العدد 2764
الإثنين 09 مايو 2016
banner
أحكم هذا البلد أو أحرقه إلى الأبد
الإثنين 09 مايو 2016

القتل المستمر للشعب السوري والمجازر التي ينفذها النظام الحاكم في سوريا منذ عام 2011م تذكرنا بمجزرة حماة التي شنها الرئيس السوري الراحل “حافظ الأسد” والد الرئيس السوري الحالي في الثاني من فبراير من عام 1982م والتي استمرت لمدة (27) يومًا وأدت بحياة عشرات الآلاف من أهالي مدينة حماة وذلك بعد تطويقها وقصفها بالمدفعية ومن ثم اجتياحها عسكريًا، وقادها حينها العقيد “رفعت الأسد” شقيق الرئيس السوري الراحل وعم الرئيس الحالي.
وبعد (34) عامًا تتجدد المجازر في سوريا ليس في حماة فقط بل في جميع الأراضي السورية منذُ عام 2011م، ومجزرة حلب التي مازالت دماؤها وجثث ضحاياها ساخنة ليست هي الأولى بحق الشعب السوري التي تستهدف المدنيين العزل في أماكن إقامتهم. ونتذكر من هذه المجازر (أولها مجزرة حماة 2011م، حمورية 2011م، الغوطة الشرقية ومدينة زملكا وبلدة عين ترما ومدينة المعضمية بالغوطة الغربية 2013م، جديدة الفضل 2013م، داريا 2012م، الحولة بحمص 2012م، القبير 2012م، مجازر نهر حلب والبيضاء 2013م) بالإضافة إلى العديد من المجازر في قرية رام العنز والغجرية بحمص وفي قرية كرم الزيتون وفي قرية تفتاز بأدلب، إعدامات الجنود السوريين بعد معركة معرة النعمان في عام 2012م وغيرها الكثير من المجازر التي نفى الرئيس الأسد مسؤوليته بارتكابها واستنكرتها دول العالم ورؤساؤها وحكوماتها وشعوبها والمنظمات الدولية والإقليمية والإنسانية، وراح ضحيتها مئات الآلاف من الضحايا المدنيين والعسكريين المطالبين بحقوقهم الوطنية والإنسانية والدينية. ووثقت هذه المجازر كجرائم حرب ضد الرئيس السوري وأعوانه من المسؤولين السوريين وحلفائه الإقليميين. ويتشارك النظام الإيراني بحرسه الثوري وحزب الله اللبناني ولواء أبوالفضل العباس العراقي واللواء الفاطمي الأفغاني في هذه المجازر التي يَندى لها الجبين الإنساني، بجانب تدخل سلاح الجو الروسي الذي بدأ توجيه ضرباته الجوية في الأراضي السورية بتاريخ 30 سبتمبر 2015م ومازال مستمرًا حتى تاريخه.
 إن مطالبة أكثرية دول العالم وشعوبها ومنظماتها بعدم مشاركة الرئيس الأسد في أي مستقبل في سوريا مرجعه أن هذا الرئيس مازال يتلذذ في قتل أبناء الشعب السوري وهو يتحمل المسؤولية الأولى فيما حصل لسوريا من دمار إنساني وبنائي ويتحمل مسؤولية ما حصل للاجئين السوريين الذين تستضيفهم الدول الأوروبية، علمًا أن النظام الإيراني والصيني أسقطا مشروعًا سعوديًا في مجلس الأمن في عام 2012م يُطالب بتنحي الرئيس السوري. وبعد يوم واحد من بدء الهدنة المؤقتة الأخيرة التي خرقها الرئيس الأسد بعث برقية لحليفه ومُنقذه الرئيس الروسي قال فيها (إن جيشه لن يقبل بما هو أقل من نيل انتصار نهائي وسحق الاعتداء من المعارضة في حلب). وفي برقية بعثها الرئيس الروسي للرئيس الأسد بمناسبة العيد الوطني لسوريا “عيد الجلاء” في 18 أبريل 2016م أكد فيها (عزم بلاده مواصلة تقديم المساعدة الفاعلة للحكومة السورية في محاربتها الإرهاب) وفي تصريح سابق للرئيس الروسي قال فيه (إن كل من يحمل السلاح ضد الحكومة السورية هو إرهابي). ماذا يريد الرئيس الأسد من حربه الظالمة على شعبه؟ ماذا يُريد أن يُحقق؟ التقدم أم الديمقراطية؟ وهل تتقدم الأمم والدول بالحرب والتدمير؟ وهل الديمقراطية تمثل نعيم العيش؟ ليست تلك ولا هذه يُريدها؛ بل لأن هذه العائلة العلوية التي تحكمت في مقدرات سوريا وشعبها منذ عام 1971م واستمرت في الحُكم لتاريخه بفضل النظام العنفي الأمني حتى وصلت إلى الهاوية، فحرب الرئيس الأسد هي المحاولة الأخيرة لإنقاذ حُكم عائلته المثخن بالفساد والطائفية والجرائم. ومن أجل أن يستمر حُكم هذه العائلة ووفقًا لنظريتها المُدمرة فإن من الشرعية أن يُقتل من لا يؤمن بنهجها، ومَن يعترض على أسلوب حُكمها فإنه يُقتل ومن معه، وتدمر مساكنه وتحرق حقوله. ثقافة جرائم العائلة العلوية تتمحور تحت شعار (سفك الدماء عندها عادة، وهلاك السوريين من أجل بقائها سعادة).
وهذه العائلة ليس في ديدنها التسامح ولا تؤمن بالعفو عند المقدرة بل الدم والقتل والفتك هو مستوى التعامل لديها مع الآخر المختلف، لأن رأي حاكمها هو الأصح والآخر خاطئ، والخاطئ لديها يكون في حالة ضد، وعليها أن تنظف حاكميتها من كل أشكال الضد.
الرئيس بشار الأسد سليل عائلة اعتلت عرشها السوري بالدم والقتل، وعاش والده رئيسًا ثلاثين عامًا بفضل هذا النهج، ووريثه لا يختلف عنه في النهج بثوبه الأحمر، رافضًا تغييره نظريًا ومهنيًا، ويريد من الشعب السوري أن يَدخل ضمن المواطنة العلوية السورية راغبًا أو كارهًا. وهي مواطنة عنصرية طائفية أثبت الشعب السوري فشلها المجتمعي ورفضها، لهذا كانت الثورة السورية، ثورة من أجل التحرر من العائلة العلوية الحاكمة، ومن أجل تحقيق الدولة العربية السورية ذات الملامح القومية العربية بنهجها الديمقراطي، ثورة في وجه مَن أراد أن يبقى في عرشه على جماجم شعبه.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .