العدد 2788
الخميس 02 يونيو 2016
banner
شباب ضد التطرف
الخميس 02 يونيو 2016

تحت رعاية كريمة من سمو الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية رئيس مجلس أمناء مركز عيسى الثقافي، وبحضور الدكتور الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة نائب رئيس مجلس الأمناء ـ المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي، نظم المركز مؤتمر (شباب ضد التطرف) بمركز عيسى الثقافي وبمشاركة عدد من المؤسسات التربوية والتعليمية والعسكرية في مملكة البحرين.
وتطرقت مجموعة البحوث التي قدمها الباحثون من الطلاب المنتسبين للمؤسسات التربوية والتعليمية والعسكرية في البحرين خلال يومي المؤتمر وبإجمالي (18) ورقة بحثية باللغتين العربية والإنجليزية إلى مفهوم التطرف والعنف والإرهاب من عدة أبعاد سياسية وفكرية واقتصادية وإعلامية وقانونية، وناقشت تداعياته السلبية على المجتمع وأفراده وخصوصا الشباب، وتحدثت الأوراق عن كيفية التصدي له وطرق الوقاية منه. ودعوا جميعًا إلى تضافر المجتمع من مؤسسات رسمية وأهلية وأفراد من أجل العمل على تنمية الوعي الاجتماعي والوطني وخلق ثقافة وطنية تكافح الإرهاب والعنف الذي لا يتفق مع تعاليم الديانات السماوية والوضعية، ولا يتفق مع مبادئ حقوق الإنسان، ولا مع نصوص المواثيق والعهود الإنسانية التي أصدرتها دول العالم والمنظمات الدولية.
لماذا تم اختيار هذا العنوان لهذا المؤتمر؟ ولماذا الشباب بالذات؟ جاء اختيار العنوان لترجمة أهداف ومبادئ مركز عيسى الثقافي المتمثلة بإيمانه بدوره الوطني في مناقشة العديد من القضايا المجتمعية التي يُعاني منها المجتمع البحريني، ومشاركته في وضع الحلول الناجعة لها، ومن بينها “قضايا الشباب” والتحديات التي تواجههم. واختار المركز شعاره لعام 2016م “شباب ضد التطرف”، بعد أن أضحى التطرف من الظواهر التي بدأت في الانتشار في مجتمعنا العربي والعالمي، وأصبح الشباب اليوم الضحية الأولى لهذا التطرف ومنظماته التي تستخدم الشباب كأداة وآلية لتنفيذ أجنداتها، كونهم الفئة الأكثر أهمية وانتشارًا، ويسهل الوصول إليها بسهولة بواسطة الأفكار المتطرفة، ومن ثم يتم توجيه الشباب بحسب مخططات تلك التنظيمات السوداء. وأخطأ الغرب كثيرًا حينما لصق الإرهاب بالدين الإسلامي أو بالأقطار العربية، فالتطرف الفكري والديني لا يرتبط ببيئة معينة أو مجتمع معين أو بدين ومذهب معين، فجميع الديانات السماوية والدنيوية تحارب التطرف وتحث أتباعها على التمسك بقيم التسامح وبمبادئ التعايش مع الآخر وتقبله فكرًا ودينًا ومذهبًا.
وتم اختيار فئة الشباب للتحدث عن التطرف، وتم إجلاء الحقائق حول هذا المفهوم لتبيان ما يقع على الشباب من دور فاعل ومؤثر في مكافحة التطرف الذي أصبحت له تجمعات وتكتلات وأفراد ينتمون إليه، أفراد مدججون بأسلحة العداء والكراهية لكل مَن يُخالفهم في الرأي والفكر والعقيدة والمذهب؛ والشباب هم الجيل المتقد عقلاً وصحة ونشاطًا، ويستطيعون تحمل العبء الأكبر في مكافحة التطرف. وبما أن الشباب هم الفئة الأكثر استهدافًا للتطرف الفكري والديني فإن دورهم يتعاظم في مكافحته والتصدي له واجتثاثه، وذلك من خلال مجموعة من الممارسات، نذكر منها: المعرفة الصحيحة بمرامي التطرف التي يتم تغليفها بأغلفة الخير والإنسانية والدين والجنة. التيقن من الفهم الصحيح للدين الإسلامي وأحكامه الشرعية، وعدم الوقوع في مخالب من يتاجرون بالدين وبأهله. الابتعاد عن الدعوات التي تأتي من الجماعات المتطرفة ومما يُطلق عليها (الجهادية)، وعلى الشباب أن يدركوا أن جميع الأديان السماوية والدنيوية لا تدعو إلى القتل وترويع الآمنين، وتنهى عن الأعمال التخريبية. الاطلاع على مختلف أنواع العلوم النافعة، والمشاركة في ورش ودورات تدريبية لتنمية القدرات والمهارات، والمشاركة في الأعمال التطوعية التي تفيد المجتمع وأفراده.
وتتحمل الأسرة والتعليم والإعلام ومؤسسات المجتمع المدني دورًا فاعلاً وأساسيًا في توجيه الشباب نحو الوجهة الصحيحة لمكافحة التطرف والعنف والإرهاب، فالأسرة التي تعتني بتربية أبنائها وتوفير التعليم الهادف والمبدع الخلاق، والإعلام الإيجابي الذي يوفر حرية الرأي والتفكير ويُبعد شبابنا عن القنوات الفضائية الطائفية المثيرة للفتن، ومؤسسات المجتمع المدني الواعية لدورها في تطوير قدرات الفرد المجتمعية، هي جميعها تساهم في بناء الشباب الرشيد والحكيم، وتبعده عن طريق أولئك المجرمين الذين يتخذون من الدين جسرًا للإرهاب، والجميع مسؤول عن توجيه الشباب نحو الدين الصحيح، والتفريق بينه وبين مظاهر التدين، وإيصال الصورة الصحيحة للدين المحمدي لشبابنا.
إن الشباب هم أغلى ثروة قومية في حياة أي مجتمع، فهم بُناة الحاضر وصناع المستقبل، وأحسن مركز عيسى الثقافي اختيار شعاره لعام 2016م، فهذا المؤتمر وعنوانه هو بمثابة رسالة من الشباب المشاركين إلى شباب مجتمعهم البحريني والعربي والعالمي، رسالة تؤكد أن الإرهاب طريقه مظلم ومليء بالفخاخ والأوجاع، على شبابنا أن لا يقعوا فريسة لأولئك المتاجرين بالدين، وعدم تصديق الذين يدعون إدخال المجاهدين الهالكين إلى الجنة. فشبابنا بعلمه وإبداعاته وقدراته قادر بإذن الله تعالى على مكافحة هذا الطاعون الأسود “التطرف” لأن الشباب يحمل في عقله مخزونا من مختلف العلوم المُتفتحة النافعة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية