العدد 2797
السبت 11 يونيو 2016
banner
تحديث الخطاب أولاً
السبت 11 يونيو 2016

الملاحظ في شهر رمضان أنّ الأغلبية الساحقة تنحو إلى تطبيق سطحي للشعائر الإسلامية وتمارس الطقوس لكن دون النفاذ إلى مدلولاتها ومقاصدها. فالمعروف أنّ شهر رمضان هو شهر التقرب الى الله بالعبادات والطاعات وفعل الخيرات لكنّ المشاهد على صعيد الواقع هو النقيض تماما وبدرجة أشد لدى شريحة الشباب. فالنسبة الأكبر منهم نراها تقضي اوقاتها في الأسواق، وآخرون في مقاهي الشيشة وهذه تستهلك الشطر الأكبر من اوقاتهم، فالكثيرون يجلسون في المقاهي لأربع ساعات، أما في شهر رمضان فتمتد حتى قبيل أذان الفجر بقليل، والشطر الأعظم منهم في الخيم الرمضانية. أحدهم عبّر قائلاً “الحقيقة انّني أندهش من انصراف كل هذه الأعداد عن فرائض الشهر الكريم الى النزول للمجمعات، وقد تحولت الى عادة شبه يومية. أما الادهى هو ما تقدم عليه فئة منهم من حركات الاستعراض الغريبة عن عاداتنا”.
 هناك من يرى انّ السر الكامن وراء ممارسات الشباب الخرقاء والطائشة الفتيات أنفسهنّ، وأنه يستحيل على اي شاب التعرض لأية فتاة لولا انه رأى تصرفات منها كالمبالغة في لبس العباءات الضيقة والغريبة الأشكال وتبادل النظرات وهذه بلا شك تدفع بعض الشباب الى الاقدام على تصرفات غير لائقة. آخرون يبررون تجمعاتهم بعدم وجود اماكن خاصة بهم لكي يترددوا عليها، كما قال أحد الشباب “إننا نذهب الى مقاهي الشيشة بالتحديد لأننا سئمنا جلسة البيت ولكسر الروتين. ولأنها اصبحت المتنفس الوحيد لنا، ولأنّ المقاهي توفر كل ما يبعث على المتعة من قنوات رياضية وغيرها. صراحة إننا لا نعرف اين نقضي اوقاتنا وتبقى الأسواق ملاذنا الأول والأخير نظرا لما توفره من جاذبية لا تتوفر خارجها!
ومن البديهي أن الظاهرة المشار اليها تبعث على العديد من الاسئلة من قبيل على من تقع المسؤولية؟ هل على الآباء في عدم تذكيرهم أبناءهم بعظمة الشهر الفضيل؟ أم أنّ المسؤولية يتحملها رجال الدين في كون خطاباتهم الدينية لا تلامس أفئدة الشباب؟ إنّ لغة الخطاب اضحت منفرة للاغلبية من الوعاظ وقلّة منهم استطاعت النفاذ الى نفوسهم أما السبب فإنه يتلخص في اسلوب الخطاب المعاصر، طبقا لما اشار اليه احد الحكماء بقوله المأثور “لا تقسروا أبناءكم على أخلاقكم.. فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم”، إنّ المعنى الذّي ترمي اليه الحكمة السالفة أنّه لابدّ أن تساير التربية العصر. فما كان صالحا لمرحلة فإنه بالضرورة قد لا يتماشى مع فترة زمنية أخرى.
إنّ الأغلبية اليوم من آباء ومربين تغفل قاعدة تربوية في كلمات قصيرة بالغة الأهمية كنا قد استمعنا اليها صغارا موجهة للآباء ونصها كالتالي “لاعبوا ابناءكم سبعا وعلموهم سبعا وصاحبوهم سبعا”، الضرورة  تأديب الناشئة منذ نعومة اظفارهم حتى السابعة ثم اصطحابهم حتى سن الرابعة عشرة. ودور الآباء هنا هو تذكير ابنائهم بعظمة الشهر الفضيل والحث على فعل الخيرات وتشجيعهم بصحبهم الى المسجد وتعزيز سلوكياتهم بالثناء.
 ورغم ما تمت الاشارة اليه فإنّ الصورة ليست قاتمة كما يتخيّل البعض. فإننا نجد في الكثيرين من الشباب الأمل. فقط نتمنى ان تنهض كل مؤسسة بالأدوار المنوطة بها كالمدرسة والمسجد والأسرة وغيرها والأهم أن تعمل على تحديث وسائلها التربوية لتكون قادرة على الجذب والتوجيه.     

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية