العدد 2809
الخميس 23 يونيو 2016
banner
ماذا استفاد الشعب من الجمعيات السياسية؟
الخميس 23 يونيو 2016

تأسست الجمعيات السياسية جميعها بفضل المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، واعتمادًا على النص الدستوري الذي أقر بتشكيل هذه الجمعيات لتكون شريكًا وسندًا للمشروع الإصلاحي، لكنها جاءت بما لا يشتهي المشروع الإصلاحي وتطلعات المواطنين، وانحرفت هذه الجمعيات من دينية وقومية ويسارية والتي بدون هوية عن الهوية الوطنية الجامعة ولم تتمسك بالوحدة الوطنية، وبدلاً من أن تعمل من أجل مصلحة الوطن أصبح تحركها من خلال أجندة طائفية؛ هذه الجمعيات التي ربطت نفسها بالمذاهب الدينية وحاولت أن تجر معها مشروع النهضة السياسي البحريني في ظل أتون هذه المذاهب التي تصارعت من أجل أن تحصل على مكاسب تمكنها من أن تحقق أجندتها من خلال طعن مشروعية العمل السياسي الذي أتاحه لها المشروع من جميع الجهات، لا مهتمة بالنتائج ولا مُبالية بها.
الشعب البحريني المؤمن بالمشروع الإصلاحي لجلالة الملك ماذا استفاد من هذه الجمعيات السياسية؟ هذه الجمعيات التي نالت مقاعد في مجلس النواب والمجالس البلدية ماذا حققت للشعب البحريني؟ وماذا نال منها المشروع الوطني الإصلاحي؟ وهل كانت سندًا فعليًا للمشروع الإصلاحي؟ أم عبئًا عليه؟ أم أنها خرجت عن سياق المشروع الإصلاحي وأبحرت في عناوين غير وطنية ومذهبية مضللة من أجل خدمة أغراضها وأسباب تأسيسها؟
ومَن قرأ المشروع الإصلاحي من ألفه ليائه يدرك أنه نهج وطني أصيل وذو ثوابت ديمقراطية، لم يكن ضد مسار العمل الوطني ولا ضد تطلعات وآمال المواطنين، ولم ينتهج الطائفية، ولم يقف ضد تكوين الجمعيات السياسية أو ضد الانضمام إليها، ولم يتركها لوحدها، بل أحاطها وبحق الانضمام إليها بمجموعة من الضوابط والإجراءات التي تنظم ممارستها، ولتؤصل شرعيتها السياسية وبما يضمن عدم انحرافها، الانحراف الذي أدخلها الطائفية وأبعدها عن الهوية الوطنية وأسس المواطنة باسم الشعب الذي ابتلي بها وذاق الأمرين منها، ولم تحترم حُكم القانون وسيادته باعتباره حجر الزاوية لدولة المؤسسات وصائنًا للحريات والحقوق، وتمنى صادقًا الخلاص منها إن عاجلاً أو آجلا، لأن هذه الجمعيات السياسية بأعمالها ومسيرتها السياسية فقدت شرعية وجودها على خارطة المشروع الإصلاحي، ولم يكن لوجودها أي إطار من المشروعية السياسية، بعد أن أصبحت يقينًا مخالفة لأحكام نشأتها ووجودها على خارطة المشروع الإصلاحي ونأت نفسها عنه إلى حد تعريض البحرين إلى الاضطراب والقلاقل والتحريض على العنف وممارسته علنيًا.
نعم، كان الشعب البحريني يأمل أن تؤدي الجمعيات السياسية بجميع أطيافها السياسية والدينية دورها في تحقيق أهداف مشروع الإصلاح الوطني وترسيخ مبادئ الأمن والسلام الاجتماعي والوحدة الوطنية، لكن من المُحزن جدًا أن ذلك لم يتحقق؛ والذي تحقق أن هذه الجمعيات جميعها مارست العمل السياسي بعيدًا عن الضوابط والآليات التي تنظم ممارسته، كما أنها انحرفت كثيرًا عن مبادئ تكوينها. ورغم التنبيهات المتكررة من قبل وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف والجهات المعنية للقائمين على إدارة هذه الجمعيات وطلبها إليهم تعديل مسار جمعياتهم وتصحيح ممارساتهم السياسية وفقًا للقوانين المتبعة للعمل السياسي في مملكة البحرين إلا أنها لجأت إلى ممارسة أنشطتها وفقًا للكيفية التي ارتأتها لا وفقًا لتلك القوانين والأنظمة والضوابط الشرعية.
وتوافقًا مع نزاهة التشريعات ولتحقيق مشروعية القوانين الصادرة في مملكة البحرين فقد أجريت الدولة في عام 2014م تعديلات على قانون الجمعيات السياسية بما يضمن لها مساحة أكبر من العمل السياسي وأن تضمن لها السلامة من المسار اللاوطني، هذا المسار الذي يؤثر على توجيه العمل السياسي للجمعيات السياسية، والذي أدخل البحرين وشعبها العديد من الأزمات السياسية. وكان من أبرز هذه التعديلات (ألا يكون للجمعية السياسية مرجعية دينية من خارج الجمعية تهيمن على أمورها). ومع التعديلات الجارية والموازية لأهداف ورؤية المشروع الإصلاحي وتطلعات المواطنين إلا أن هذه الجمعيات فقدت اتجاه العمل السياسي الصحيح وفشلت في تنظيم علاقاتها مع أعضائها على أساس ديمقراطي أولاً، كما فشلت في التواصل الصحيح مع المشروع الإصلاحي وفي تطلعات المواطنين وآمالهم.
نقول ونثق بأن هذه الجمعيات السياسية وبعد (15) سنة من ممارسة العمل السياسي غير الواضح والمتعثر وصلت إلى سِن اليأس في ممارسة العمل السياسي، وتحتاج إلى صحوة لكي تستطيع أن تلتزم بمبادئ وأهداف ما تأسست عليه، وأن تصقل أجندتها بالهوية الوطنية والمواطنة التي أتى بها المشروع الإصلاحي الوطني، وأن تنقد نفسها من الانحراف الذي أبعدها عن البلاد والعباد.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية