العدد 2799
الإثنين 13 يونيو 2016
banner
مجالس رمضان
الإثنين 13 يونيو 2016

 بعد نهار طويل من الصيام “تقبله الله منا جميعًا” يلتقي مساءً أكثر المواطنين في الكثير من المجالس التي تفتح أكثرها بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك. في هذه المجالس يلتقي الكبار والصغار، المسؤولون والمواطنون، ومَن لم تره خلال عام فإنك تراه في أحد هذه المجالس، فهذه المجالس ملتقى الأحبة الذين تجمعهم المودة في هذا الشهر العظيم الكريم الذي يحمل الكثير من العادات الطيبة من كرم وتواصل بين جميع المواطنين وفي جميع محافظاتهم، وتراحم بين الأهل.
إن المجالس الرمضانية في شهر رمضان هي بمثابة مدارس متعددة المناهج، مناهج إيمانية وثقافية واجتماعية، فهي أولاً مجالس تزخر بالترابط الاجتماعي بين المواطنين في مختلف المحافظات، فيلتقي أهل المحرق بأهل البديع، وأهل السنابس بالبسيتين، وأهل الرفاعين يلتقون بأهل مدينة عيسى وضواحيها، والجميع يلتقون في مجالس المنامة وضواحيها. إنه الترابط الاجتماعي بين أبناء البحرين الواحدة بمدنها وقراها ومناطقها، هذا الترابط الذي هو رمز لوحدتنا الوطنية، وتجسيد لتراثنا البحريني العريق الذي يجمع بين أهل البحرين كأسرة واحدة تحت ظل قيادة واحدة. وثانيًا هي منتديات ثقافية وسياسية يتداول فيها الحاضرون مساحات من الأدب والثقافة والفن والسياسة والاقتصاد، ويتداولون فيها مجريات الشأن العام وأحوال البلاد وأخبار العباد. وثالثًا هي منتديات اجتماعية فيها تروى الذكريات وقصص الماضي وأحواله وبطولات رجاله التي تحلو بها المجالس. في هذه المجالس يلتقي المسؤولون بالمواطنين وفيها يتعرفون على هموم وقضايا المواطنين، فهي بمثابة أبواب مفتوحة لا تغلق للبحث والحوار بين المسؤولين والمواطنين.
إن مجالس رمضان تجسد الهوية الوطنية والتراثية والثقافية لأهل البحرين بما فيها من العادات والتقاليد الأصيلة لشعبٍ عربي منذ أزل التاريخ بهوية واحدة، ومع تعدد أديانه ومذاهبه فإن أهل البحرين في مدنهم وقراهم ومناطقهم يعيشون على صرحٍ من المحبة والولاء لبلادهم وقيادتهم الرشيدة الحكيمة. فهي مثال للتآلف والتراحم والتماسك الوطني والإنساني، ومحرك فاعل لتوطيد العلاقات بين الأبناء والآباء والأجداد وكل أفراد المجتمع، وما يحدث فيها من أحاديث ونقاشات تعكس مدى وعي وتحضر الشعب البحريني بمختلف فئاته، فالمجالس في شهر رمضان واحات للتواصل وتبادل الآراء، والاتفاق والترابط بين الشعب البحريني الواحد الذي وهبه الله نعمة المحبة والتواصل والتسامح.
إن اعتزاز القيادة السياسية بهذه المجالس لا يختلف إطلاقًا عن مواطنيها، فمع إطلالة اليوم الأول لشهر رمضان المبارك أقام صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد مأدبة إفطار حضرها صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء وصاحب السمو الملكي ولي العهد وكبار أفراد العائلة الحاكمة، كما استقبل جلالته في اليوم الرابع من شهر رمضان كبار المسؤولين في الدولة وسفراء الدول الشقيقة والصديقة.
وكذلك الزيارات التي بدأها صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء الموقر وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس الوزراء لمجالس المسؤولين في الدولة والأعيان، حيث أكد صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء في هذه الزيارات (أن شهر رمضان فرصة لتعزيز قيم الترابط الاجتماعي التي نعتبرها سر قوتنا، ونتطلع دائمًا ونؤكد أن يكون التواصل الاجتماعي طوال السنة لأثره على الصعيد الوطني). إن حرص القيادة السياسية على زيارة المجالس الرمضانية يعكس عادات التواصل والترابط العربية في المجتمع البحريني، ويرسخ مبادئ التعاون والإخاء بين جميع المواطنين وفي تعزيز الوحدة الوطنية في بحرين التآخي والتعايش بين مَن يعيش على ترابها. إن المجالس الرمضانية المباركة تمثل جانبًا مضيئًا من تراثنا الوطني ويجب علينا جميعًا  المحافظة عليها والعناية بها، وترسيخ أهميتها وقيمتها في نفوس شبابنا، فهي من جانب تعمل على تجمع المواطنين بعد فراق عام، ومن جانب آخر فهي تعكس ثقافتنا الاجتماعية وتعزز أسرتنا الوطنية. مجالسنا الرمضانية تشهد حضورًا مكثفًا في جميع محافظات البحرين ويحضرها وزراء وأعضاء الشورى ونواب وسفراء وشخصيات اقتصادية ورجال الأعمال وأدباء وشعراء وكتاب الصحافة المحلية، وبحضور هذا الكم الإنساني الوطني المتنوع فإن هذه المجالس تشهد نقاشات متعددة ومتنوعة في كل القضايا التي تشغل اهتمامات الرأي العام البحريني بجانب الأحداث الجارية على الساحة العربية والإقليمية والدولية.
إن المجالس البحرينية الرمضانية ستظل قائمة كأحد الموروثات الثقافية والاجتماعية التي توارثها الأبناء عن الآباء والأجداد، وستبقى رمزًا لقيمنا الوطنية والتلاحم بين المواطنين بما يحافظ على النسيج الاجتماعي. وخصوصا في هذا الشهر الكريم شهر التراحم والتواد والتواصل بين البعيد والقريب.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .