ ‬إيقاع‭ ‬الطبول‭ ‬وتمايل‭ ‬الصفوف‭ ‬بخطوات‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬متناغمة‭ ‬مع‭ ‬الإيقاع‭ ‬وحركة‭ ‬السيوف‭ ‬والبنادق،‭ ‬يكرر‭ ‬الكورال‭ ‬أبيات‭ ‬رقصة‭ ‬العرضة‭ ‬التراثية‭ ‬في‭ ‬بهجة‭ ‬أجواء‭ ‬الأعياد‭ ‬الوطنية‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬فهذا‭ ‬الفن‭ ‬التراثي‭ ‬العريق‭ ‬تطور‭ ‬مع‭ ‬الزمن‭ ‬محافظًا‭ ‬على‭ ‬معانيه‭ ‬التي‭ ‬ارتبطت‭ ‬بالحرب‭ ‬ثم‭ ‬أصبح‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬ملامح‭ ‬ومباهج‭ ‬الاحتفال‭ ‬بالأعياد‭ ‬الوطنية‭ ‬والمناسبات‭ ‬كلمحة‭ ‬من‭ ‬ملامح‭ ‬الماضي‭.‬

العرضة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬البحرينية‭ ‬منها،‭ ‬لها‭ ‬شعرها‭ ‬الحماسي‭ ‬وسيوفها‭ ‬وطبولها‭ ‬وإنشاد‭ ‬الصفوف‭ ‬مع‭ ‬حملة‭ ‬الراية‭ ‬أو‭ ‬البيرق،‭ ‬وحسب‭ ‬جامعي‭ ‬التراث‭ ‬ومؤرخيه،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الفن‭ ‬يزيد‭ ‬عمره‭ ‬على‭ ‬200‭ ‬عام‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬حكم‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬الكرام‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1783،‭ ‬وله‭ ‬ألوان‭ ‬عدة‭ ‬منها‭ ‬الميداني‭ ‬والحربي‭ ‬والبداوي‭ ‬والمشاية‭ ‬والقفلة،‭ ‬وقصائده‭ (‬شيلاته‭) ‬عربية‭ ‬وغالبها‭ ‬شعبي‭ ‬نبطي،‭ ‬ولربما‭ ‬تعددت‭ ‬أسماء‭ ‬العرضة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬بخصائص‭ ‬في‭ ‬قصائدها‭ ‬وإيقاعها،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الفرق‭ ‬قد‭ ‬يبدو‭ ‬طفيفًا‭ ‬جدًا،‭ ‬أما‭ ‬العرضة‭ ‬البحرينية‭ ‬والسعودية‭ ‬النجدية‭ ‬فتكادان‭ ‬تكونان‭ ‬متطابقتين‭.‬

طابع‭ ‬وأنماط‭ ‬الأداء

والعرضة فن من فنون الدعوة للسلم أو الحرب، وقد تكون العرضة ذات جذور اجتماعية تضرب بقدمها حتى تصل إلى العصر الجاهلي الذي تميز بالعصبيات القبلية والحروب والغزوات. ومع انتقال وترحال القبائل العربية من شبه الجزيرة العربية خصوصًا من منطقة نجد، كما يوثق الكاتب والمؤرخ البحريني خالد عبدالله خليفة، فإن هذا التراث القبلي قد انتقل بالضرورة إلى أماكن أخرى، ومن خلال عملية البحث لدى القبائل عن الماء والمرعى وعن الأماكن الأكثر أمنا فقد تفرقت تلك القبائل مبتعدة عن مركزها الأساس، ومن ذلك هجرة قبائل الـ "عتوب" من شبه الجزيرة العربية إلى الكويت والبحرين وتفرق باقي القبائل في أماكن مختلفة فيما يعرف الآن بمنطقة "الخليج العربي"، لذلك فإن لكل منطقة تراثها الخاص الذي يتميز بسمات خاصة تعكس طابع المزاج الشخصي والتفرد القبلي الذي ينعكس بالضرورة على أنماط الآداء، بحيث تبدو هناك بعض الاختلافات البسيطة في نوعيته تختلف من منطقة إلى أخرى.

 

الهجرات‭ ‬كعامل‭ ‬للانتشار

ويرى الشاعر والراوي والإعلامي المهتم بالتراث والتدوين الشعبي الشيخ عيسى بن خليفة آل خليفة أن العرضة فن من الفنون التراثية القديمة يقام في المناسبات المهمة، وهي عبارة عن أداء رجولي يختص به أهل الخليج العربي، وقيل إنها استعراض رجالي حربي تقوم به القبائل العربية قبل وبعد الحروب فيما مضى. والعرضة، ذلك الفن القديم، قيل إنه من بقايا استعدادات القبائل للحرب في الجاهلية، ويقال إن العرضة منبعها نجد، وكانت مختصة بقبائل عنزة الشهيرة التي يعود إليها أصل حكام الخليج العربي مثل آل خليفة وآل صباح وآل سعود، ومن بعد ذلك انتشرت العرضة في أقطار الخليج بسبب الهجرات التي قامت بها بعض القبائل، حيث اختلفت مسمياتها من منطقة إلى أخرى.

 

سمات‭ ‬”عرضة”‭ ‬أهل‭ ‬الخليج

في البحرين والكويت وقطر تسمى "عرضة" وفي السعودية تسمى "عرضة نجدية"، وأخرى تسمى "العرضة الجنوبية" وهي تختص بأهل الحجاز والجنوب وتتميز بالسرعة في اللحن والأداء، أما في الإمارات فتسمى الـ "عيالة" والـ "رزيف"، كما كانت تسمى سابقًا في البحرين بـ "الرزيف" أيضًا، وفي عمان تسمى الـ "رزفة". إن أداء العرضة تقليد ثابت يكون من خلال صفين متقابلين بعيدين عن بعضهما البعض. هذان الصفان يسميان صفوف الـ "شيالة" ويقابل هذه الصفوف رجل يلقنهم القصيدة يسمى الـ "شيال"، كما يوجد كذلك الأفراد الذين يضربون على الدفوف والطبول، والأدوات المستخدمة في فن العرضة تختلف من منطقة إلى أخرى، ففي البحرين وقطر تستخدم طيران وطبلين والطوس، أما في السعودية والكويت فيستخدمون الطبل النصيفي، وهو عبارة عن نصف طبل يربط في اليد ويضرب به، كما أن هناك صفا للأسلحة النارية المسماة الـ "مقاميع" أو الـ "تفجان" وهي نوع من البنادق القديمة المتوارثة، يقودهم رجل يسمى "راعي المعقودة"، كما يوجد في الوسط الرجال الذين يلعبون بالسيوف أثناء أداء الـ "رزيف" أي الرقص بالسيف في العرضة.