العدد 2802
الخميس 16 يونيو 2016
banner
استغلال الدين للترويج للجمعيات السياسية المتطرفة
الخميس 16 يونيو 2016

تفضل صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد بإصدار قانون رقم (13) لسنة 2016م يقضي بتعديل بعض أحكام القانون رقم (26) لسنة 2005م بشأن الجمعيات السياسية، ويحظر القانون الجديد الجمع بين العمل الديني في الوعظ والإرشاد والخطابة (ولو بدون أجر) وبين ممارسة العمل السياسي في الجمعيات السياسية في جميع مستوياته التنظيمية والإدارية. ويأتي ذلك بعد أن أقر مجلس النواب في جلسته يوم 17 مايو 2016م (بصفة الاستعجال) مشروع قانون بشأن تعديل قانون الجمعيات السياسية الذي يحظر الجمع بين العمل في المنبر الديني والسياسة. كما أن إصدار هذا القانون جاء بعد أن أصبح التعديل الذي جاء به القانون رقم (34) لسنة 2014م بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم (26) لسنة 2005م بشأن الجمعيات السياسية والذي (حظر على الجمعيات أن تستخدم المنبر الديني للترويج لمبادئها أو أهدافها أو برامجها كمرجعية لها) بأنه بات تعديلاً غير  كاف، ويحتاج إلى إضافة تشريعية أخرى لمنع استغلال الدين وتأويل أحكامه لخدمة مصالح هذه الجمعيات وفئاتها بعيدًا عن مقاصد الشريعة السمحاء، ومنعًا لإساءة استغلال الأديان والمذاهب والزج بها في معترك السياسة. كما أنه جاء تطبيقًا مع مخرجات حوار التوافق الوطني والتعديلات التي أجريت في عام 2014م لفصل العمل في المنبر الديني عن ممارسة العمل السياسي.
هذا القانون لم يأت ضد أية ممارسة دينية شرعية، وعلى الجميع أن يعلم بأن هذا القانون:
1.    لا يعد فصلاً بين الدين والدولة، فمملكة البحرين دولة مدنية عربية دينها الإسلام، وتعتني أيما اعتناء بالديانات السماوية والدنيوية الأخرى، فالدين الإسلامي هو هوية البحرين ودين أكثرية شعبها مع عدم إقصاء أو تهميش الديانات الأخرى ومعتنقيها. ونصت المادة (2) من دستور مملكة البحرين وتعديلاته (2012م) على أن (دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيس للتشريع، ولغتها الرسمية هي اللغة العربية).
2.    لم يأت ضد أئمة وشيوخ الدين، فالقيادة السياسية والدولة تعتز بشيوخ الدين وتفتخر بدورهم الديني والمجتمعي. فدورهم مُكمل لأدوار باقي أفراد المجتمع في تنمية المجتمع وتطويره وتحريره من التطرف الديني. كما أن تاريخ شيوخ وعلماء البحرين الوطني والديني مشهود، وأن احترامهم وتوقيرهم هو نهج أصيل وثابت لقيادتنا السياسية.
3.    لا يمنع أية ممارسة دينية مُعينة، أو شعائر مذهبية. بل يمنع استغلال الأشخاص للدين والمنابر الدينية للترويج للأفكار السياسية والتنظيمات السياسية المتطرفة التي تناهض عملية الإصلاح السياسي في البحرين، ومن أجل تطهير هذه المنابر وتنقية مذاهبنا الدينية من كل براثن السياسة المعادية والطائفية المذهبية، ومنعًا من تحقيق المنافع الشخصية من هذه المنابر وإصدار الفتاوى التي لا تتفق مع أصول الشريعة الإسلامية والتي تتحكم في العمل السياسي. وقد نصت المادة (23) من دستور مملكة البحرين وتعديلاته (2012م) على أن (حرية الضمير مطلقة، وتكفل الدولة حرمة دور العبادة، وحرية القيام بشعائر الأديان والمواكب والاجتماعات الدينية طبقًا للعادات المرعية في البلد).
4.    لمنع طأفنة العمل السياسي، وإنقاذ المنابر من استغلال البعض لها للترويج للأفكار والتنظيمات السياسية التي ينتمي إليها هؤلاء الذين يتفاخرون بالإساءة إلى البحرين وقيادتها وشعبها في الداخل والخارج.
5.    لعدم شق الوحدة الوطنية من قبل التنظيمات ذات الصبغة الطائفية التي تعمل بالسياسة. ولفك ارتباط المذاهب الإسلامية بالتنظيمات السياسية والدينية المخالفة لأحكام الدستور والقانون.
إن الجمع بين اعتلاء المنبر الديني وممارسة العمل السياسي له أثره السلبي في تأثير شيوخ الدين بتوجههم السياسي، كما أن اعتلاء المنابر الدينية لا يكون إلا بموجب ترخيص من وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، كما أن الجمع بينهما له مخاطر سياسية وطائفية وما يمثله من تحدٍ لمفاهيم المواطنة والديمقراطية وسيادة القانون. فمبادئ التعايش السلمي والإنساني لا تسمح لأحد بأن يُنَصِب نفسه وصيًا على خيارات المواطنين الحياتية والدينية والديمقراطية باسم الدين أو المذهب.
إن هذا القانون الجديد لا يمنع شيوخ الدين من العمل السياسي أو تولي المناصب القيادية في الجمعيات السياسية، فالقانون يُخيرهم بين العمل على المنبر الديني أو العمل السياسي، لكن الجمع بينهما بات محظورًا بتاتًا. ومن الواجبات الأولى للمواطنة هو واجب واحترام حُكم القانون وسيادته، فهو السبيل لحماية وصون حريات وحقوق جميع المواطنين في إطار من الوحدة الوطنية تحت ظل قيادة سياسية شرعية واحدة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية