العدد 2823
الخميس 07 يوليو 2016
banner
الإرهاب الأعمى
الخميس 07 يوليو 2016


 
لا أحد يعرف على وجه التحديد ماذا تريد هذه الزمرة الحاقدة من اقتراف جرائمها البشعة في اقدس البقاع وأطهرها على الإطلاق. وقد بلغ إرهابها الأعمى ان استهدف قبل ايام الحرم النبوي الشريف ومأوى نبيّ الإسلام محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم. وتزامن هذا العمل الدنيء مع تفجيرين آخرين في المملكة العربية السعودية في منطقة القطيف وجماهير المسلمين كانت تؤدي صلاة المغرب. واختار هؤلاء الحاقدون تنفيذ جريمتهم في آخر ايام الشهر الفضيل وفي اشرف بقعة غير مراعين حرمة الشهر ولا حرمة المكان.
وكانت بغداد قد شهدت في وقت مبكر من صباح يوم الأحد الفائت واحدا من اعنف التفجيرات في حي الكرادة المكتظ بالسكان وأودى بحياة اكثر من مئتي شخص. وتشير الدلائل الى انّ احد الأسباب لكارثة بهذا الحجم استشراء الفساد في مفاصل الدولة العراقية بحيث امتدت اياديه القذرة الى الابرياء ممن كانوا يتأهبون الى استقبال عيد الفطر المبارك.
ورغم الاستنكارات الدولية من الدول والمنظمات الإنسانية لمثل هذه الاعمال الخارجة على كل الاعراف الانسانية الاّ انّ هناك خشية لدى الجماهير من انّ ايدي الاجرام قد تواصل اقتراف آثامها غير عابئة بأعداد الضحايا ممن لا جريرة لهم ولا ذنب.
إنّ استهداف دور العبادة في اعمال الارهاب لا يقره اي دين ويقدم الدليل الدامغ على انّ مرتكبي هذه الاعمال لا يمتون لدين الاسلام بأدنى صلة. ولعل الرسالة التي ارادت هذه الفئة التي لا تحمل اية قيم أو مبادئ ان تبثها هي زعزعة الامن والاستقرار. ترى هل بقيت لهؤلاء الاشرار ذريعة يمكن ان يتستروا بها عندما يستهدفون الآمنين في بيوت الله التي جعلها مثابة للناس وأمناً؟
 كانت لفتة معبرة من أحد رجال الفكر عندما قال في تعليق له على الحوادث الآثمة التي استهدفت الحرم النبوي الشريف انّ هذه الاعتداءات المشبوهة التي تخرج من هنا وهناك تهدف الى التحريض على أمن البلاد والمواطنين. الاعتداءات افتعالية غرضها زرع الشقاق وإشعال الفتنة من اجل زعزعة أمن واستقرار بلاد الحرمين الشريفين ومن هنا فالمسؤولية كبيرة في التعاطي مع اي حدث بالتعقل والحكمة لتفويت الفرصة امام من يسعى للاصطياد في المياه العكرة.
 التفجيرات السالفة في اكثر من موقع تثير بلا شك اكثر من علامة استفهام لعل اهمها طبقا لرؤية أحدهم انّ الضالعين فيها والمدبرين لها ليسوا شخصيات غريبة عن المجتمعات التي عاشوا وتربوا في كنفها لكنهم يعانون من حالة حصار نفسي ومعنوي. اضافة الى انّ الشعور بالدونية يخلق مشاعر مزدوجة من الغيرة والحسد وشعورا مريرا بالكراهية.
 السؤال الذي لابدّ من طرحه في هذه العجالة هو التالي: كيف يمكن اجتثاث هذا الفكر الإرهابي من مجتمعنا؟ الحقيقة انّ الاجابة على التساؤل ليست بالسهولة التي يمكن تصورها نظرا لحجم الظاهرة وتغلغلها في عقول جيل الشباب وما دونهم. لكنّ الذّي هو جدير بالبحث هو انه لابدّ من اجراء دراسات معمقة لكيفية تجفيف منابع الارهاب. نعتقد انّ اجتثاث فكر الارهاب والتكفير ليس متوقفا على جهة لوحدها كالسياسيين – رغم ما يتمتعون به من صلاحيات واسعة - بل لابد من اشراك الجهات الاخرى ونعني رجال الدين، وهؤلاء بدورهم يتحملون القسط الاكبر في توجيه الناشئة بالعمل على تجديد الخطاب الديني وتنقيته مما علق به. إنّ الذّي تأكد طوال السنوات الماضية وعبر العديد من الاعمال الاجرامية انّ الخطاب الدينيّ كان العامل المباشر في انزلاق الشباب نحو تكفير المجتمع. لذا تبدو مهمة اصلاح الخلل ليستلاسهلة لكنها ليست مستحيلة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .