العدد 2762
السبت 07 مايو 2016
banner
المتقاعدون من ينصفهم؟
السبت 07 مايو 2016

لا أحد يعلم على وجه التحديد ما الذّي تحمله الأيام أو الأشهر القادمة للموظفين من مفاجآت. بيد أنّ الذي أصبح شبه مؤكد أنّ تعديلات قادمة ستطبق على قانون التقاعد لا تصب في صالحهم. إذا كانت هناك أزمات قد حلت بالاقتصاد العالمي وألقت ظلالها القاتمة على الأوضاع الداخلية فمن الظلم الفادح أن يتحملها المتقاعدون. الأزمة المذكورة أرجعتنا سنوات الى الوراء، ففي حين كان المتقاعدون يتطلعون الى تحسين أوضاعهم المعيشية البائسة تجيء الإجراءات المتوقعة لتزيد همومهم وآلامهم وأعباءهم.
 إنّ المصلحة الوطنية تقتضي ألاّ نرهق المتقاعد فوق إرهاقه بالأعباء الجديدة. مثل هذا التفكير يجب ألاّ يمر على المجلس النيابيّ. ما يتردد بين الاغلبية انّ اجراءات قادمة تطال سن التقاعد الى الستين عاما. وهنا نوجه تساؤلات الى المسؤولين اهمها في نظرنا هل فكروا في العواقب التي من الممكن ان تنشأ لو تم تطبيقه؟ هل تنبهوا الى ما سيطرأ على مستوى الانتاجية لمن تجاوزت اعمارهم الستين عاما؟ وباللأخص العاملون في سلك التدريس؟ ولعل الجميع يدرك ما تعانيه هذه الفئة من ارهاق وتعب وإحباط. ناهيك عن انّ التعديلات سترفع من نسبة البطالة بين الشباب خريجي الجامعات تحديدا. لو قدر للقرار ان يأخذ مداه في الواقع فإنّ أعداد العاطلين ستتضاعف عدة مرات وهذه نتيجة منطقية لاستمرار الموظفين في مناصبهم. فضلا عما سيتركه الأمر من آثار على الوضع الأسري للعاطلين، ناهيك عما يخلفه من مآسٍ لا حصر لها على الوضع الاجتماعي العام.
 لعل الأمر الآخر الذي ربما لم يلتفت له المخططون لرفع سن التقاعد هو لو تحول القرار الى التطبيق فإنّنا سنلحظ بكل تأكيد غياب الإبداع والتجديد من كل المؤسسات والهيئات المشمولة بالقرار. اما ما يزعمه البعض من انّ رفع السن الى ما بعد الستين للموظف أنه سيتيح له وضعا وظيفيا افضل وبالنسبة للمؤسسة فإنه سيحقق لها الاستفادة من خبرة موظفيها. ربما يكون هذا المنطق صحيحا لو كان هناك نظام للمؤسسة او الهيئة يتيح لهؤلاء الفرص للترقيّ، أما ان يظلّ الموظف في الوظيفة ذاتها لسنوات مجمدا فإنّه سيبقى محروما من الامتيازات او الزيادات المزعومة. قد يبدو مفهوما أمر الاستفادة من خبرات بعض المتخصصين وفي التخصصات النادرة لكن ان يشمل القرار جميع العاملين فهذا ما لا يمكن أن يتفق عليه احد.
أما الذين يضعون المقارنة مع الدول الاخرى وبالاخص الخليجية فإنهم يغفلون الظروف بين كل دولة وأخرى وما يتحصله الاشقاء الخليجيون من علاوات ورواتب ليس موضع مقارنة في الأصل. الاغلبية الساحقة من الموظفين يتطلعون الى بلوغ سن التقاعد بعد عناء الارتباط بالوظيفة لعقود. وبودنا الإشارة الى مسألة معدل عمر الرجل وهو 74 عاما والمقترح لسن للتقاعد هو 65 عاما، فالسنوات المتبقية له لا تتجاوز بضع سنوات ناهيك عما يكتنف هذه السن من آلام وأعباء صحية. اما في اوروبا فإنّ معدل الاعمار تتراوح بين الثمانين والتسعين فالمتقاعد في الستين او الرابعة والستين وضعه الصحي افضل ولديه متسع من السنوات ليخلد للراحة.
نعتقد أنّ القضية برمتها الآن لدى الإخوة أعضاء المجلس النيابيّ، المطلوب منهم ألاّ تمر المقترحات او التعديلات دون التأني في دراستها. ولعل ما يبعث الطمأنينة في نفوسنا انّ بعض الأعضاء اعتبروا انّ رفع سنّ التقاعد يحمل ابعادا سلبية على المجتمع، بل جاء تأكيد فئة من هؤلاء انّ التوجهات هي بخلاف ما تم التوافق بشأنه بين النواب والحكومة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .