العدد 2822
الأربعاء 06 يوليو 2016
banner
شهداء الوطن أكرمُ منا جميعًا
الأربعاء 06 يوليو 2016

في هذه الأيام والمواطنون ينتظرون مَقدم عيد الفطر السعيد بكل فرحة ويودعون شهر رمضان المبارك، في هذه الأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك ودعت مملكة البحرين وشعبها في يوم السبت بتاريخ 2 يوليو 2016م إحدى بناتها (فخرية مسلم). الشهيدة الراحلة ذات (42) عامًا تعمل في سلك وزارة التربية والتعليم معلمة لمادة اللغة العربية بمدرسة النور الثانوية للبنات بمدينة عيسى، واستشهدت في مساء يوم الخميس بتاريخ 30 يونيو 2016م أثناء مرور سيارتها بالقرب من حادث التفجير في منطقة العكر الشرقي على شارع الشيخ جابر الصباح، وجرح مَن كان معها في الحادث، والراحلة أم لثلاثة من الأبناء وبنت واحدة أصيبت في الحادث إصابات متفرقة، كانت قبل رحيلها تعمل على إنهاء تجهيز ملابس العيد لأبنائها إلا أن هذا الحادث لم يمهلها عدة أيام أخر كي تفرح مع أبنائها وشعبها بقدوم العيد، وكان نبأ رحيلها صدمة كبرى على عائلتها وأبناء قريتها ووطنها وعلى طالباتها اللاتي أحببنها كثيرًا كإنسانة ومعلمة.
في شهر رمضان المبارك تمنينا أن نعيش استراحة ولو صغيرة بعيدًا عن العبث بهذا الوطن ومقدراته وشعبه، تمنينا أن يكون شهر رمضان شفيعًا لنا للخلاص من الحوادث المضادة ضد البلاد وشعبها، تمنينا أن تعيش البحرين وشعبها في هذا الشهر الكريم في مناخ من الأمن والاستقرار، لكن البلاء أبى إلا أن يُلاحقنا ويتبعنا أينما كنا ونكون، بلاء لا يريد منا أن نعيش في أمن واستقرار، وكيف يتحقق لنا الأمن والاستقرار وهناك من يحرك سلاح العنف ومادة الإرهاب؟ وكيف يتركوننا آمنين نعيش بسلام وقد جعلوا من أنفسهم أوصياء علينا وعلى حياتنا؟ نحن أهل البحرين نحتاج إلى مخزون من القوة ومن القدرة على تحمل كل ما يحدث لنا، كان علينا أن نستعد للعيد ونعمل على إعداد تجهيزاته ومستلزماته، لكن لم نكن نعلم بأننا سنبكي في العيد ونتألم على فقدان بعض الأحبة الذين لن يشاركوننا فرحتنا في العيد.
هذا العمل الذي يتنافى مع كل القيم والمبادئ الإنسانية وتعاليم الأديان السماوية والدنيوية إدانته من الجميع في البحرين ومن خارج البحرين، حيث أدانه ملوك وأمراء ورؤساء الأقطار الخليجية والعربية والغربية وحكوماتها، وجميع العرب في أقطارهم، والجميع من دول وشعوب ومنظمات دولية وحقوقية آزرت مملكة البحرين وشعبها في إدانة هذا العمل المُفجع، ودعم هؤلاء جميعًا وأيدوا ما يتخذه صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد ومجلس الوزراء برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة ومساندة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس الوزراء من إجراءات للحفاظ على الأمن والاستقرار، وأكدوا جميعًا مساندتهم الجهود التي تبذلها مملكة البحرين لوقف التدخلات الخارجية في شؤون البحرين الداخلية، والقضاء على كل أشكال التطرف والعنف والإرهاب، ومواجهة كل من يمس أمن البحرين واستقرارها والنيل من وحدة نسيجها الوطني.
لقد كانت الراحلة (فخرية مسلم) تحمل الكثير من الآمال والتطلعات كأبناء شعبها، تأمل بأن تعيش البحرين في أمن واستقرار، وتتطلع في أن ينتشر السلام بين ربوع بلادها، وكانت تربي أبناءها على حُب البحرين وتغرس الولاء في قلوب أبنائها، وكانت تحلم بأبنائها وقد أصبحوا كبارًا ليشاركوا مع غيرهم من المواطنين في تنمية بلادهم البحرين، كانت معلمة رائدة في مدرستها، ومربية فاضلة في بيتها، تسهر بدون كلل ولا ملل على راحة أسرتها، تلبي طلباتهم وترسم البسمة على شفاههم. إنها مثال المرأة البحرينية والنموذج العربي الذي يحتذى به، لقد رسمت طريقها بحُب البحرين، ورحلت وهي مؤمنة بأن الحق سينتصر وسيهزم العنف، ولن يجد الذين ضلوا طريقهم مكانًا يعيشون فيه على أرض البحرين. احتضنت أرض بلادها جثتها، وصعدت روحها إلى السماء راضية مرضية لتقابل ربا كريما طالبة من العلي القدير أن يهدي الجميع على الصراط المستقيم، ومن المكان المبارك الذي تبوأته في الجنة تدعو لنا الشهيدة الراحلة بأن يُرفرف على البحرين نعيم الأمن ويهفو على ترابها نسيم الاستقرار وعلى شعبها حياة التسامح والمحبة والمودة تحت ظلال رحمة الله الواسعة.
إن الوحدة الوطنية وتماسك شعبنا البحريني الأصيل خلف قيادته الشرعية وحكومته الرشيدة ستعمل بإذن الله تعالى على اجتثاث بذور الفتنة من أرضنا العربية، وبوحدتنا سنغلق مكامن التشويش دوليًا على بلادنا لأجندات طائفية، وبتماسكنا سننقذ شبابنا وأبناءنا من مستنقع الطائفية والانقسام، وأن نعيش جميعًا مع اختلاف دياناتنا ومذاهبنا على روح التسامح والتعايش السلمي وهي الحياة التي اعتادها البحرينيون والنهج الذي رسخته القيادة الرشيدة التي تنبذ وتحارب العنف والفتنة والطائفية. رحم الله شهداء البحرين، وحفظ الله البحرين وقيادتها وشعبها من كل مكروه.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .