العدد 2816
الخميس 30 يونيو 2016
banner
سيادة القانون
الخميس 30 يونيو 2016

إن دور الدولة ممارسة سلطاتها السياسية والاقتصادية والإدارية وفق قوانين مكتوبة وصادرة وفقًا لإجراءات قانونية تتفق مع دستورها، والغرض من سيادة القانون هو تحقيق مبدأ الحماية للدولة وشرعيتها وحماية جميع المواطنين من أية انتهاكات خارجية وداخلية. القانون وسيادته لابد أن يكون بالمجتمع الذي يحتاج إلى أربع قواعد أساسية، فالقانون يحتاج إلى (دولة وقانون ومؤسسات ومواطنين)، دولة تقوم بإصدار القانون بصورة تشريعية، وقانون معتمد على أصول ولوائح دستورية مبدئية صحيحة، ومؤسسات تسهر على تطبيق القانون وتنفيذه وتعديله من وقتٍ لآخر بما يتفق مع التطورات والأحداث، ومواطنون يلتزمون بهذا القانون. وعلى الجميع من دولة ومؤسسات ومواطنين الالتزام بهذا القانون، ومَن لا يلتزم بقانون بلاده ونهجها التشريعي عليه تحمل مسؤولية كل عمل يقوم به دون مسوغ قانوني. فالقانون كما قال “مونتيسيكيو” (القانون يجب أن يكون مثل الموت الذي لا يستثني أحدا).
وسيادة القانون ليست مبدأ جديدا، فقد دعا إليها أرسطو كنظام من القوانين المتأصلة في النظام الطبيعي، وتحدثت عنه الفلسفة الصينية القديمة الخاصة بالتقيد بالقوانين التي تتعلق بسياسة إدارة الدولة، ويتركز المفهوم الصيني لسيادة القانون حول التعزيز من سلطة الدولة على الأمة، التقليد الأنكلو أميركي اعتبر حماية بوجه الاستبداد ووسيلة لفرض القيود على سلطات الحكومة. فمع اختلاف صياغة هذه المعاني إلا أن سيادة القانون في هذه الدول وكل دول العالم معنية بحماية الدولة ومواطنيها. ويقصد بمبدأ سيادة القانون (احترام القواعد القانونية الصادرة من كافة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، واحترام الأفراد الذين تتكون منهم الدولة، سواء كانوا حُكامًا أو محكومين لقواعد عامة موضوعة مُسبقًا). والاحترام يعني الالتزام بتنفيذ كل ما يَصدر من السلطة التشريعية ولوائحها من قرارات وأحكام، وهذا الالتزام هو واجب على المسؤولين والمواطنين والمقيمين، وتخضع تصرفات الجميع من دولة ومواطنين لحُكم القانون الضامن لحقوق الجميع وبما يضمن لهم العدالة. وأكد إعلان نيودلهي الصادر عن المؤتمر الدولي لرجال القانون المنعقد في الهند سنة 1959م مضمون سيادة القانون بأن دولة القانون هي (دولة تؤكد المساواة بين المواطنين في التزامهم بقانون يُنظم العلاقات الاجتماعية ويَحمي القيم والمبادئ الأساسية(.
 فالقانون ليس في شكله أو وجوده بل بتنفيذه داخل المجتمع بما يُحقق العدالة والمساواة بين جميع المواطنين ويكفل لهم جميع حقوقهم الإنسانية، وهذا يتفق مع ما جاء في تعريف ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948م لمفهوم سيادة القانون.
وأهم ما جاء في مبدأ سيادة القانون أن يُعامل جميع المواطنين بالتساوي، فلا فرق بين غني وفقير، ولا بين وزير وموظف، لأن القانون ذو سيادة أعلى من الجميع، ودولة القانون هي التي يجب أن يكون جميع أفرادها بكياناتهم وأديانهم ومذاهبهم ومناصبهم متساوين أمامه، ويقف كل من يخرق القانون منهم أمام القضاء ويُحاكم بنفس القانون الذي وضع القواعد السلوكية للمواطن وحمايته، وحدد ما هو مسموح وما هو ممنوع، وبنفس القانون الذي سنت قواعده لكي تحفظ على الدولة وعلى المواطن وعلى المجتمع الذي يعيش فيه، فعلى الرغم من أن مواد القانون مُلزمة ومُقيدة إلا أن على الجميع الالتزام بها لمصلحته ومصلحة مجتمعه وبلاده، فبالقانون وسيادته يمكن للمواطن أن يعيش حياة آمنة ومنظمة وفي سلام دائم مع أفراد مجتمعه.
لابد أن ندرك جميعًا أن وظيفة القانون ليست معاقبة المخالفين وردعهم، بل وظيفة القانون حماية الدولة ومواطنيها، فالقوانين تُسن في جميع مجالات الحياة من أجل تحقيق المساواة البشرية والكرامة الإنسانية، ولن يؤدي القانون وظيفته إلا بتطبيقه. وتنص المادة (18) من دستور مملكة البحرين وتعديلاته 2012م على أن (الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة).  

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية