العدد 2805
الأحد 19 يونيو 2016
banner
قانون الإعلام
الأحد 19 يونيو 2016



يظل القانون هو المفتاح الذي من خلاله تستطيع الدخول والتعرف على تفاصيل أي قطاع أو مجال، كما أنه لا يعكس فقط مدى التقدم والتطور في هذا المجال، بل يشكل عونًا رئيسًا لهذا التقدم والتطور، ولهذا فإن غياب القانون المنظم يعني خللاً واضحًا وثغرة واسعة تجلب معaها مضار وسلبيات عديدة.
وعلى الرغم من أن الإعلام رسالة أخلاقية إنسانية ثقافية علمية، تهدف إلى تعزيز الديمقراطية والحرية ونقل الأحداث وتحليلها بموضوعية، وتزويد القارئ والمشاهد والمستمع بالمعرفة والثقافة والإثراء الفكري، إلا أن مهنة الإعلام عمومًا تعيش حالة من الانفلات والفوضى منبثقة عن غياب المهنية الإعلامية، التي تُبنى على علم ومبادئ وأصول وقيم تضاءلت في ظل التقنيات الحديثة في صناعة الإعلام، والتي وإن كانت انعكست بالإيجاب على توسيع مناخ الحرية، إلا أنها انعكست سلبًا على المهنية والأخلاق الإعلامية شكلاً ومضمونًا.
وفي ظل هذا الوضع يصبح وجود القانون ضرورة ملحة لتنظيم وضبط قواعد وأخلاقيات ممارسة المهنة ومواكبة التطور والتقدم الهائل في تكنولوجيا الاتصالات وما أدى إليه من تطور في حجم الوسائل الإعلامية المعاصرة بجميع أنماطها وأنظمتها.
إن أخلاقيات مهنة الإعلام مرتبطة أشد ما يكون الارتباط بالقانون والتشريع، كما أنها مرتبطة أيضًا بأخلاقيات الممارسة على الأرض، والتي قد لا يكون للمشرّع بإزائها دور كبير، فسياق ممارسة الإعلام يضم أربعة حدود أو محددات أساسية، وأول وأهم هذه الحدود الحد القانوني، والمقصود به القانون باعتباره نصوصًا تشريعية ولوائح تنظيمية، مُدَوَّنة وسارية المفعول نصًّا صريحًا لا يقبل التأويل، ثم تأتي من بعد ذلك محددات أخرى كالأخلاق، والأخلاقيات، وأخلاقيات المهنة.
وإزاء كل ذلك، يصبح من غير المعقول أو المقبول أن يتأخر قانون الإعلام لأكثر من ثلاثة أدوار تشريعية على الرغم من ضرورته الشديدة في تنظيم مجتمع المهنة والحفاظ على الحقوق الشخصية، ويجب أن يكون هذا القانون الذي ننتظره موجودًا وبأسرع وقت ممكن ويتم تطبيقه، خصوصًا في ظل المتغيرات الكبيرة التي نعيشها الآن، والتباطؤ في إصدار هذا القانون يعني استمرار حالة من عدم السيطرة بل من التوهان أيضًا وعدم الوضوح في المجال الإعلامي، والتي يصعب فيها تحديد المسؤوليات والحقوق والواجبات لجميع أطراف العلاقة الإعلامية.
إن مسلسل تبادل الكرة بين السلطتين التنفيذيتين والتشريعية يجب أن يتوقف ويجد له مخرجًا ملائمًا ومرضيًا لطموحات الصحافيين في قانون عصري ومرن ومستنير يستفيد من حرية الرأي والتعبير التي أتاحها المشروع الإصلاحي لعاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ومن الدعم اللامحدود الذي يوليه رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة للصحافة والصحافيين، وقانون محفز على التطور والإبداع والتفكير ومواكب للطفرة الإعلامية الجديدة وضامن لحق الوصول إلى المعلومات وإتاحتها للجميع وتمكينهم من التعامل بفهم ووعي مع وفرة المعلومات المتاحة من حيث الكم والنوع مع حسن استخدامها.
إن الوصول لهذه الغاية والتوصل إلى صيغ مناسبة تحقق الهدف المنشود يتطلب التحاور والجلوس بين المعنيين بالقانون سواء كانت سلطة تنفيذية أو تشريعية أو من لهم علاقة بالقانون وهم أبناء الحقل الإعلامي، فالمبادئ الحاكمة والمنظمة للمهنة لابد أن تكون نابعة من الإعلاميين أنفسهم حتى يستطيعوا الالتزام بها؛ لأنها أولاً وأخيرًا تعبر عن ضمائرهم المهنية، ولذلك فهم الأقدر على تصور مشكلاتهم وكيفية مواجهتها.
وهنا ننوه أيضًا إلى أن للأكاديميين دورًا مهمًّا في هذا المجال من خلال تقديم وجهات نظر وأطروحات ودراسات علمية للقيم المجتمعية والثوابت التي يقوم عليها المجتمع، وعلاقة وسائل الإعلام بالمجتمع والتطور الثقافي للمجتمع، حتى لا يصبح القانون مجرد استنساخ لقوانين يتم تطبيقها في دول أخرى تختلف في تطورها وطبيعتها عن البحرين.
وفي النهاية، فإن الإعلامي يجب أن يعمل في جو وإطار يحميه، وأن تعرف كل مؤسسة ما لها وما عليها، والقانون هو وسيلة تحقيق ذلك، فمتى يصدر هذا القانون؟

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .