+A
A-

في دمك ”شوارد حرة”؟ الحجامة تخلصك منها

ما‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تسببه‭ ‬‭"‬الشوارد‭ ‬الحرة‭"‬‭ ‬من‭ ‬أضرار‭ ‬في‭ ‬أجسامنا؟‭ ‬وقبل‭ ‬ذلك،‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬أصلًا‭ ‬الشوارد‭ ‬الحرة؟‭ ‬ربما‭ ‬سمع‭ ‬البعض‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ويعرفها‭ ‬وربما‭ ‬يسمعها‭ ‬بعضنا‭ ‬لأول‭ ‬مرة،‭ ‬لكن‭ ‬دعونا‭ ‬نقرأ‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭ ‬مع‭ ‬استشارية‭ ‬طب‭ ‬الأسرة‭ ‬والمجتمع‭ ‬الطبيبة‭ ‬زهرة‭ ‬خليفة‭ ‬بشأن‭ ‬الحجامة‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬تنتشر‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬وتملأ‭ ‬إعلاناتها‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والمواقع‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬ولن‭ ‬يكون‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الشوارد‭ ‬الحرة،‭ ‬لكنها‭ ‬جزء‭ ‬مهم‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭.‬

دراسة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬600‭ ‬مبحوث

في‭ ‬الغالب،‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬دراسات‭ ‬علمية‭ ‬محلية‭ ‬تتناول‭ ‬العلاج‭ ‬بالحجامة‭.. ‬يعرفها‭ ‬الكثيرون‭ ‬من‭ ‬باب‭ "‬الطب‭ ‬النبوي‭" ‬ويتداوون‭ ‬بها،‭ ‬لكن‭ ‬لديك‭ ‬دراسة‭ ‬تأسست‭ ‬على‭ ‬استبيان‭ ‬ومبحوثين،‭ ‬هل‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬نتعرف‭ ‬على‭ ‬نتائجها؟

من المهم أن نتحدث عن الأثر العلاجي للحجامة. في عصرنا، ودعني أقول خلال السنوات الثلاث الماضية، لاحظنا ازديادًا ملحوظًا في اللجوء إلى الحجامة سواء العلاجية أو الوقائية، وبالفعل أنجزت دراسة حديثة سأنشرها قريبًا وكذلك سأستعرضها في مؤتمر الطب البديل الذي سيعقد في أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة في شهر فبراير 2022، وبشكل عشوائي، استهدفت فئة مبحوثة من الجنسين ومن مختلف الأعمار قوامها 640 مبحوثًا، وهدفي من ذلك معرفة مدى إلمام الناس بدور الحجامة وفق الفئات العمرية وربطها بالمستوى التعليمي.

ومن أبرز النتائج، أن ما يقارب من 29 % من الذين يجرون الحجامة هم من الفئة العمرية بين 25 و45 سنة، أما من تقل أعمارهم عن 25 سنة فتبلغ نسبتهم 6.3 %، ومن أعمارهم فوق 45 سنة يجرون الحجامة بشكل مستمر، أما بالنسبة للمهن، فهناك 30 % من الموظفين والموظفات، و60 % من المتقاعدين والعاطلين، فيما تمثل نسبة 12.5 % فئة الطلبة، أما المستوى التعليمي فهناك قرابة 70 % من المحتجمين من مستويات التعليم العالي من الدبلوم فما فوق، وقرابة 30 % من المرحلة الثانوية فأقل.

وفيما يتعلق بالحالة الاجتماعية، لدينا نسبة 20 % من غير المتزوجين أو من المقبلين على الزواج يقبلون على الحجامة، وقرابة 80 % من المتزوجين أو المنفصلين ممن يعانون من الأمراض المزمنة مثل الضغط والسكري والقلب وارتفاع نسبة الدهون، وهناك نسبة قليلة مصابون بأمراض لها علاقة بالجهاز المناعي أو الربو أو أمراض الغدة الدرقية.

ووجدنا أيضًا أن نسبة 60 % ممن يعانون من الأمراض المزمنة يتعالجون بالعلاج التكميلي بالحجامة أو الأعشاب، ونسبة 30 % لم يجروا الحجامة أبدًا. وعن تعزيز دور الجهاز المناعي للحماية من الأمراض المعدية خصوصًا في فترة الكورونا، فقد بلغت النسبة 98 % بين من يؤمنون بأن الحجامة والعلاجات التكميلية لها دور في الحماية من الأمراض وتقوية الجهاز المناعي، وهذا يدل على وعي المجتمع البحريني بالعلاجات التكميلية وإيمانهم بالحجامة ودورها في الحماية والوقاية من الأمراض المزمنة وكذلك المعدية.

لنحدد‭ ‬بالضبط‭ ‬نسبة‭ ‬الرجال‭ ‬والنساء‭ ‬لطفًا؟

النسبة الأكبر من المبحوثين هم من الرجال وبلغت نسبتهم 59 % فيما كانت نسبة النساء 41 %، وكما أشرت، فإن من يجرون الحجامة على وعي كبير ومعرفة بأهميتها ودورها في تعزيز الجهاز المناعي، والإقبال في زمن الكورونا كان كبيرًا، وهذا دليل على احتياجهم لتقوية جهازهم المناعي، وهناك دراسات علمية أجريت في بعض المراكز العلمية في الصين على سبيل المثال، أثبتت أن الناس يقبلون على الحجامة للعلاج من مرض الكورونا والتخلص من الأعراض كآلام الجسم والكحة، وبالنسبة لي، فمعظم من عالجتهم ما بعد الإصابة بالفيروس، وهم بالمناسبة ممن أكملوا التطعيمات وتعرضوا لمشكلات في الغدد وتعب ما بعد الإصابة، فكثير منهم يجرون الحجامة لتنشيط الجهاز المناعي وتحسين الدورة الدموية بالإضافة إلى إزالة الأعراض كالقلل والخوف لا سيما الأعراض النفسية.

الحجامة‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬الكورونا

ورد‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المعلومات‭ ‬المنتشرة‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬أن‭ ‬الحجامة‭ ‬تحمي‭ ‬من‭ ‬الإصابة‭ ‬وهي‭ ‬بالتأكيد‭ ‬معلومات‭ ‬غير‭ ‬صحيحة،‭ ‬فماذا‭ ‬تؤكدين؟

هذه نقطة مهمة، فالدراسة لم تثبت أن الحجامة تحمي من الإصابة بالكورونا، فالتطعيم يحمي من شدة الأعراض ولا يمنع الإصابة بالفيروس، وأشدد على أن الحجامة لها دور في تحسين وتعزيز الجهاز المناعي بعد الإصابة بالمرض وظهور الأعراض، وأنا مهتمة بمتابعة الدراسات الحديثة، فعلى مستوى دول مجلس التعاون الخليجي هناك دراسات أكثرها في المملكة العربية السعودية، وأخرى في جمهورية مصر العربية، وهناك في دول شرق آسيا كالصين وأخرى في الدول الأوروبية، ونحن نتابع النتائج الحديثة، والدليل على ذلك دراستي التي بين أيديكم.

عالجنا‭ ‬آلام‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الإصابة‭ ‬لمتعافين‭ ‬من‭ ‬كورونا‭ ‬ومنها‭ ‬الخوف‭ ‬والقلق

بعض‭ ‬الناس‭ ‬أصيبوا‭ ‬بتليفات‭ ‬الجلد‭ ‬والسبب‭ ‬الحجامة‭ ‬الخاطئة

الشوارد‭ ‬الحرة‭ ‬والكريات‭ ‬الرديئة

نريد‭ ‬بعض‭ ‬التفصيل‭ ‬العلمي‭ ‬عن‭ ‬منافع‭ ‬الحجامة‭.. ‬لعلنا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬الشوارد‭ ‬الحرة‭ ‬ومعناها‭ ‬وأمور‭ ‬أخرى‭ ‬مرتبطة‭ ‬بتقوية‭ ‬مناعة‭ ‬الجسم‭...‬

هناك بعض الدراسات التي أجريت على فئة من المحتجمين، وتمت مقارنة الدم المستخرج بالدم الوريدي لمطابقة المحتويات، وتبين أن دم الحجامة يحتوي على الشوارد الحرة، وهي بتعريف ميسر تعني جزئيات غير مستقرة تتعرض لها خلايا الجسم ولها أثر في تدمير خلايا وأنسجة الجسم، وليس ذلك فحسب، بل إن دم الحجامة يحوي كريات الدم الرديئة والأخلاط والمواد المؤكسدة التي تسبب أمراض السرطان، ونسبة احتواء دم الحجامة من كريات البيضاء قليلة بدرجة "العشر" من الدم الوريدي، بينما يحتوي دم المتبرع على كل عناصر الدم من كريات حمراء وبيضاء وصفائح ومضادات، وهذا يوضح أن الحجامة عبارة عن عملية استخراجية لهذه الشوارد الحرة والمواد المؤكسدة والحموضة ورطوبة الجسم، وتحافظ على المواد التي نحتاجها مثل الكريات البيضاء والأجسام المضادة. وقد قرأت دراسات كشفت دور الحجامة في تحسين مستوى السكر في الدم وضغط الدم وكذلك الصداع النصفي والشقيقة، وهي تعالج وتقلل عدد نوبات المرض، وأثبت ذلك مع عدد من المرضى الذين أعالجهم، وتبين أن حدة النوبات انخفضت، وحين تصيبهم فهي بنسبة قليلة، أضف إلى ذلك علاج عرق النسا وآلام أسفل الظهر التي تنتقل إلى منطقة الفخذ وكلها أتت بنتائج طيبة.

مُر‭ ‬أمتك‭ ‬بالحجامة

نختم‭ ‬بالتأكيد‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬المحاذير‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تؤثر‭ ‬سلبًا‭ ‬على‭ ‬المحتجم‭.. ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬إيجازها؟

بودي التركيز على نقطة من كنوزنا الإسلامية، وتعاليم نبينا الأكرم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، فليلة أسري به ورد عنه "ما مررت ليلة أسري بي بملأ من الملائكة إلا قالوا: يا محمد مر أمتك بالحجامة"، ومما لدينا من الأثر قوله عليه الصلاة والسلام، وهو لا ينطق عن الهوى، "إن أفضل ما تداويتم به في ثلاث: شربة عسل، أو شرطة محجم، وكية بنار وأنهى أمتي عن الكي". واليوم في عصرنا الحديث ندرك دور الحجامة، لكن هناك رسالة مهمة للناس، أركز فيها على أن الشخص المحتجم أو الراغب في الحجامة لابد وأن يختار المكان الصحيح والممارس الذي يقوم بعمله بطريقة صحيحة على علم ودراية بأهمية الحجامة ومواقعها وموانعها ويعرف كيف يتعامل مع المضاعفات التي قد تحدث بسبب التشريط الخاطئ، فهناك من يعتقد أن إخراج الدم هو أهم ما في الحجامة وهذا خطأ، فالتشريط في الأماكن الصحيحة هو الأساس وليس الدم الذي يخرج، ولهذا رأينا بعض المرضى أصيبوا بآثار وتليفات على سطح الجسم بسبب الحجامة الخاطئة، وأكرر: الحجامة في التشريط الصحيح وليست بكمية الدم وعدد الكؤوس المستخدمة ومواقعها، ولابد من أن تكون بطريقة علمية صحيحة مع اتباع الإجراءات الوقائية من تنظيف وتطهير وعناية بالجروح. والحجامة تساعد في علاج العديد من الأمراض كالصداع النصفي وآلام الظهر والقلق النفسي والحالات الكثيرة التي نراها وهم يعانون الشد في أعلى الكتف وعرق النسا وكذلك حالات العقم غير معروفة الأسباب، ولله الحمد يحدث انتظام في الدورة الدموية والحمل لدى بعض الحالات عقب إجراء الحجامة، وحتى الأصحاء الذين لا يعانون من المشكلات تنفعهم الحجامة؛ لأنها تعيد الطاقة في الجسم وتقوي الجهاز المناعي لا سيما للرياضيين؛ لأنهم يريدون تحسين الدورة الدموية وزيادة الأكسجين وتروية العضلات وإزالة الأحماض التي تتراكم بسبب الرياضة مثل الأكتيك أسيد والفوسفور غير العضوي، وتحسين الحالة النفسية، ونرى اليوم في دول متقدمة اهتماما بالحجامة للغني والفقير، للمتعلم وغير المتعلم، وللنساء والرجال والأطفال فوق السبع سنوات، ولديهم مراكز متقدمة للحجامة، بينما نحن ما نزال في تردد رغم الجهود المبذولة لترسيخ سمعة الحجامة في بلادنا الحبيبة.