العدد 2735
الأحد 10 أبريل 2016
banner
لمـــاذا تتخوفــون مـــن كشف الذّمـة؟
الأحد 10 أبريل 2016



مرة أخرى يعود الحديث عن قانون الذّمة المالية بيد أن المفاجأة هذه المرة أن يعلن البعض من رؤساء الجمعيات السياسية أنّ القانون لا يعنيهم أو لا ينطبق عليهم. بيد أنّ إجابة المستشار سالم الكواري جاءت صريحة وقاطعة أنّ الخاضعين لكشوف الذّمة المالية وفقا للقانون هم من يديرون أعمال الجمعيات ولهم سلطة التوقيع على المستندات، ما يعني انّ رؤساء هذه الجمعيات السياسية بوصفهم الإدارة الفعلية لهذه الجمعيات وهم من يتعامل باسم الجمعية ويوقعون باسمها على المستندات يشملهم القانون.
إنّ قانون فحص الذمة المالية يعد إنجازاً حضاريا وهو ملزم لكل من يخضع لأحكامه بالكشف عن ذمته المالية إضافة الى زوجته وأولاده القصر. وطبقا لقانون الذّمة المالية المشار اليه فإنه لا يستثني أحدا من اعضاء السلطة التشريعية بغرفتيها النواب والشورى. وكان إيجابيا ان يستجيب الكثير منهم لكشف ذمته المالية غير أنّ هناك من يتهرب من القانون لأسباب غير مقبولة وغير منطقية. فالذين هم على هرم الجمعيات السياسية ونعني بهم من يتولون إدارتها كان عليهم ان يكونوا في طليعة المتقدمين لإجراء فحص الذمة المالية لا التهرب منها.
في العمل الديمقراطيّ لا يكفي أن نطالب الآخرين بالشفافية والديمقراطية لنكون كذلك بالفعل فإنّ الديمقراطية في ابسط مفاهيمها هو ان نكون اوّل المبادرين في تطبيقها وممارستها وإلاّ فانّ علينا الابتعاد. كان قانون الذمة المالية المعلن عنه قبل سنتين تقريبا واحدا من الإنجازات الديمقراطية التي لابدّ من أن تأخذ حيزها في تربة الواقع العمليّ.
 فأية مصداقية تتبقى لزعيم جميعة سياسية اذا كان اول من ينأى بنفسه عن الخضوع للقانون؟ كأن مثل هؤلاء السياسيين أرادوا إقناعنا انهم فوق القانون. إنّ الذي يدهشنا انهم لا يفوتون مناسبة إلاّ ودعواتهم دائما المناداة بتطبيق القانون، الذي يجب ان يكون مفهوما أن لا فرق بين قيادات الجمعيات وغيرهم كما ينص القانون.
 الفلسفة التي ينطوي عليها قانون الذمة المالية انها تمثل في نظرنا مواجهة آفة خطيرة تنخر في مؤسساتنا وهي الفساد. إنه يشكل تحديا امام السلطة التشريعية، لا مفر من التصدي له بكل اشكاله والقضاء عليه. وقانون الذّمة المالية لا يجب ان يفرّ منه اي احد ممن ينطبق عليه القانون كبيرا او صغيرا لكي نعزز ثقة الناس في مؤسساتنا وأجهزتنا من جهة ولوقف من تسول له نفسه العبث بأموال البلد من الجهة الأخرى.
 لم تعد المسألة وقفا على التلاعب بالمال العام وحده رغم اهميته البالغة بل المعنى ينصرف ايضا الى من يسيئون استخدام السلطة العامة وهم من مناصبهم ومواقعهم في المؤسسات عبر كل الاشكال لكسب المنافع والرشوات وغيرها، مما يعني في أحد وجوهه تعطيل مصالح الآخرين، الأمر الذي يعني هدرا في موارد الدولة.
 نعتقد انّه إزاء كل تلك الممارسات وغيرها التي بات أمرها مكشوفا كما رصدها تقرير الرقابة المالية على مدى سنوات عشر فإنّ قانون الذّمة المالية اضحى ضرورة ولا يجب التهاون حيال من يخرق القانون. وحيال هذه الفئة ممن تأكد تجاوزها القانون واللوائح الادارية فإنّنا نتمنى انفاذ القانون بحقهم حتى لا يظنّ احد انه خارج عن المحاسبة او انّ سيف الرقابة لن يطاله أو انه بمنأى عن المساءلة.
 ويتبقى أخيراً القول انّ اصدار قانون بأهمية الذمة المالية يعد بلا شك احد المكاسب النادرة المتحققة للمجلس التشريعيّ، بيد أنه في غياب التطبيق الصارم يظل ناقصا وبلا معنى.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .