+A
A-

الأمر كأنه ضرب من الخيال هل الشيخوخة مرض أم حالة؟

د‭. ‬حرب‭ ‬العمري‭ ‬

 

أليس‭ ‬أمرًا‭ ‬مذهلًا‭ ‬حقًا‭ ‬أن‭ ‬نعيش‭ ‬عمرًا‭ ‬أطول‭ ‬بلا‭ ‬شيخوخة؟‭ ‬كم‭ ‬هو‭ ‬مدهش‭ ‬أن‭ ‬نشاهد‭ ‬وجوهنا‭ ‬في‭ ‬المرآة‭ ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬السبعين‭ ‬أو‭ ‬الثمانين،‭ ‬لنبتسم‭ ‬أمام‭ ‬جلد‭ ‬بنضارة‭ ‬الشباب‭.. ‬في‭ ‬هذه‭ ‬السطور‭ ‬موضوع‭ ‬شيق‭ ‬مع‭ ‬استشاري‭ ‬الأمراض‭ ‬الجلدية‭ ‬والتناسلية‭ ‬د‭. ‬حرب‭ ‬العمري،‭ ‬الذي‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬البشرية‭ ‬اعتادت‭ ‬منذ‭ ‬الأزل‭ ‬على‭ ‬تقبل‭ ‬الشيخوخة‭ ‬كأمر‭ ‬عادي‭ ‬وحالة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجنبها،‭ ‬فالإنسان‭ ‬يولد‭ ‬رضيعًا‭ ‬ويمر‭ ‬بدور‭ ‬الطفولة‭ ‬ثم‭ ‬الشباب‭ ‬ويستمر‭ ‬في‭ ‬الكبر‭ ‬حتى‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬الشيخوخة‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالأمراض‭ ‬المصاحبة‭ ‬لهذه‭ ‬الحالة،‭ ‬وهناك‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬عندنا‭ ‬من‭ ‬الشيوخ‭ ‬والمحتاجين‭ ‬إلى‭ ‬رعاية‭ ‬صحية‭ ‬واقتصادية‭ ‬دائمة،‭ ‬وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬عبء‭ ‬اقتصادي‭ ‬ومعنوي‭ ‬على‭ ‬مجمل‭ ‬الناس‭. ‬

إذًا‭ ‬هو‭ ‬حديث‭ ‬عن‭ ‬إيقاف‭ ‬الشيخوخة‭ ‬بشكل‭ ‬أو‭ ‬بآخر؟

دعني أقول إنه نظرًا للاحتياجات السريرية والرعاية الصحية والقوى العاملة والاحتياجات الاقتصادية العاجلة وغير الملباة للسكان المسنين، نحتاج إلى تدخلات وبرامج تجدد الأنسجة والأعضاء وتمنع الأضرار والمرض والضعف المرتبط بالشيخوخة استجابةً لهذه التحديات، ولعلني أشير إلى أن منظمة الصحة العالمية (WHO) دعت إلى استجابة شاملة للصحة العامة ضمن إطار قانوني دولي قائم على قانون حقوق الإنسان وضمن ضوابط منظمة الصحة العالمية، لذلك علينا في مملكة البحرين أن نقوم بدراسات لتحديد حجم المشكلة لا سيما الأمراض المرتبطة بالشيخوخة، ومن تلك المعلومات يمكن وضع ميزانيات لعكس هذا الاتجاه بحث نقوم بإيقاف الشيخوخة والعجز المصاحب لها والتأثيرات المتأتية منه، وبالتالي الأمراض المصاحبة لهذه المرحلة مثل السكر والتهابات المفاصل بحيث نجعل الشيوخ في صحة جيدة جهد الإمكان إلى آخر العمر.

 

أكسدة‭ ‬أعضاء‭ ‬الجسم‭ ‬وإتلافها

ربما‭ ‬يبدو‭ ‬الأمر‭ ‬ضربًا‭ ‬من‭ ‬الخيال‭.. ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬بحوث‭ ‬علمية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال؟

نعم قد يبدو الأمر وكأنه ضرب من الخيال، لكن في السنوات الأخيرة أجريت بحوث عن هذا الموضوع، وتم علاج العجز على أنه مرض بعلاجات استباقية وقبل وقوع الانهيارات الصحية التي تجعل الإنسان مقعدًا وفي حالة اكتئاب، ولفهم هذا نشرح الأمر، وهو أن كل خلية في الإنسان لها عمر افتراضي، إذ تنقسم الخلايا إلى نحو ستين مرة، وبعدها تخلد إلى السكون الضار، حيث تتوقف عن الانقسام ولكنها تستمر في إفراز ما يسمى بـ "الأواصر الطيارة"، وهي باختصار غالبية من الأوكسجين التائه الذي يتحد مع أعضاء الجسم دون ضوابط، وهذا يؤدي إلى أكسدة أعضاء الجسم وإتلافها.. إذًا، هذه إحدى ميكانيكيات العجز.

وهنا، يبدأ أول طريق لإيقاف العجز باستعمال المكملات الغذائية المتوافرة في الصيدليات أو من الشبكة العنكبوتية ومن مواقع معروفة خصوصًا تلك التي تؤخر الأكسدة، وبالتالي، نتغلب على الإفرازات الضارة للخلايا الساكنة التي ذكرناها، والتي بمجملها تؤدي إلى العجز في الجلد والعضلات والعظام والأعضاء الدقيقة، ففي النهاية العجز هو برنامج، ويمكن تعويض ما يتلفه هذا البرنامج، ونظريًا يمكن عكسه، لكن العلم لم يصل إلى هذا الحد.

70‭ ‬إلى‭ ‬100‭ ‬تريليون‭ ‬بكتيريا

ركزتم‭ ‬على‭ ‬نوعية‭ ‬الطعام‭ ‬كثيرًا‭ ‬في‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬أسلوب‭ ‬الحياة،‭ ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬علاقة؟

بلاك شك، نوعية الطعام وأسلوب الحياة يؤثران على البكتريا الحميدة في الأمعاء، التي تقوم بعملية التغذية للإنسان، إذ تقوم المعدة فقط بطحن الأغذية ثم تحولها إلى المصارين حيث يوجد حوالي 70 إلى 100 تريليون بكتيريا وهذه تقوم بشكل مذهل بتقسيم أنفسها إلى مجاميع لتحويل الطعام إلى مختلف أنواع الاحتياجات في الجسم، ثم ترشح هذه الأغذية على شكل سوائل تنتشر في كامل جسم الإنسان وأعضائه، وتعوم في هذا السائل الملحي وتأخذ حاجتها من الأغذية بواسطة مستقبلات خاصة، وهناك داخل المصارين أعصاب مربوطة بالدماغ وباقي الجسم، ما يجعل صحة البكتيريا داخل المصارين بالغة الأهمية ومنها نوعية الغذاء مثل كثرة تناول الكاربوهيدرات، فهذه تؤثر على المعدة وتسبب الحموضة وبالتالي تخدش الأمعاء وتؤثر على البكتريا الحميدة الموجودة في المصارين خصوصا الغليظة.

 

تلك العملية قد تسبب ارتجاع الحموضة إلى البلعوم وتقرحات في المريء، هذا الارتباط العضوي بين الغذاء والجسم ينعكس على الحالة النفسية للإنسان، وقد يؤدي إلى الاكتئاب وقلة النوم وعدم الراحة من الانتفاخ بالغازات الضارة، وكل هذا الإشكال يمكن حله إذا سيطر الإنسان على رغباته في تناول الغذاء الضار، والحقيقة أن ما يأكله الناس أكثر من احتياج الجسم، وهذا يؤدي إلى السمنة مع ما يتبع ذلك من احتمالات الجلطات في القلب والأرجل وتلف العظام والعضلات وبعض أعضاء الجهاز الحركي مثل الركب.

 

منهج‭ ‬شامل‭ ‬لتصنيف‭ ‬الشيخوخة

خلاصة‭.. ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬إجراء‭ ‬تجربة‭ ‬سريرية؟

من أجل إجراء تجربة سريرية لا بد أولًا من تشخيص المرض ووصف التدخل وإعطاء العلاج، وهناك حاجة إلى رمز تصنيف مرض مطابق، تم اعتماده على المستوى الوطني من التصنيف الدولي للأمراض التابع لمنظمة الصحة العالمية (ICD). مثل هذه التصنيفات والتدريج أساسيان لإدارة الرعاية الصحية بين الحكومات والهيئات الحكومية الدولية.

 

نحن نصف نهجًا منهجيًا وشاملًا لتصنيف شيخوخة الكائنات الحية والأمراض المرتبطة بالشيخوخة وتحديد مراحلها على مستوى الأعضاء والأنسجة من أجل توجيه السياسات والممارسات وتمكين التدخلات والتوجيهات السريرية والنظم والموارد والبنية التحتية المناسبة.