العدد 2749
الأحد 24 أبريل 2016
banner
اليوم العالمي للكتاب
الأحد 24 أبريل 2016

في الثالث والعشرين من أبريل من كل عام تحتفل منظمة اليونسكو بالأمم المتحدة ودول العالم باليوم العالمي للكتاب، ففي هذا التاريخ من عام 1616م توفي كل من (ميغل دي سرفانتس، وليم شكسبير، إلاينكا غارسيلاسو لافيغا)، كما أنه يصادف ولادة عدد من الأدباء المرموقين مثل (موريس درويون، هالدور ك. لاكسنس، فلاديمير نابوكوف، وغيرهم). واختيار منظمة اليونسكو هذا التاريخ في مؤتمرها العام المنعقد في باريس عام 1995م يعتبر تقديرًا وثناءً جميلاً لهؤلاء والكثير من الكتاب وما أبدعته أقلامهم. ولأهمية الكتاب ودوره في تشكيل الثقافة العامة للإنسان. والهدف الأسمى من اختيار يوم للكتاب هو تشجيع القراءة، فالقراءة فن ومتعة وسلوك حضاري للإنسان، وبذلك تقول السيدة “إرينا بوكوفا” المديرة العامة لمنظمة اليونسكو في رسالتها لعام 2014م (وهدفنا واضح في كل هذه الجهود، ألا وهو تشجيع المؤلفين والفنانين على ضمان انتفاع المزيد من النساء والرجال بالقرائية والأشكال التي يتاح الانتفاع بها بطريقة ميسرة، لأن الكتب تمثل أقوى ما لدينا من أدوات للقضاء على الفقر وبناء السلام).
وإذا كانت منظمة اليونسكو تحتفي بالأدباء غير العرب فنحن لدينا أحداث ثقافية جللها السواد، كيوم اجتياح التتار ديارنا العربية في سنة 1258م فأحرقت ودمرت جيوشهم دور الكتب العربية وألقت بإنتاجها الثقافي والعلمي والمعرفي النفيس في الأنهار، وكيوم إحراق مكتبة الإسكندرية، وكيوم إحراق كتب ابن رشد، وكيوم إحراق أبوحيان التوحيدي كتبه، وأيام ولادة ووفاة عدد كبير لا يُحصى من الأدباء والمفكرين والعلماء العرب في كل العصور. إن الاحتفال بيوم الكتاب العالمي فرصة ثقافية وإنسانية لاكتشاف عالم الكتاب بجوانبه المتعددة، وتقديره حق قدره، ويوم لتذكير القانون بحماية حقوق المؤلفين، وتقديره إبداعاتهم المتنوعة. وتقديرًا وعرفانًا لجهود المؤلفين التي بذلوها في شتى العلوم والمعرفة والثقافة في العالم أجمع، وإلى أولئك الذين خلفوا للعالم آثارًا قيَّمة من المؤلفات ذات الشهرة الواسعة، وخزائنهم العامرة بأمهات الكتب، وتشجيعًا لمتعة القراءة بين مختلف الأجيال والأعمار. واليوم يواجه الكتاب تحديًا كبيرًا، يتمثل بالتطور التكنولوجي والقراءة على الحواسيب المحمولة عن طريق الانترنت وعلى أجهزة الهواتف النقالة، ولكن الكتاب يقف متحديًا التكنولوجيا العصرية مع ما تحوي قيمته ومحتواه العلمي أو الثقافي أو السياسي أو التاريخي أو الأدبي وغيرها من العناوين التي تجعله المصدر الأول بل الأفضل الذي نحصل على المعلومات منه، فلا شيء يُضاهي الكتاب، فقراءة ما يحتويه الكتاب متعة كبيرة، ومنه نتعلم كيف نعيش، ومنه نتعرف ما حولنا من التطورات في حياتنا، فقراءة الكتب تنمي عقولنا وتقوي شخصيتنا، وتكسبنا مهارة التخاطب بلغة حضارية وجميلة، وبذلك يكون الإنسان أكثر ثقافة في تلقيه المعلومات ومعرفته التطورات، وتكسبه حصيلة لغوية تصقل من قدرته على النقاش مع الآخرين في العديد من الموضوعات وبشكل أفضل، لأن القراءة تثريه بالكثير من المفردات والعبارات، بجانب أن القراءة تكسب الإنسان العديد من الخبرات والمهارات المتنوعة. ومن جملة فوائد الكتب أنها تملأ فراغ الإنسان لتجعل من أوقاته أكثر فائدة، فتوسع من آفاقه ومداركه وقدراته.
قال “غيلبرتهايت” (الكتب ليست أكواما من الورق الميت، إنها عقول تعيش على الأرفف)، لذلك هناك فرق بين ثقافة رغبة شراء الكتب وثقافة قراءة الكتب، فمن لا يتقن الثانية لا يتقن الأولى، فالكتب ليست سلعة تعرض للبيع والشراء بقدر ما هي وعاء ثقافي إنساني يغرف منها الإنسان الكثير من المعلومات المُفيدة. بجانب أن القراءة عمومًا حثت عليها جميع الأديان السماوية والوضعية والمذاهب الاجتماعية، وفي عصرنا تستخدم القراءة كوسيلة لعلاج الأمراض النفسية والاجتماعية. فقياس ثقافة الفرد بقدر ما يقرأ، وقياس تقدم المجتمعات بقدر ما تنتج من الكتب وبقدر ما تقرأ شعوبها. وتشير إحصائية منظمة اليونسكو الى أن (المواطن العربي يقرأ ما مُعدله أقل من كتاب في السنة، فيما يقرأ المواطن الأوروبي معدل 35 كتابا في السنة). فالأمة التي تقرأ تتقدم وتقود الأمم الأخرى، لأن الثقافة والمعرفة تكون نتاج القراءة. واستطاعت الأمة العربية أن تقود الأمم في زمن من الأزمان بفضل ما أنتجته من العلوم وما ألفته من الكتب التي مازال إلى الآن يُدرس بعضها في الجامعات الأوروبية. وبعد أن تركت هذه الأمة العلم والقراءة والكتب تراجعت حيث تقدم الآخرون.
ومنذُ أيام قليلة أسدلت هيئة الثقافة والآثار في مملكة البحرين الستار على الدورة (17) من معرض البحرين الدولي للكتاب، الذي لاقى استحسان من حضره من الأنفس الكثيرة، فقد أحسنت الهيئة استضافة الكتاب وأجلت قدره حين اختارت مكان عرضه. وصدق المتنبي حين قال:
أَعَزُّ مَكانٍ في الدُنَى سَرجُ سابِحٍ... وخَيرُ جَليسٍ في الزَمانِ كتـــــابُ.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .