العدد 2751
الثلاثاء 26 أبريل 2016
banner
هــل منظمـــة داعـــش إســلاميــــة؟
الثلاثاء 26 أبريل 2016

نتساءل والكل يتساءل هل “منظمة داعش الإرهابية” إسلامية؟ أو أن لها دينا سماويا أو دنيويا؟ هذه المنظمة التي جاءت من رحم الإرهاب الغربي ونشرت بذور الإرهاب في الشرق الأوسط وأوروبا كيف يكون لها دين وهي تمارس البطش بأرواح الناس؟ والعبث في مقدرات البلدان؟ وهل ما تمارسه داعش هو من الممارسات الإسلامية أو الدينية السماوية أو الدنيوية؟ من الملاحظ أن أشكال عناصر داعش تشبه القراصنة القتلة السارقين، ورايتهم سوداء وليست من رايات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم،  وأسلحتهم من مغانم القرصنة على الدول ومستودعات أسلحتها، وعناصرهم من المأجورين والمرتزقة والمطلوبين أمنيًا في الكثير من الدول، وليست في أجندتهم القيم الإنسانية والمبادئ الدينية، وولي نعمتهم الشيطان ومن يدفع لهم لتنفيذ أجندتهم الإرهابية.
الأديان السماوية وكذلك الدنيوية أديان تحمل الكثير من المبادئ الدينية والقيم الإنسانية، فهي أديان تسامح وحرية وسلام، وهناك الكثير من النصوص الدينية في كتب هذه الأديان تؤكد النهج الإيماني والإنساني لهذه الأديان وإن اختلفت طرق التعبد بها. إلا أن منظمة داعش لا تنتمي إلى هذه الأديان ولا إلى مذاهبها، وما عناصرها إلا مجموعة من المنحرفين، ومرضى بأمراض غير بشرية، وكل فعل يقومون به يلصقونه بالإسلام، فأحلوا بمعتقدهم المُنحرف عن الحق قتل الناس بجميع فئاتهم، وسرقة ممتلكاتهم، وأسر من يغزونهم ويقتلون أسراهم أو يحرقونهم أو يدفنونهم وهم أحياء بدون ذنب، ويَسْبُون النساء ويحلون مواقعة المُسترقات، ويبيعونهن في الأسواق، وتحرق الديار وتدمر الآثار، لا تقول إلا برأيها ولا تؤمن برأي غيرها الذي تعتبره رأيًا كافرًا وخارجًا على الدين. فهل هذه ممارسات إسلامية أو دينية؟
لقد كان للدين الإسلامي دور كبير في بناء الحضارة الإسلامية التي ربطت بين الشرق والغرب، وهي تربي الإنسان على القيم والمبادئ الإنسانية الحقة، وتأمره بالعدل والإحسان، واحترام الآراء والاعتراف بالآخر، والإيمان بجميع الكتب السماوية المُقدسة، وتأمره بأن يكون مُستعدًا بالقدرة والقوة دفاعًا عن عقيدته وعرضه وأرضه، وأن لا يعتدي على الآخرين بما فيهم الحيوانات والشجر والحجر، بل يعمل على حمايتهم وتوفير الأمان لهم، وحرمت الاعتداء على العُزل من الرجال والنساء والعجزة والأطفال والرضع، ومنعت هتك الحيوانات بدون سبب. لكن هذه المنظمة الفاسقة الممتنعة عن الحق تقول للناس الذين تشتريهم (بِع ما تملك واشتر سلاحًا وسِر من خلفي واتبع نهجي وافعل ما أفعل). وهي منظمة تعتبر كل من يقع تحت يديها وسطوتها عبيدًا، ولو كانوا يعلمون أن زمن العبيد ولى إلا عبادة الكائنات لخالقها العلي القدير. إنها منظمة جاءت من أجل إخراج الإنسان من عصر التنوير والنهضة إلى عصر الظُلمات، ومن عصر الانفتاح العقلي إلى الضمور الفكري، ومن عصر التواصل مع الآخر إلى قتل الآخر وإقصائه وتكفيره واستباحة دمه بدون وجه حق.
ومِن العار أن نقول إن داعش تمثل الإسلام أو لها علاقة بالإسلام؛ فعناصرها إجرامية خرجت من رحم الكانتونات التي تلغي وجود الإنسان، وتلغي التفكير بالعقل، وتستند إلى مرجعية الإبادة في علاقتها مع الآخر، وتعتقد هذه المنظمة وعناصرها بأن توجهها يعكس حقيقة الدين، ويعتقدون بأنهم عين الله على الأرض وورثة بشرها، وكل من لا يتبع طريقهم يعتبرونه إما كافرًا أو منافقا أو فاسقا، ويستوجب قتلهم جميعا. عصابة لا ترغب بإرشاد الناس للخير والحق بل السيطرة عليهم وتدميرهم، ويعتبرون كل مَن يخرج عن قانونهم مُسيئًا لله وتجب مقاومته ومحاربته وقتله وسبي حرماته والاستيلاء على مملكاته.
لقد كان لمنظمة داعش أثر سلبي سياسي واقتصادي واجتماعي وجغرافي وديني كبير على الأرض من بشر وحجر، إذ خطرها فاق خطر الصهيونية العالمية، والشعور بهذا الخطر جعل من الأقطار العربية وخصوصا أقطار الخليج العربي تعمل على توحيد جهودها الوطنية والقومية للتصدي له. واتحاد أقطار الخليج العربي في دولة عربية متحدة واحدة واجتثاث الخلافات البينية تحصنهم وتحقق لهم المنعة ضد هذا الخطر السرطاني الأسود. وكان التحالف العربي والإسلامي بقيادة المملكة العربية السعودية بمثابة تشكيل القوة الضاربة لإرهاب منظمة داعش وأخواتها بعد سيطرتها على ثلث العراق وسوريا، وهذا التواجد الكثيف يتطلب الرد الجماعي لا العمل الفردي المجزأ. لذا على جميع الأقطار العربية والإسلامية أن تلتحم في خندق واحد من أجل التصدي إلى منظمة داعش الإرهابية واجتثاثها من الوجود، فهي لا تنتمي إلى إنساننا وإلى حاضرنا ولا إلى ديننا الإسلامي، فهي منظمة إرهابية وليست دولة إسلامية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية