العدد 2766
الأربعاء 11 مايو 2016
banner
قرار حكيم
الأربعاء 11 مايو 2016

أيام عصيبة عاشها المواطنون على مدى الأيام الفائتة. تحولت أعصابهم فيها إلى رماد جرّاء ما تسرب من أنباء تطال ليس مستقبلهم فحسب، بل حتى مستقبل عوائلهم.
كان اليأس مطبقا على النفوس والإشاعات تنطلق من الاتجاهات كافة منذرة بأيام مظلمة. وكانت الأنظار تهفو إلى ما يبدد ما أخذ يملأ الفضاء بخبر يقين. ولم يكن الانتظار طويلاً، إذ في وسط هذه العتمة السادرة يستبشر المواطنون خيرا بقرار من رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة يبعث الطمأنينة في نفوسهم ويشيع الفرحة.. كان القرار صريحا بأن لا مساس بمستحقات المواطنين.
 كنا نترقب أن يهب السادة نوابنا الأفاضل بما يهدئ النفوس القلقة، إلاّ أنّ مواقفهم للأسف كانت صادمة. وانتظرنا منهم أن يخرجوا علينا بما يشيع الأمل إلاّ أنهم كانوا في الواقع ليسوا أفضل حالا منّا..
وأخيرا انتظرنا منهم بوصفهم من يمثلونا في مثل هذه المواقف العصيبة إلا أن المحزن أنّهم واجهونا بالصمت المطبق. طبعا كان موقفهم هذا كمواقفهم السابقة خيبة أمل كبيرة. أحدهم قال لي: لا تنتظر من المجلس أن يبادر ولو بسؤال لمن بيدهم القرار أو حتى بموقف؛ ذلك أننا تعودنا منهم التهرّب من المواجهة.
 كنت قد حذرت كما حذّر الأخوة الكتّاب من العواقب بالغة الخطورة فيما لو تم بالفعل حرمان الموظف من حقوقه؛ ذلك أنّ آثاره لا تنحسب عليه وحده بل إنها ستطال حتى أبناءه الذين هم في أمس الحاجة إليها. ولو أنه بالفعل تم إلغاء المكافاة التي هي حقٌ للموظف يمثل في نظرنا ظلما وسلبا لأحد حقوقه مما دأب على تحصيلها طوال سنوات وظيفته.
الآن وقد اطمأن الموظفون حول مسألة حقوقهم بعد القرار الحاسم من سمو رئيس الوزراء حول مستحقاتهم، بيْد أن هواجس تنتابهم إزاء مسألة السن التقاعدي الذي يعد بكل المقاييس كارثة لو قٌدّر له أن يتحول إلى واقع. وكانت مخاوفنا تنطلق من أنّ للموظف طاقة على العطاء تأخذ في الانخفاض مع تقدم العمر. فمثلا: المعلمون ونظرا للصعوبة التي تكتنف عملية التعليم فإنّ العطاء ينخفض بعد سن الأربعين.
 أما ما يشاع من أنّ هناك عجزا اكتواريا فقد اتضح لدى أعضاء المجلس النيابيّ أنّه ليس أكثر من أكذوبة أطلقت لتمرير ما يراد من إجراءات لسلب الموظف حقوقه. وكنا نتمنى لو أنّ أجريت تحقيقات نزيهة من قبل لجان محايدة حول هذه المسألة التي أصبحت كالبُعبع أمام الموظفين.
 ثمة اعتبارات عدة لابدّ من التوقف حيالها قبل تطبيق السن التقاعدي المقترح وهو كما مقدر له 65 عاما أشرنا إلى بعضها سابقا ولا بأس من التذكير بها كونها تشكل عناصر أساسية قبل الأقدام على الأخذ بها، أهمها قضية أعداد العاطلين بأرقامها المفزعة الآخذة في التضخم. فلا يجب التقليل منها كونها تحولت إلى إحدى القضايا الباعثة على القلق لدى صناع القرار. فإذا كان سن التقاعد المطبق حاليا هو الخامسة والخمسين والأعداد في تزايد فهل نتصور حجم المعضلة إذا بقي الموظفون إلى سن الخامسة والستين؟

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية